الصـوم وتــأثيـره على النفـس
الصوم يهذب النفس الرعناء، وينمي العواطف.. يقوي المشاعر الحسنة.. ويزكي الإنسانية في الإنسان، فتسود المودة والمحبة والرفق والإحسان.
كل هذه المآثر التي تتجلى على الصائم نعمة من الله وفضل، وصدق الله حين قال في ختام آية الصيام: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
ثمّ إن إعداد الصيام نفوس الصائمين وتوجيهها إلى الله وتقواه يظهر من وجوه أعظمها: أنّه موكول إلى ذات الصائم،
فالصوم سر بين المسلم الصائم وبين ربه لا يطلع عليه إلا الله سبحانه فلولا إخلاص الصائم ومراقبته لله،
ومعرفته اطلاع ربه عليه لما كان له إصطبار عن تناول ما صام عنه،
وفي تكرار الصوم تنمية وتقوية لملكة المراقبة لله،
والحياء منه أن يراه حيث نهاه، وهذه الملكة هي التي إستبدلنا بها ما شاع على الألسنة في عصرنا وسميناه (الضمير)..
هذه المراقبة لله وخشيته وحده متى استقرت عليها الأنفس الصائمة لله ترقباً لسعادة الآخرة تؤهل أيضاً لسعادة الدنيا؛
فمن راقب الله وصام إيماناً واحتساباً عمر قلبه بخشية ربه.
فلم يقدم على غش الناس وخداعهم، ولم يأكل الأموال بالباطل، ولم يحتل على الله لمنع الزكاة أو لأكل الربا، وأموال اليتامى،
ولم يقترب المنكرات سرّاً وعلانية، وبالجملة كان من الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون..
إنّ صاحب هذه المراقبة لا يسترسل في المعاصي، ولا تطول غفلته عن الله وطاعته،
وإذا نسي استهواه الشيطان فاقترف السيئات كان سريع التذكر والرجوع بالتوبة إلى ربه:
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف/ 201).
والصوم يجعل الصائم رءوفاً رحيماً بالفقراء.. سخيّاً بالصدقات.. مؤديّاً للزكوات..
إذ عندما يجوع يتذكر من لا يجد القوت..
هذا موسم للطاعة. فأقبلوا إلى الله واتقوه يصلح لكم أعمالكم.. ويغفر لكم ذنوبكم..
اعقدوا في رمضان ندوات للقرآن والسنة، ويكفي أنّ الله قال في الحديث القدسي:
(الصوم لي وأنا أجزي به).
|