عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2012, 07:48 PM   #10

إدارية



الصورة الرمزية ذوق الحنان
ذوق الحنان متصل الآن

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19786
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 06-04-2024 (12:58 PM)
 المشاركات : 38,298 [ + ]
 التقييم :  123120
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Maroon

اوسمتي
مميز المرئيات والصوتيات وسام شكر وتقدير العطاء مميز الماسنجر العطاء مميز ضفاف حره 
مجموع الاوسمة: 12



سيدني 2000: برونزية الجزائري عبد الرحمن حماد في الوثب العالي

عبد الرحمن حماد

لثواني الثلاث التي استغرقها راقداً على الوسادة الزرقاء الضخمة هي كل ما يحتاجه في الوقت الحالي ، إنها تسمح له بالتفكير بهدوء في طبيعة موقفه بدلاً من الفتك بالعصا الراقدة إلى جانبه ، في الوثب العالي الإخفاق له صوت ، يمكن سماعه على الفور وبوضوح ، عندما تطيح لمسة واحدة من الجسم بالارتفاع المطلوب ، أول محاولة فاشلة على ارتفاع 2.29 متر ، إخفاق آخر يجعل من شاب جزائري فارع الطول مجرد ضيف في قائمة هو يمثل فيها العربي الوحيد بنهائي المسابقة بسيدني 2000 ، إخفاق واحد آخر قد يرسله للمنزل.

في المسافة من ترك الوسادة إلى دكة الانتظار والإحماء، سيكون على عبد الرحمن حماد متابعة مجريات واحد من أشرس النهائيات الأوليمبية لعقود طويلة ، لحين قدوم دوره في المحاولة الثانية على نفس الارتفاع ، متعجباً من التناقض البالغ الذي يتراوح بين شعوره بكونه رجلا يحط على القمر للمرة الأولى وسط مجموعة من أفضل رواد اللعبة خلال التسعينات ، وبين شعوره بألم الابتعاد عن تحقيق إنجاز تاريخي يتجاوز الهبوط على القمر ، أول أفريقي وعربي قد يدخل ضمن دائرة الفوز بميدالية أوليمبية في أي مسابقة من مسابقات القفز أو الوثب ، وهي الدائرة المغلقة المحصورة على مجموعة المدارس الأوروبية والأمريكية و الكاريبية التقليدية.

حماد يجد نفسه في نفس الموقع في لوحة النتائج ، ذلك المسار المتمهل الذي بدأ بتخطٍ ناجح من المرة الأولى لارتفاع 2.20 متر ، تبعه بتخطٍ ناجح آخر من المرة الأولى لارتفاع 2.25 ، ليدخل في الحلقة الأكثر حرارة للثمانية الأوائل من أصل 13 منافسا ، ذلك الإخفاق في 2.29 أدخله في حسابات ليلة قد تكون طويلة من يوم 24 سبتمبر ، لم يشعر معها حماد بالارتياح قليلاً سوى مع إخفاق على نفس الارتفاع للسويدي الواعد ستيفان هولم ، تبعه إخفاق آخر لبطل العالم الروسي فاتشلاف فورونين ، الجزائري القادم من دلس الصغيرة يبدو أكثر ارتياحاً مع سماع صوت سقوط العصا في محاولات الآخرين.

تلك السعادة غريبة الأطوار للاعبي الوثب العالي، والتي تدخل السعادة لقلبه، لسماع إخفاق الآخرين تمتزج بالنسبة لحماد مع شعوره بالاقتراب مجدداً من نجاح رحلته القمرية ، على حساب فورونين ، صاحب أفضل أرقام العام ، والوحيد الذي تجاوز حاجز ال2.40 ، والمرشح الأول لذهبية سيدني ، سماع صوت العصا مرة أخرى وهي تسقط بسبب جسد الروسي يعني تأزم موقعه ، فأمامه محاولة ثالثة وأخيرة ، فورونين قد يكمل حلقة الإخفاقات الكبرى في مسابقة ذلك العام ، والتي بدأت بخروج حامل اللقب الأوليمبي تشارلز أوستن من التصفيات بتجاوزه ارتفاع 2.20 فقط.

مع سقوط ثان لهولم على نفس الارتفاع بدا حماد أكثر حماساً ، خاصة أنه يعلم بداخله أنه مثل فورونين يعيش أفضل أعوامه على الإطلاق ، محققاً قبل شهرين أفضل أرقامه الشخصية، بارتفاع 2.34 في بطولة أفريقيا بالعاصمة الجزائر ، تلك القفزة التي حملته من كونه عاشرا في بطولة العالم بأشبيلية قبل عام واحد فقط ، البطولة التي فاز بلقبها فورونين نفسه ، وهي القفزة التي جعلته مع هولم أكثر الأسماء تطوراً في العامين الماضيين ، وهو الذي حقق فقط في كأس العالم في جوهانسبرج ارتفاع 2.10 ، محتلاً المركز الأخير.

عندما أدرك العربي فارع الطول أن الدور قد حان لإدراك قفزته ، كان يعلم أن نجاح تلك القفزة قد يحمله جزئياً للقمر ، محققاً تفوقاً نهائياً في نهاية الرحلة على هولم تحديداً ، استقرار في المكان ، نظرة للعصا ، وخطوات طويلة من الجهة اليسرى تتيح له ارتقاءا مثاليا ، وتجاوزا ناجحا لارتفاع 2.29 ، دون أن تتحرك العصا من مكانها ، رد الفعل الثابت من حماد فيه نفس القدر من الارتياح ، ولكنه قريب من تلك الفرضية التي تلازم قافزي الوثب الطويل في إمكانية الإخفاق طوال الوقت ، لعبة روليت مصغرة ، جسمك هو أداتها الأساسية.

