رمضان وسمو المعاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لرمضان معاني سامية ارتبطت معه منذ امتنّ الله به على الأمّة المحمّديّة، فصامت نهاره، وأحيت ليله، إيمانًا واحتسابًا، وتعرّضت فيه لنفحات الرّب الكريم الجواد، وتسامت عن كثير من نوازعها البشريّة، ودافعت شهوات وأهواءً لم تكن تصبر عن فراقها فيما مضى.
ويحسن بنا التّفطّن؛ كي لا نصنع من مسألة الرّؤية والحساب سبب بلبلة، أو سبيلًا لإثارة مسائل مشكلة مشغلة، فالنّص الشّرعي وتطبيقاته واضحة منذ القدم، والانصراف لعمل عميق متين أولى من تضييع العمر في وحل المماحكة، ولجج الجدال في شأن فرعي غيره منه أولى، وقد يحسم بكلمة أو قلم.
ومن أجلى المعاني الرّمضانية أخذ الأمور على ظواهرها، وإيكال البواطن إلى العالم بالسّر وأخفى، فالأصل في المسلم أنّه صائم أو من أهل الأعذار، ولا يصار إلى خلافه إلا بثبوت المخالفة عن عمد وبلا عذر. وبمراجعة أحكام رمضان نلمح فيها التّيسير، ورفع الحرج، ودفع المشقّة، والرّخص، مع ما فيها من عزيمة تؤول إلى التّقوى والصّدق، فما أكمل دين الله، وما أعظم جناية أهل التّحريف بإفراط أو تفريط أو تأويل.
ومن معاني رمضان الأساسيّة أنّ المسلم يصومه، ويحتاط ممّا يشوبه، ويجتهد في الاستزادة من فضائله، ويتحرّى أوقاته بالثّانية، ويفعل ذلك كلّه بدافع تعبدي محض، فما أجمل الحياة وهي تسير في دقائقها وعظائمها وفق مرضاة الله، فلم لا نقبس من رمضان أسمى مراتب الحياة؛ حين نكون عبيدًا لله، فتصبح صلاتنا، ونسكنا، ومحيانا، ومماتنا لله ربِّ العالمين؟!
|