عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2012, 07:22 PM   #2

إدارية



الصورة الرمزية ذوق الحنان
ذوق الحنان متصل الآن

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19786
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 06-04-2024 (12:58 PM)
 المشاركات : 38,298 [ + ]
 التقييم :  123120
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Maroon

اوسمتي
مميز المرئيات والصوتيات وسام شكر وتقدير العطاء مميز الماسنجر العطاء مميز ضفاف حره 
مجموع الاوسمة: 12




السوداني إسماعيل أحمد إسماعيل
بكين 2008: فضية السوداني إسماعيل أحمد إسماعيل في 800 متر عدو
خطوات ثقيلة ، بطيئة ، غير عابئة ، تبدو عليها الهزيمة المبكرة ، الإحباط ، الاصطدام بواقع مزعج ، واقع المركز الأخير ، قبل 50 مترا من النهاية ، مشاهداً كعداء صاعد في العشرين من عمره حقيقة شراسة سباقات ال 800 متر أمامه دون رتوش ، في سباق اقتناص ذهب تلك المسافة في أثينا 2004 ، الروسي يوري بورزاكوفسكي منطلقاً من المركز الخامس كالسهم إلى المركز الأول ، خاطفاً الذهبية بالتصوير البطيء من الدنماركي – الكيني الأصل ، ويسلون كيبكيتر ، أن تكون في الثالثة و الثلاثين ، بطلاً للعالم وحاملاً للرقم العالمي ، وربما أفضل عداء ل800 متر في التاريخ دون ميدالية ذهبية ، بل إنه تم خطف الفضية منه أيضاً بعد أن حرمه منها الجنوب أفريقي الموهوب موبايلاني ملاودزي.

العداء السوداني الشاب الذي دخل خط النهاية متأخراً بسبع ثواني كاملة عن الذهبي بورزاكوفسكي كان يتابع أنفاس كيبكتير المتلاحقة ، ليس من التعب ولكن في الرغبة في الصراخ ، ثلاث مرات بطلاً للعالم ، حرمان من ذهبية مضمونة في 96 بسبب أزمة جنسيته ، محاولتان أولمبيتان دون نجاح في الجائزة الكبرى ، يرى حياته وقد وصلت لمحطتها الأخيرة ، بسبب روسي كان يسير في ظله طوال الوقت ، صرخة كبيكبيتر المكتومة كانت نقيضاً لليأس الذي شعر به إسماعيل أحمد إسماعيل قبل 150 متراً من النهاية ، مقرراً عدم الدخول في أي منافسة خلال الأمتار الفاصلة النهائية ، حالة الرضا المبكر ، ربما هي رغبته في الاستسلام ، والتي كانت محل انتقاد بعض مدربيه في السابق ، أن ينهي النهائي الأوليمبي الأول له بهذه الخطوات المتمهلة ، وهو الذي لم يكن قد تفرغ تماماً لألعاب القوى قبل ست سنوات فقط من ذلك التاريخ.

قبل خوض تصفيته الأولى في ألعاب بكين كان إسماعيل قد استوعب الدرس نسبياً ، وإن كانت الشكوك قد حامت بشأن فرصه ، بعد عامين متواصلين من الإصابات ، ورؤية أسماء مثل الكيني ألفريد ييجو وهو يصبح بطلاً للعالم في بطولة العالم بأوساكا 2007 ، أو الكندي جاري ريد حامل الرقم الوطني ينتقل من كونه أحد ضحايا نصف النهائي في أثينا 2004 ليصبح وصيفاً لبطل العالم ، موبايلاني ملاودزي يحرز أفضل رقمين للعام في 2006 و 2007 ، مستعداً تماماً لقنص الذهب في بكين 2008 ، منتقلاً من وضع الفضة التي أحرزها في العاصمة اليونانية في تلك الليلة العصيبة.

من ناحية أخرى كان إسماعيل يعلم أنه نجح في خلال سبع سنوات فقط لإخفاض رقمه تسع ثوانٍ كاملة ، في أبرز تقدم حققه عداء سوداني منذ ثمانينات عمر خليفة ، منذ أيام تجاربه الرسمية الأولى في الخرطوم عام 2000 بزمن 1.53.12 دقيقة ، وصولاً إلى أفضل رقم شخصي قبل انطلاق ألعاب بكين بأسبوع واحد ، مسجلاً يوم 29 يوليو في موناكو 1.44.34 دقيقة ، في ضربة سودانية جديدة على منضدة ال800 متر ، بعد إحراز مواطنه المراهق أبو بكر كاكي أفضل أرقام العام عالمياً بأوسلو في يونيو ، مسجلاً 1.42.69 دقيقة.

ابتسامة خفيفة قبل بدء التصفية الأولى في بكين ، بقدر ما من التفاؤل ، على الرغم من علمه بأن رفاقه في تلك التصفية لا يراهنون كثيراً على فرص إسماعيل ، الغائب عن عالم ال800 متر في فترة ما بعد كيبكتير لعامين كاملين ، إلا أنه تجاوز الإسباني الخطير مانويل أولميدا ، ومعه الكندي جاري ريد. ليتأهل إسماعيل لنصف النهائي بثامن أسرع رقم في التصفية الأولى ، والتي سقط فيها المغربي محسن شهيبي رابع ذلك السباق في أثينا ، في مقدمة لمرحلة سقوط الفراشات في المرحلة التالية.