تجاوز في اللحظة الأخيرة من هولم ، وتجاوز مماثل من فورونين يجبر الجميع على تصعيد الموقف لارتفاع 2.32 ، إلى جانب مفاجأة روسية تسير كالقطار دون توقف اسمها سيرجي كليوجين ثالث أوروبا ، والذي أتى خلف حماد مباشرة في أشبيلية ، إلى جانب النابغة السويدي ستافان شتراند ، وبطبيعة الحال الأسطورة الكوبية خابيير سوتومايور ، حامل الرقم العالمي ، وصاحب أفضل رقم في العالم ست مرات في آخر تسع سنوات ، وصاحب ذهبية برشلونة 92 ، وأيضاً الحاصل على عفو بعد عام كامل من الإيقاف بسبب عينة منشطات في دورة ألعاب الأمريكتين ، سوتومايور الجريح ، الذي اكتفى بمحاولتين ناجحتين فقط طوال الليلة ، على ارتفاع 2.25 متر ، وأول المتجاوزين على الارتفاع الجديد 2.32 ، واضعاً الجوقة في موقف فقدان الجذابية مبكراً ، وفي مقدمتهم حماد نفسه.

سقوط مرتين من شتراند وخروج كامل من فورونين بثلاث محاولات فاشلة ، ومحاولة أولى فاشلة من كليوجين ، كلها مؤشرات تجعل من قفزة حماد المقبلة هبوطا حقيقيا على القمر ، دخول معتاد من الجهة اليسرى بخطوات أكثر جرأة ، تبعها مشاهدة جسم رياضي طوله 189 سم وهو يلتف من فوق العصا في تقنية تجعل من حماد أفضل قافز عربي أفريقي للوثب العالي على مر العصور ، هبوط ناجح دون ضوضاء على الوسادة ، قبضة فرح في الهواء يوجهها لفريقه التقني ، واستيعاب متأخر لأهمية اللحظة ، مع بقاء اهتزاز العصا في مكانها دون سقوط بعد تنفيذ المحاولة ، محاولة تضع الجزائري في المركز الثاني حتى تلك اللحظة.

تجاوز ال2.32 من المرة الأولى لحماد كان موسيقى بالنسبة لألعاب القوى الجزائرية ، على الرغم من تجاوز كليوجين لعارضته في المحاولة الثانية ، وهولم من محاولته من المرة الأولى ، خاصة أن الأخير مازال في جعبته محاولات فاشلة أكثر من الجزائري ، وهو نفس الوضع الذي مر به الكندي مارك بوزويل وشتراند وكونستانتيم ميتوسيفيتش من الكيان الهيوني من محاولتهم الثالثة.

كان التصعيد لارتفاع 2.35 يعني تحديا حقيقيا للجميع ، أو بمعني آخر تحقيق رقم شخصي جديد ، جعل منه كليوجين أكثر صعوبة بنجاحه في المحاولة الأولى ، ليقفز إلى صدارة المسابقة في مفاجأة مدوية ، حتى أضحت المحاولات ال18 التالية للمتنافسين الستة الآخرين واحدة من أصعب سلاسل "حبس الأنفاس" لمسابقة الوثب العالي الأولميمبي على الإطلاق ، قفزة واحدة تعني الصعود مع كليوجين في ارتفاع جديد برحلة الذهب ، أو القنوع بالمركز السابع في ركن النسيان.

حماد من جانبه كان يعيش نفس التناقض بين شعور الغضب مع محاولاته الثلاث الفاشلة ، وشعور بالإخفاق من الآخرين ، خاصة سوتومايور ، الذي وجد صعوبة في تجاوز ذلك الارتفاع ثلاث مرات متوالية ، وهو الوحيد على الكوكب الذي تجاوز قبل سبع سنوات حاجز ال2.45 ، شتراند نفسه يخفق في المحاولات الثلاث ويستقر عند ارتفاع ال2.32 ، نفس الأمر مع أوزيل وميتوسيفيتش ، في الوقت الذي تبقى فيه هولم ، الذي عرف محاولتين فاشلتين من قبل ، وهو ما يعني أن قيامه بمحاولة ناجحة يهديه الفضية وسوتومايور على البرونزية ، خلف كليوجين صاحب التتويج الذهبي ، ويبقى حماد كالملاح الفضائي الذي رأي القمر من مسافة خمسة أمتار دون أن يلمسه ، مستقراً في المركز الرابع ، مع محاولة الفتى السويدي الأخيرة.

ولكن فشل محاولة هولم و سماع سقوط العصا على الوسادة البلاستيكية جعلت بطلها الأول أوليمبياً في الوثب العالي ، العصي على وسائد الوثب العالي قد تحتم ضرورة التفكير في أسباب الإخفاق ، ولكنها في حالة حماد كانت سبباً للهبوط على القمر ، وعلى المنصة لتسلم ميداليته البرونزية .. كل شيء يبدو مختلفاً من أعلى.

شاهد فوز عبد الرحمن ببرونزية الوثب العالي في أولمبياد سيدني 2000


http://www.youtube.com/watch?feature...&v=vXV4XgrYNgY


 

رد مع اقتباس