صَبَاحُكِمَّ مَسَائُكُمّ نَفَحَاتٌ زَهْرَ وَ إِيْمَانٍ
مُنَقَّحَةٌ بِـ رُوْحَ وَرَيْحَانٌ
بِـ شَذَىً الْوَرْدْ الْمُحَمَّدِيَّ
***
بِسْمِ الْلَّهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيْمِ
يُــا أَهٍــلِ الْفَجْرِ
فِئَةٍ مُوَفَّقَةٌ ، وُجُوْهِهِمْ مُسْفِرَةٌ ، وَ جِبَاهِهِمْ
مُشْرِقَةً ، وَ أَوْقَاتِهِمْ مُبَارَكَةٍ ، فَإِنْ كُنْتَ
مِنْهُمْ فَاحْمَدِ الْلَّهَ عَلَىَ فَضْلِهِ ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ
جُمْلَتِهِمْ فَدَعَوَاتِيّ لَكَ أَنْ تَلْحَقُ بِرَكْبِهِمْ
أَتَدْرِيْ مَنِ هُمْ ؟
إِنَّهُمْ أَهْلُ الْفَجْرِ
قَوْمِ يَحْرِصُوْنَ عَلَىَ أَدَاءِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ ، وَ يَّعْتَنُوْنَ بِهَذِهِ
الْشَّعِيْرَةَ ، يُسْتَقْبَلُ بِهَا أَحَدُهُمْ يَوْمِهِ ، وَ يَسْتَفْتِحُ بِهَا
نَهَارُهُ ، وَ الْقَائِمُوْنَ بِهَا تَشْهَدُ لَهُمْ الْمَلِائِكَةُ ، مِنْ
أَدَّاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ فَكَأَنَّمَا صَلَّىَ الْلَّيْلَ كُلَّهُ
إِنَّهَا صَلَاةُ الْفَجْرِ الَّتِيْ سَمَّاهَا الْلَّهُ قُرْآَنا
فَقَالَ جَلَّ وَ عَزَّ:
{ وَ قُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوْدَا }
سُوْرَةُ الْإِسْرَاءِ مِنْ الْآَيَةِ(78).
الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِنْ أَسْبَابِ دُخُوْلِ الْجَنَّةِ ، وَ الْوُضُوْءُ
لَهَا كَمْ فِيْهِ مِنْ دَرَجَةِ ، وَ الْمَشْيُ إِلَيْهَا كَمْ فِيْهِ
مِنْ حَسَنَةٍ ، وَ الْوَقْتُ بَعْدَهَا تَنَزَّلُ فِيْهِ الْبَرَكَةَ
قَالَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' الْلَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِيَ فِيْ بُكُوْرِهَا '
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَ أَبُوْ دَاوُدَ وَ الْتِّرْمِذِيُّ وَ ابْنُ مَاجَةُ.
أَهْلَ الْفَجْرِ:
الَّذِيْنَ أَجَابُوْا دَاعِيَ الْلَّهِ وَ هُوَ يُنَادِيْ
( حَيٌّ عَلَىَ الصَّلَاةِ ، حَيٌّ عَلَىَ الْفَلَاحِ )
فَسَلَامٌ عَلَىَ هَـؤُلَاءِ الْقَوْمِ ، حَـيَنْ اسْتُلَهَمُوا
( الصَّلَاةَ خَيْرٌ مِنَ الْنَّوْمِ )
وَ اسْتَشْعِرُوا مَعَانِيْ الْعُبُوْدِيَّةِ ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ سَعَادَةً الْأَيَّامِ
تُبَشِّرْهُمْ وَ تَثَبُّتِهِمْ ، قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
' بَشَرٌ الْمَشَّائِيْنَ فِيْ الْظُّلَمِ إِلَىَ الْمَسَاجِدِ بِالْنُّوْرِ
الْتَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ '
أَخْرَجَهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَ أَبُوْ دَاوُدَ.
يَا أَهْلَ الْفَجْرِ:
لَقَدْ فُزْتُمْ بِعَظِيِمِ الْأَجْرِ ، فَلَا تَغْبِطُوا أَهْلُ الْشَّهَوَاتِ
وَ الْحُظُوظِ الْعَاجِلَةَ فَمَا عِنْدَهُمْ – الْلَّهِ - مَا يَغْتَبِطُونَ
عَلَيْهِ ، بَلْ بِفَضْلِهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَاغْتُبِطُوا ، وَ إِيَّاهُ عَلَىَ إِعَانَتِكُمْ فَاشْكُرُوُا ، إِيَّاهُ فَتَوَجَّهُوْا
يَقُوْلُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
' مَنْ صَلَّىَ الْعِشَاءَ فِيْ جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ الْلَّيْلِ
وَ مَنْ صَلَّىَ الْصُّبْحَ فِيْ جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّىَ الْلَّيْلَ كُلَّهُ '
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
يَا أَهْلَ الْفَجْرِ:
هَنِيْئَا لَكُمْ أَنْ تَتَمَتَّعُوْا بِالْنَّظَرِ إِلَىَ وَجْهِ الْلَّهِ الْكَرِيْمِ
فِيْ الْجَنَّةِ ، قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' إِنِّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا
الْقَمَرَ لَا تُضَامُوْنَ فِيْ رُؤْيَتِهِ ، فَإِنَّ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا
تُغْلَبُوْا عَلَىَ صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوْعِ الْشَّمْسِ وَ قَبْلَ
غُرُوْبِهَا فَافْعَلُوْا ثُمَّ قَرَأَ:
{ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوْعِ الْشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوْبِ}
' أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَ مُسْلِمٌ.
