الصداع النصفي مرض مزمن لم يكتشف علاجه
الصداع النصفي يعد من الأمراض المزمنة التي لم يكتشف لها علاج حتى الآن، وهناك عدة نظريات حول أسباب الإصابة بالصداع النصفي، ووفقاً للدكتورة تيسير زين العابدين استشاري المخ والأعصاب بمستشفى القاسمي فإن إحدى هذه النظريات هي نظرية تمدد وانقباض الشرايين خارج أغشية المخ، وهو ما يؤدي بالتالي إلى تدفق الدم بصورة مكثفة وسريعة إلى الدماغ مع ما يصاحبه من شعور بالصداع الحاد، ومن غير المعروف سبب تمدد وانقباض الشرايين حتى الآن.
إذ انه من الممكن أن يكون نتيجة نشاط العصب الخامس أو نتيجة لتغير في الهرمونات وهو مرض عائلي يصيب الأشخاص الذين لديهم تاريخ للإصابة بهذا المرض. كما يصيب النساء اكثر من الرجال وبنسبة تصل إلى خمسة لواحد.
ومن بين الأسباب الأخرى للإصابة بالمرض الإرهاق، قلة النوم، الجوع وهو ما يفسر الشكوى من الشعور بالصداع النصفي خلال شهر رمضان لذا ينصح المرضى بتناول وجبة مشبعة في السحور وتفادي السهر مع أخذ قسط كاف من النوم.
3 مراحل للصداع النصفي
وتشير إلى أن نوبات الصداع النصفى تحدث على 3 مراحل هى ماقبل الصداع نفسه، حيث تحدث لحوالي 20% من المرضى أعراض متعددة مثل الشعور بالنشاط الزائد فجاءة أو العكس تماماً أو الشعور بالاحساسين ويمكن للصداع ان يصيب جانبا من الرأس وحول العين ثم تبدأ مرحلة الصداع نفسه تدريجياً إلى ان يصل إلى أقصى درجة له وتستمر النوبة ما بين 4 ساعات إلى 48 ساعة ويصاحبها عدد من المضاعفات لا يتحمل خلالها المريض الاضاءة الشديدة أو الضجيج أو الحركة لانها تزيد من حدة الصداع.
وفي معظم الحالات يصاحب المريض قئ وغثيان كما تخف حدة النوبة عقب القئ ويشعر المريض انه بحاجة إلى النوم.
وبالنسبة للنساء فإن اضطرابات الدورة الشهرية يمكن ان تؤدي إلى تكرار الشعور بالصداع، حيث ينصح فى هذه الحالة بتناول الفولتارين للتقليل من حدته.
وتضيف انه من الأسباب الأخرى التوتر النفسي والعصبي الناجم عن ضغوط العمل والحياة بصفة عامة كما ان الجلوس لساعات طويلة أمام شاشات التليفزيون والكمبيوتر يزيد من حدة النوبات، ويمثل بعض أسباب الإصابة بالمرض.
كذلك العطور والبرفانات وبعض أنواع البخورالمركزة من شأنها ان تزيد من حدة نوبات الصداع النصفي، أيضاً هناك بعض الأغذية والتي ترتفع فيها نسبة مادة النيرماين والتي توجد في الموز والشيكولاته والجبن خاصة الجبن الأبيض وهي من الأشياء التي تؤدي إلى تكرار نوبات الصداع النصفي وزيادة حدتها.
علاج دائم
وتوضح د. تيسير أنه من المفيد أن يعلم مريض الصداع النصفي انه مرض مزمن لايوجد له علاج شاف والعلاج الحالي يعمل على اتجاهين الأول هو خفض أو تقليل حدة الصداع عند حدوث النوبة الأمر الثاني هو خفض مرات تكرار نوبة الصداع، بحيث لاتتجاوز المرتين شهرياً حتى يتمكن المريض من ممارسة حياته بصورة طبيعية. وأول الاشياء الواجب اتباعها هو تفادي الأسباب والمؤثرات التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة حدة النوبات.
وتختلف أنواع الأدوية المستخدمة مع كل مريض تبعاً لدرجة وشدة نوبة الصداع فبعض المرضى يستجيبون لمخففات الألم مثل البنادول وغيره وهو ما يصنف على انه صداع خفيف فيما يحتاج مرضى آخرون إلى أدوية أقوى مثل البروفين والفولتارين للحالات المتوسطة، أما النوع الثالث من المرضى والذين يتعرضون لموجات صداع حادة فيتعاطون «الارجوماتين» وهذه العقاقير تحد بدرجة كبيرة من الصداع وتزيل الشعور به عقب تناولها بنحو نصف ساعة إلى ساعة.
وتقول دكتورة تيسير إن هناك بعض الآثار الجانبية التى تظهر عند استخدام بعض الأدوية مثل البروفين والفولتارين لذا يفضل ألا تؤخذ إلا بعد تناول الطعام كما يفضل في هذه الحالة تناول أدوية مضادة للحموضة تجنباً للإصابة بالتهابات المعدة والاثنى عشر.
وبالنسبة لأدوية الفئة الثالثة «ارجوماتين ـ الاترباتين» فمن المعروف انها تؤدي إلى انقباض جميع شرايين الجسم لذا يجب عدم تعاطيها من قبل مرضى القلب أو النساء الحوامل لانها تمثل خطورة عليهم وعلى الجنين اذ انها تمنع التغذية عنه وهو مايؤدي دون شك إلى حدوث بعض المضاعفات.
