في كل عام تطفو مشكلة صيام لاعبي الكرة على السطح ، وتظل تثير الجدل طوال شهر رمضان الكريم دون أن تجد لها حلا ، ويرحل الشهر ويتناسى الجميع المشكلة وأسبابها وأبعادها ولا يبالي أحد بالبحث عن حل لها ، فتعود لتثور مع أول مشكلة في العام الذي يليه وهكذا!
مشكلة هذا العام – التي أعادت الجدل حول صيام لاعبي الكرة في رمضان – جاءت من إيطاليا ، بسبب إصرار اللاعب الدولي الغاني المسلم سولي علي مونتاري لاعب إنتر ميلان الإيطالي على أداء المباريات في الدوري الإيطالي وهو صائم ، مما تسبب له في مشكلة كبيرة مع البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني للفريق ، والذي أدلى هو الآخر بتصريح أثار انتقادات الجالية الإسلامية في إيطاليا.
وكان مورينو قد أخرج لاعب وسط فريقه سولي مونتاري بعد نصف ساعة فقط من انطلاق المباراة التي لعبها الإنتر ضد باري في الدوري الإيطالي يوم الأحد الماضي بسبب أدائه الضعيف ، وانتهت المباراة بتعادل مخيب للآمال لحامل اللقب مع باري الصاعد حديثا إلى دوري الأضواء 1-1.
وبعد المباراة ، سئل مورينيو عن سر هذا التغيير المبكر لواحد من أهم الأعمدة الأساسية في فريقه ، فرد مورينو بالقول إن مونتاري "أدى بشكل سيء ، لأن جسده كان يفتقر إلى الطاقة بسبب صيامه".
وردا على هذه التصريحات ، انتقد محمد نور داشان رئيس الجاليات والمنظمات الإسلامية في إيطاليا ما قاله المدرب البرتغالي ، واعتبر أنه "فهم مسألة الصيام خطأ" ، وقال : "أعتقد بأنه يتعين على مورينيو أن يقلل من الكلام عن هذا الموضوع"!
وأضاف داشان أن "اللاعب (المسلم) الذي يصوم لا يضعف نتيجة لذلك ، ونحن نعلم من معهد الطب الرياضي أن الاستقرار العقلي والنفسي يمكن أن يعطي الرياضي دافعا إضافيا على أرض الملعب".
وقال داشان أيضا "إن اللاعب المؤمن ، سواء كان مسيحيا أو يهوديا أو مسلما ، هو أكثر راحة من الناحية النفسية ، وهذا يحسن أداءه".
وعلى الرغم من ذلك فإن مورينيو لم يتفق مع داشان في الرأي ، بل وأصر على موقفه بقوله : "لقد واجه مونتاري بعض المشاكل المتعلقة بشهر رمضان ، ولعل من الأفضل له ألا يقوم بذلك (الصيام) في ظل هذا الطقس الحار .. لم يأت شهر رمضان في اللحظة المناسبة للاعب كرة قدم ليخوض مباراة"!
وأشار مورينيو أيضا إلى أنه لن يشرك مونتاري في مباراة الدربي المقبلة التي سيخوضها الفريق أمام جاره ميلان الأسبوع المقبل بسبب حالته البدنية الضعيفة بحسب تعبيره ، وقال إن النادي سيحاول إيجاد حل ما بالتعاون مع الجهاز الطبي.
وتنطلق مباراة الدربي يوم السبت في الساعة 45ر8 مساء بالتوقيت المحلي ، أي بعد غروب الشمس الذي يحدث عند الثامنة تقريبا ، غير أنه لن يسمح لمونتاري بأن يخزن بعض الطاقة في جسمه.
من جهته ، اعتبر ستيفانو تيريلي المدرب الخاص لمونتاري بأن الأخير يستطيع اللعب أثناء الصوم ، وقال : "لا تكون ردة فعل الجميع موحدة تجاه الامتناع وتغيير نمط الأكل الذي يفرضه شهر رمضان .. فبعض الرياضيين يعانون كثيرا وتقل طاقتهم خلال التمارين والمباريات .. لكن هناك لاعبين آخرين يمكنهم المحافظة على أدائهم بسبب شخصيتهم ومشاعرهم والعوامل الوراثية ، ومونتاري واحد من هؤلاء".
ولا يعد مونتاري اللاعب الوحيد في إيطاليا الذي يواجه هذه المشكلة ، لكن هناك عددا من اللاعبين المسلمين الذي يفضلون عدم الصوم ، ومن هؤلاء الجزائري عبد القادر غزال مهاجم سيينا الذي سجل هدفا في مرمى ميلان هذا الأسبوع في المباراة التي انتهت بفوز ميلان 2-1.
وقال غزال تعليقا على هذا الجدل : "أصوم في أيام العطلات فقط ، عندما لا تكون هناك مباريات أو تمارين .. لطالما صمت في شهر رمضان ، ولكني اضطررت لأن أغير عاداتي لأسباب صحية منذ السنة الأولى التي أصبحت فيها محترفا".
وفضلا عن غزال ، هناك التركي جوكان إينلر لاعب وسط أودينيزي والمغربي حسين خرجة لاعب جنوة وكلاهما لا يصوم.
والمشكلة – كما هو واضح من حالة مونتاري – لا تتعلق فقط بالمباريات التي تقام عصرا في الدول الأوروبية ، أي في ساعات الصيام ، بل في المباريات التي تقام مساء ، حيث أن اللاعب يكون قد أفطر بالفعل قبل وقت بداية المباراة ، ولكن نظامه الغذائي يكون قد تأثر على مدار اليوم ، وهو ما يعني أنه قد لا يكون لائقا تماما من الناحية البدنية لأداء المباريات.
ومع ذلك فالملاعب الأوروبية تمتليء باللاعبين الذين يصرون على الصيام ، ويفضلون الدخول في بعض المشكلات مع أجهزتهم الفنية على الإفطار في أيام المباريات ، ومن بين هؤلاء اللاعب الدولي الجزائري كريم زياني الذي سبق له أن أكد أنه لا يفطر على الإطلاق في أيام المباريات عندما كان لاعبا في أوليمبيك مارسيليا الفرنسي ، ولكن لم يتضح موقفه حتى الآن وهو يلعب في الدوري الألماني مع ناديه الجديد فولفسبورج حامل اللقب.
العرض المتطور