وجد إسماعيل نفسه في أصعب مجموعة تصفية بنصف النهائي ، برفقة مجموعة من أصدقاء الماضي ، منهم ألفريد ييجو ، الذي تغلب عليه إسماعيل شخصياً في بطولة أفريقيا 2006 بموريشيوس ، إلى جانب موبايلاني ملاودزي شخصياً ، ومعه يوسف سعد كامل البحريني – الكيني الأصل ، والذي عاش العام 2008 الرائع ، مسجلاً أفضل أرقامه الشخصية في سباق موناكو – خلف إسماعيل، إلى جانب تسجيل أفضل رقم شخصي داخل الصالات في فالنسيا ، وأخيراً الجزائري نجيم منصور ، والذي انتقل من فشله للتأهل لنهائي بطولة العالم في بكين 2006 إلى إحراز أفضل أرقامه الشخصية في 2008 بملتقى روما.

أظهر إسماعيل ثقة كبيرة خلال التصفية ، محققا تأهلاً تلقائياً في المركز الثاني خلف ييجو بزمن مقنع 1.44.91 دقيقة ، في قفزة ثقة كبيرة تلك الليلة من يوم 21 أغسطس ، خاصة أن مجموعته عرفت تأهل أربعة عدائين منها ضمن أسرع ثمانية أزمنة في نصف النهائي ، لم يكن بينهم موبايلاني ملاودزي ، وهو واحد من ضمن حفلة السقوط إلى جانب بورزاكوفسكي ، والكيني الموهوب بواز لالانج ، وأوليميدا ، والمغربي الخبير أمين لاعلو ، والأهم خروج أبو بكر كاكي نفسه ، في خبر حزين لإسماعيل ، خاصة أن إقصاء كاكي جاء بعد تعثره وفقداته لحذائه ، منهياً تصفيته في المركز الأخير.

ذلك النهائي ليلة 23 أغسطس كان نهائياً استثنائياً بتواجد أربعة عدائين عرب دفعة واحدة ، فإلى جانب إسماعيل وسعد كامل ، ونجيم منصور ، كان الجزائري نبيل ماضي ، والذي انتقل من كونه رابعاً بأفريقيا ، عجز عن الوصول لنهائي أوساكا 2007 ، إلى النهائي الأوليمبي بزمن 1.45.63.

كان تخوف إسماعيل الحقيقي في الكماشة الكينية التي سيشكلها ييجو ومعه الخبير ويلفريد بونجاي بطل العالم داخل الصالات. خامس أوساكا ، أحد أفراد نهائي أثينا الشهير خامس اثينا ، وصاحب رابع أسرع رقم في التاريخ.

لم تكن البداية خارج ذلك السيناريو ، بعد 200 متر كان ييجو يقوم بتحديد إيقاع سباق متحفظ نسبياً ومن خلفه بونجاي ، وكان إسماعيل يراقبهما في المركز الثالث بنفس الإيقاع ، وهو ما أجبر الثنائي الكيني على تسريع الإيقاع بعد الانتهاء من اللفة الأولى ، كان السوداني سليل عائلات دارفور على عكس نهائي أثينا عازماً على البقاء داخل دائرة المقدمة ، بل نجحت خطته في تضييق الخناق على ييجو ، قبل النهاية ب 150 متر ، متجاوزاً إياه ، وخلف بونجاي بمترين ، فيما يبدو أن الأمتار ال100 الأخيرة ستكون نزاعاً بينهما على الذهب.

الأمتار الخمسون الأخيرة كانت واحدة من أفضل قطع ال800 إثارة خلال العقد الأخير ، خطوات بانجوي السريعة كالقطار ، مظهراً قوة تحمل كبيرة ، في مقابل الخطوات الواثقة الطويلة من إسماعيل صاحب ال193 سم ، فيما بدا للحظة أن السوداني بإمكانه اللحاق بالكيني ، صورة مغايرة تماماً لذلك الفتي الذي أظهر استسلاماً مبكراً قبل أربع سنوات ، في الأمتار العشرة الأخيرة ، بدأ الإجهاد ظاهراً على بانجوي ، في الوقت الذي دخل فيه إسماعيل خط النهاية برأسه على أمل خطف ذهبية مشابهة لما شاهده من بورزاكوفسكي ، إلا أن بانجوي نجح في الدخول أولاً بفارق خمس أجزاء من الثانية.

جاثماً على ركبتيه في أنفاس متلاحقة ، ربما فرحة مكتومة بأول ميدالية في تاريخ السودان ، منذ المشاركة الأولى في روما 1960 ، إلا أنه سارع بمساعدة بانجوي الراقد تماماً على الأرض ، بعد تلك النهاية الانتحارية ، متجهاً إلى أنفاق الاستاد الداخلية ، مدركاً أنه كان السبب في إنهاك جسد عملاق كيني اسمه بانجوي، ربما سيتلقى مكالمة تهنئة بعد ساعات من ابن عمه الأسطورة ويلسون كيبكتير ، ربما مرسلاً تحية خاصة إلى فتى سوداني وضعه كيبكيتر نفسه خلفه بسبع ثوانٍ كاملة في آخر لقاء بينهما.





 

رد مع اقتباس