وهناك فئة من المرضى تخضع للعلاج المتواصل لفترات تتراوح بين 3 إلى 6 شهور حيث تظهر النتائج الأولية للعلاج خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع بانخفاض المدة الزمنية للنوبة. ويتم تحديد العلاج وفقاً لكل حالة من قبل الطبيب المعالج.
الابر الصينية
وتوضح د. تيسير أن هناك البعض من المرضى يتجهون إلى العلاج بوسائل أخرى مثل الابر الصينية أو عملية الحجامة ولايوجد ما يمنع من استخدام تلك الوسائل خاصة وان جانبا من العلاج هو الشق النفسي الذي يمثل أكثر من 50% من العلاج ولكن بصفة عامة لاتوجد أبحاث أو دراسات علمية تشير إلى نجاح تلك الطرق فى علاج الصداع النصفي.
وتشير إلى أن التدخين كما هو معلوم ضار في جميع الأحوال ولكن لايوجد رابط بينه وبين الإصابة بالصداع النصفي حتى الآن، ويفضل الامتناع عن التدخين أثناء الإصابة بنوبات الصداع النصفي الحاد.
الصداع التوتري
وتقول د. تيسير انه يجب التفرقة بين الصداع النصفي والصداع التوتري حيث ان الصداع التوتري هو صداع ضاغط يستمر لعدة أيام أو لفترات زمنية أطول ويخضع للحالة النفسية للمريض وللضغوط التى يتعرض لها في حياته اليومية، ومن أعراض الصداع التوتري الاكتئاب أو القلق على المريض وتنحصر أعراضه فى انقباض عضلات الرقبة والرأس، وأهم عوامل علاج مريض الصداع التوتري تتمثل في الجانب النفسي اذ ان غالبية مرضى هذا النوع يعتقدون في إصابتهم بأمراض خطيرة مثل أورام الدماغ.
اختلاف مستوى الهرمونات
من ناحية اخرى ترى د. رحاب طه أخصائية أمراض النساء والولادة بمستشفى دبي ان ارتفاع نسبة الإصابة بالصداع النصفي لدى النساء تعود إلى اختلاف مستوى الهرمونات لدى المرأة خاصة خلال الدورة الشهرية كما ان مستوى تلك الهرمونات يختلف من امرأة إلى أخرى.
وتضيف انه بالنسبة للسيدات الحوامل فإن الإصابة بالصداع النصفي تعود في الأساس إلى اختلاف هرمونات الحمل من فترة إلى أخرى فخلال الشهور الـ 3 أو الـ 4 الأولى من الحمل يفرز جسم المرأة الحامل هرمونات للمساعدة على استمرارية الحمل، ومن بداية الأسبوع الـ 20 وحتى الـ 24 يفرز الجسم نوعية أخرى من الهرمونات عن طريق المشيمة وبدءاً من الاسبوع الـ 24 وحتى نهاية الحمل يفرز الجسم نوعية ثالثة من الهرمونات.
وتحذر من إعطاء الحامل أية أدوية لعلاج الصداع النصفي خلال فترة الحمل وعوضاً عن ذلك يفضل تعديل النظام الغذائي، بحيث يتم تجنب تناول الأطعمة المالحة والامتناع عن تناول أي مشروبات أو أطعمة تحتوي على الكافيين مثل الشاي والقهوة والكولا ومشروبات الطاقة والشيكولاتة، مع الاشراف الطبي لتجنب الأطعمة التي تؤدي إلى رفع ضغط الدم.
خاصة بالنسبة للحوامل ما بين الـ 30 والـ 37 عاماً لانهم الاكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي اكثر من غيرهن ولاتوجد أسباب محددة لذلك.
الساعة البيولوجية
فيما يرى د. رياض جبار أخصائي الأمراض النفسية بمستشفى عبيد الله في رأس الخيمة ان الصداع النصفي يعد من أمراض المنطقة الرمادية التي تشترك فيها العديد من التخصصات الطبية، ويضيف ان السهر يعد من الأسباب الرئيسية للإصابة بالصداع النصفي.
حيث ان الساعة البيولوجية لكل إنسان تفرز هرمونات محددة تعرف بهرمونات اليقظة كما انها تفرز هرمونات أخرى خلال فترة النوم «هرمونات النوم» وعند اختلال الساعة البيولوجية نتيجة السهر يحدث خلل في إفراز هذه الهرمونات يؤدي إلى حدوث ضغط عصبي يؤدي إلى الإصابة بالصداع.
أيضاً الجوع وكما هو معروف يؤدي إلى نقص السكر في الدم وبالتالي يتعرض الإنسان إلى نوع من الضغط النفسي وهو ما يمكن ان يؤدي إلى شعور الانسان بالصداع النصفي.
ويضيف ان تعرض الإنسان لأي جهد سواء بدني أو نفسي يمكن أن يؤدي إلى اصابته بالصداع ومع استقرار الحالة النفسية للمريض تقل على الفور نوبات الصداع.
ويشير إلى أن الأدوية المضادة للاكتئاب تلعب دوراً رئيسياً في التخفيف من حدة الشعور بالصداع النصفي وفي بعض الأحيان تستخدم الأدوية المزيلة للقلق بالاضافة إلى المسكنات للتخفيف من حدة الألم.