صَبَاحُكِمَّ مَسَائُكُمّ نَفَحَاتٌ زَهْرَ وَ إِيْمَانٍ
مُنَقَّحَةٌ بِـ رُوْحَ وَرَيْحَانٌ
بِـ شَذَىً الْوَرْدْ الْمُحَمَّدِيَّ
***
لَيْسَ بِالْضَّرُوُرَةً
أَنَّ تُلْفَظُ أَنْفَاسُكِ
وَتُغْمِضُ عَيْنَيْكَ
وَيَتَوَقَّفُ قَلْبِكْ عَنِ الْنَّبْضِ
وَيَتَوَقَّفُ جَسَدِكَ عَنْ الْحَرَكَةِ
كَيْ يُقَالَ عَنْكَ : إِنَّكَ فَارِقَتْ الْحَيَاةِ
فَبَيْنَنَا الْكَثِيْرِ مِنَ الْمَوْتَىَ
يَتَحَرَّكُوْنَ
يَتَحَدَّثُوْنَ
يَأْكُلُوْنَ
يَشْرَبُوْنَ
يَضْحَكُوْنَ
لَكِنَّهُمْ مَوْتَىَ
يُمَارِسُوْنَ الْحَيَاةِ بِلَا حَيَاةٍ
مُفَاهَيْمْ الْمَوْتُ لَدَىَّ الْنَّاسِ تَخْتَلِفُ
فًـهُنَاكَ مَنْ يَشْعُرُ بِالْمَوْتِ حِيْنَ يَفْقِدُ انْسَانا عَزِيْزَا
وَيُخَيَّلُ الَيْهِ أَنَا الْحَيَاةُ قَدْ انْتَهَتْ
وَأَنْ ذَلِكَ الْعَزِيْزِ حِيْنَ رَحْـــــــلِ
أَغْلَقَ أَبْوَابَ الْحَيَاةِ خَلْفِهِ
وَأَنْ دَوْرَهُ فِيْ الْحَيَاةِ بَعْدَهُ
قَدْ انْتَهِــــىَ
وَهُنَاكَ مَنْ يَشْعُرُ بِالْمَوْتِ
حِيْنَ يُحَاصِرُهُ الْفَشَلَ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ
ويُكبّلَّهُ احَسَاسَهْ بِالْإِحَبَاطِ عَنِ الْتَّقَدُّمِ
فًـيُخَيَّلُ الَيْهِ أَنَّ صَلَاحِيَّتِهِ فِيْ الْحَيَاةِ قَدْ انْتَهَتْ
وَأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ فَوْقَ الْأَرْضِ مَايَسْتَحِقُّ الْبَقَاءِ مِنْ أَجْلِهِ
وَالْبَعْضُ
تَتَوَقَّفُ الْحَيَاةِ فِيْ عَيْنَيْهِ فِيْ لَحَظَاتٍ الْحُزْنِ
وَيَظُنُّ أَنَّهُ لَانِهَايَةْ لِهَذَا الْحُزْنِ
وَأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْأَرْضِ مِنْ هُوَ أَتْعَسَ مِنْهُ
فَيَقْسُوَ عَلَىَ نَفْسِهِ حِيْنَ يَحْكُمُ عَلَيْهَا بِالْمَوْتِ
وَيُنَفِّذَ بِهَا حُكْمٌ الْمَوْتُ بِلَا تَرَدُّدٍ
وَيَنْزِعُ الْحَيَاةُ مِنْ قَلْبِهِ
وَيَعِيْشُ بَيْنَ الْاخِرِينَ كَالْمَيْتِ تَمَامَا
فَلَمْ يَعُدْ الْمَعْنَىْ الْوَحِيْدَ لِلْمَوْتِ
هُوَ الْرَحِيّلُ عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةُ
فًـهُنَاكَ مَنْ يُمَارِسُ الْمَوْتِ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَهْ
وَيَعِيْشُ كُلِّ تَفَاصِيِلْ وَتَضَاريّسَ الْمَوْتِ
وَهُوَمَازَالَ عَلَىَ قَيْدِ الْحَيُّــاةِ
فَالَكَثِيْرُ مِنَّا
يَتَمَنَّىْ الْمَوْتِ فِيْ لَحَظَاتٍ
ظَنَّا مِنْهُ أَنْ الْمَوْتَ هُوَ الْحَلِّ الْوَحِيْدَ
وَالْنِّهَايَةُ الْسَّعِيدَةِ لِسِلْسِلَةٍ الْعَذَابِ
لَكِــنَ
هَلْ سَأَلَ أَحَدُنَا نَفْسَهُ يَوْمَا
تَرَىَ مَاذَا بَعْدَ الْمَوْتِ ؟
نَعَمْ
مَاذَا بَعْدَ الْمَوْتِ . ؟
حُفْرَةٌ ضَيِّقَةٌ
وَظُلْمَةٍ دَامِسَهْ
وَغُرْبَةِ مُوْحِشَةً
وَسُؤَالِ . . وَعِقَابٌ . . وَعَذَابٌ
وَامَّا جُنَّةٌ . . أَوْ نَارٍ
فًــــهُمْ . . كَانُوْا هُنَا
ثُمَّ رَحَلُوْا
غَابُوْا وَلَهُمْ أَسْبَابِهِمُ فِيْ الْغِيَابْ
لَكِنْ الْحَيَاةِ خَلْفَهُمْ مَازَالَتْ
مُسْتَمِرَّةٌ
فَالشَّمْسُ مَازَالَتْ تُشْرِقُ
وَالْأَيَّامِ
مَازَالَتْ تَتَوَالَى
وَالْزَّمَنُ لَمْ يَتَوَقَّفْ بَعْدَ
وَنَحْنُ . . مَازِلْنَا هُنَّــــا
مَازَالَ فِيْ الْجَسَدِ دَمَّ
وَفِيْ الْقَلْبِ نَبِضْ
وَفِيْ الْعُمْرِ بَقِيَّةُ
فَلَمْـــــاذَا نَعِيْشُ بِلَا حَيَاةٍ
وَنَمَوْتُ . . بِلَا مَوْتٍ . ؟
إِذَا تَوَقَّفَتْ الْحَيُّــاةِ فِيْ أَعْيُنِنَا
فَيَجِبُ أَنْ لَا تَتَوَقَّفُ فِيْ قُلُوْبِنَــــــــا
فَالمَوْتُ الْحَقِيقَيَّ هُوَ مَوْتُ الْقُلُوُبِ