بما كسبت أيديكم لابد للمسلم أن يدرس أسباب المصائب والنكبات التي تمر بها الأمة ، فإن الذي قدرها حكيم خبير ، لا يعاقب إلا بذنب ، ولا يأخذ إلا بسبب ، وسياط التأديب كثرت على أمتنا بسبب ذنوبها وخطاياها ، وهذه سنة مطردة من سنن الله في عباده : ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم ) .
وما نشاهده الآن في العراق وفي غيره هو – بلغة العصر– قيمة فواتير لم تسدد من قبل ؛ من اللهو والإعراض ، والمعاصي بأنواعها ، والله يؤدب المخالفين بأنواع من العقوبات ؛ من الطوفان ، أوالريح ، أوالرجفة ، أو عدو كافر غازٍ ، يقتل العباد ، ويدمر البلاد ، كما فعل التتار والصليبيون من قبل .
وحال المسلمين -قبل الحرب على العراق وبعده- حال مبكية ؛ فكثير من الجيل هجر المساجد ، وغالب الحكومات عطلت الشريعة ، وأكثر التجار وقعوا في الربا ، وكثير من العلماء لم يؤدوا رسالتهم ، وجُلُّ العامة جهال بالدين ، والسواد الأعظم من النساء غافلات في باب الإيمان ...فمن أين يأتي النصر ، ومن أي باب،وقد سددنا الأبواب بالخطايا،وملأنا طرق الإجابة بالمخالفات ؟!
إن هذه الأمة تعرف الله إذا سمعت أزيز الطائرات ، وقصف الصواريخ ، وهطول القنابل ، وهذه معرفة فرعون لما رأى الموت فقال : ( آمنتُ ) ، فكان الجواب : ( الآن وقد عصيت قبل ؟! ) ، وهي معرفة أبي جهل : ( وإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) ، وإلا فالواجب ذكر الله في الرخاء والشدة ، وطاعته في العسر واليسر ، والالتجاء إليه في المنشط والمكره ، والتوكل عليه في السراء والضراء .
فلا تلوموا الأعداء ولوموا أنفسكم ؛