حسن مصطفى
فجأة وبقدرة قادر تحول «البلوتوث» إلى عين تبصر الأشياء وترصدها، لتدل على مواضع الخير فيها، أو لتفضح مكامن الشرور محذرة منها.
قبل سنة من الآن، كان أي موبايل يحتوي على كاميرا، موضع شك وريبة، يجب مراقبته، بل منعه. أما الآن، وبعد أن أصبح واقعاً يومياً لا فرار منه، فلا بأس من أن تختلف النظرة، وتغدو هذه العين المتلصصة على أعراض عبادالله، منبراً يصدح بالتقوى، ويحث على الخير.
من هنا، جاء المسمى الجديد، فكان أن برز إلى السطح «البلوتوث الدعوي»، كما في موقع «أنا المسلم»، الذي ضم ركناً خاصاً لعدد من مقاطع الفيديو المصورة، لتحمل على الهواتف النقالة.
ضرب من البرغماتية، أو مرونة وتكيف مع الواقع الجديد، أم محاولة لمجاراة العصر، والظهور بمظهر أكثر مدنية!
فضائية mbc2، كان لها نصيبها فقد خصها الموقع بمقطع مصور لمعلم يظهر يدا لأحد التلاميذ، وقد رسم عليها «الصليب» فيما المعلم يحقق مع التلميد ويسأله عن السبب الذي دعاه لمثل هذا الفعل الشنيع!.
التلميذ المسكين، أجاب، بأن من يتحمل الوزر هي قناة mbc2، وما تبثه من أفلام، تدعو، وتحرض، على مثل هذه الأفعال، بل أكثر من ذلك.
من يشاهد المقطع المصور، يقف على تناقضات كبيرة تشوب القصة، ويمكن أن يتلمس المرء عبره، قصدية، وتعمداً واضحين في اتهام المحطة وما تعرضه من مواد. خصوصاً أن الصحويين ، يرون في mbc ومجموعتها غريماً لهم، ومنبراً لترويج الأفكار الليبرالية والعلمانية، التي ستأخذ المجتمع من ضف الصلاح، لغياهب الفجور.
ربما، هي الحساسية التقليدية والتاريخية ضد الصورة، وضد السينما، وصناعة الأفلام. والموقف النمطي من تجاور المرأة والرجل في صورة واحدة، وعمل مشترك، الأمر الذي يفسر هذه التحامل على القناة، وإلا فما الذي يجعل محطة أكثر محافظة من سواها، وأكثر مراعاة لحساسية المجتمع الخليجي، مرمى لسهامهم!.
سبب مهم آخر، هو ارتباط المحطة بالمجمهور السعودي، وتوجهها له. وهو ذات الجمهور المتنازع عليه بين القناة والدعويين. وبالتالي، فإن التنافس سيكون ضمن ذات الدائرة، مع شعور من قبل هؤلاء، بأن ٍقك ومجموعتها، تمتلك من الوسائل والامكانات، ما لا يمتلكون. وعليه، فإن ردات فعلهم ستتذرع بصغائر الأمور، وقد تسعى أحياناً لاجتراح قصص من الخيال، قد لا يكون لها أي واقع فعلي. فما الذي يضمن لنا، هذا البلوتوث ليس معداً سلفاً، أو مفبركاً! ليس هنالك ما يمنع هذا الاحتمال.
إن العقل العصبوي الرافض لما يختلف معه من أفكار، ويناهضه من ثقافة، ولما يراه خطراً على أخلاق الناشئة، غاب عنه، إن ما يمارسه المعلم من تحقيق مع تلميذ صغير في المرحلة الابتدائية، وتصوير هذا المشهد، وترويجه، في حال صحته، عمل يبتعد عن الفعلين الثقافي والتربوي، ويذهب باتجاه التشهير، والدعاية المضادة، وانتهاك خصوصية وحقوق الآخرين.
القناة هي الأخرى، عليها أن تسد المنافذ أمام أي ذريعة يتخذها خصومها. مع وجود فريق للرقابة موثوق به، إلا أنه، قد يفوتها في بعض الأحيان، لقطة هنا، أو جملة هناك، وهي الجملة التي قد تكون جبلاً عظيماً، كما الشعرة في العين.
الرياااااااااااااااااض
العرض المتطور
