قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ لبعض جلسائه يوماً:
يا فلان لقد بت الليلة أتفكَّرُ في القبر وساكنه
إنك لو رأيت الميت بعد ثلاث في القبر؛ لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته،
ولرأيت بيتاً تجول فيه الهوام، ويجري فيه الصديد، وتخترقه الديدان، مع تغير الرائحة،
وبلى الأكفان، بعد حسن الهيئة، وطيب الريح، ونقاء الثوب، ثم شهق شهقة خرَّ مغشياً عليه "
وصدق عمر بن عبد العزيز:
فإنك لو نظرت إلى القبر لرأيت منظراً فظيعاً، ستجد لحماً مقطعاً، ودماء تسيل، وصديد يجري، وأشلاء ممزقة، وعظاماً متناثرة، وهوام وديدان تجول بجسد الإنسان. يا له من منظر تقشعر له الأبدان.
وصدق الحبيب العدنان r حيث يقول كما عند الترمذي:
" ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه" (صحيح الجامع: 5923)
وذات يوم شيَّع عُمر بن عبد العزيز جنازة:
فلما انصرفوا تأخَّر هو، فقال له بعض أصحابه: يا أمير المؤمنين: جنازة أنت وليُّها تأخرت عنها وتركتها ؟ قال: نعم. ناداني القبر من خلفي: يا عمر بن عبد العزيز، ألا تسألني ما صنعت بالأحبة ؟ قلت: بلى. قال: خرقت الأكفان، ومزقت الأبدان، ومصصت الدم، وأكلت اللحم،
قال: ألا تسألني ما صنعت بالأوصال ؟ قلت: بلى. قال: نزعت الكتفين من الذراعين،
والذراعين من العضدين، والعضدين من الكتفين، والوركين من الفخذين، والفخذين من الركبتين، والركبتين من الساقين، والساقين من القدمين، ثم بكى. وقال: ألا إن الدنيا بقاؤها قليل،
وعزيزها ذليل، وغنيها فقير، وشابّها يهرم، وحيّها يموت، فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها، فالمغرور من اغتر بها
فقد أخرج الترمذي وابن ماجة عن هانئ مولى عثمان قال:
"كان عثمان t إذا وقف على قبر بكى حتى يبلَّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا ؟ فقال: إن رسول الله r قال:
"إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه فما بعده أشدّ منه" (صحيح الجامع:1684)
يقول الحسن البصري ـ رحمه الله ـ:
يومان وليلتان لم تسمع الخلائق بمثلهن قط:
ليلة تبيت مع أهل القبور لم تبت ليلة قبلها، وليلة صبيحتها يوم القيامة.
أما اليومان: يوم يأتيك البشير من الله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
ويوم تعطى كتابك إما بيمينك وإما بشمالك.
اللهم انا نعوذو بك من عذاب القبر ومن فتنة المحياو الممات ومن فتنة المسيح الدجال...اللهم اجعل اعمالنا خالصة لوجهك الكريم وتب علينا وتجاوز عنا ..واعنا ولا تعن علينا ..انك ولي ذلك والقادر عليه ..