يَا أَهْلَ الْفَجْرِ:
أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ الْنَّاسُ بِالْأَمْوَالِ وَ الْزَّوْجَاتْ
وَ تَرْجِعُوْنَ أَنْتُمْ بِالْبَرَكَةِ فِيْ الْأَوْقَاتِ وَ النَّشَاطَ
وَ طَيَّبَ الْنَفَسِ وَ أَنْوَاعِ الْهَدِيَّاتِ ، وَ دُخُوْلُ الْجَنَّاتِ
وَ نُزُوْلِ الْرَّحَمَاتِ
قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
' مَنْ صَلَّىَ الْبُرْدَيْنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ '
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَ مُسْلِمٌ
وَ الْبَرْدَانِ: صَلَاةِ الْفَجْرِ وَ صَلَاةَ الْعَصْرِ
وَ قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' لَنْ يَلِجَ الْنَّارَ أَحَدٌ صَلَّىَ قَبْلَ طُلُوْعِ الْشَّمْسِ
وَ قَبْلَ غُرُوْبِهَا '
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَ الْمُرَادُ بِهَذَا صَلَاةِ الْفَجْرِ وَ صَلَاةَ الْعَصْرِ.
يَا أَهْلَ الْفَجْرِ:
أَنْتُمْ مَحْفُوظُونَ بِحِفْظِ الْلَّهِ ، أَنْفُسِكُمْ طَيِّبَةً ، وَ أَجْسَادِكُمْ
نَشِيْطَةٌ ، يَقُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' مِنَ صَلَّىَ الْصُّبْحَ فَهُوَ فِيْ ذِمَّةِ الْلَّهِ '
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَ قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
' يَعْقِدَ الْشَّيْطَانُ عَلَىَ قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ
إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ ، وَ يَضْرِبَ عَلَىَ مَكَانٍ
كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيْلٌ فَارْقُدْ ، فَإِنَّ اسْتَيْقَظَ
وَ ذَكَرَ الْلَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ
عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّىَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَأَصْبَحَ نَشِيْطَا
طَيِّبَ الْنَّفْسِ ، وَ إِلَّا أَصْبَحَ خَبِيْثَ الْنَّفْسِ كَسْلَانَ '
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
يَا أَهْلَ الْفَجْرِ:
كَفَاكُمْ شَرَفَا شَهَادَةُ مَلَائِكَةً الْرَّحْمَنِ لَكُمْ
قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' يَتَعَاقَبُوْنَ فِيْكُمْ مَلَائِكَةٌ بِالْلَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ بِالْنَّهَارِ
وَ يَجْتَمِعُوْنَ فِيْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ
الَّذِيْنَ بَاتُوْا فِيْكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ- وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ -
كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِيَ ؟ فَيَقُوْلُوْنَ: تَرَكْنَاهُمْ
وَ هُمْ يُصَلُّوْنَ ، وَ أَتَيْنَاهُمْ وَ هُمْ يُصَلُّوْنَ '
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
يَا أَهْلَ الْفَجْرِ:
قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
' أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَىَ مَا يَمْحُوَ الْلَّهُ بِهِ
الْخَطَايَا ، وَ يَرْفَعُ بِهِ الْدَّرَجَاتِ ؟
قَالُوْا: بَلَىَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ
قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوْءِ عَلَىَ الْمَكَارِهِ ، وَ كَثْرَةِ
الْخُطَا إِلَىَ الْمَسَاجِدِ ، وَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ
فَذَلِكُمُ الْرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الْرِّبَاطُ' أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
أُوْلَئِكَ هُمُ الْرِّجَالُ حَقّا ، وَ الْمُؤْمِنُوْنَ صِدْقا
قَالَ رَبُّنَا_ جَلَّ وَ عَلَا _ :
{ فِيْ بُيُوْتٍ أَذِنَ الْلَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيْهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ
لَهُ فِيْهَا بِالْغُدُاوِّ وَ الْآَصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيْهِمْ تِجَارَةٌ أَوْ بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ الْلَّهِ وَ إِقَامِ صَلَاةِ وَ إِيْتَاءِ الْزَّكَاةِ يَخَافُوْنَ يَوْمَا
تَتَقَلَّبُ فِيْهِ الْقُلُوْبُ وَ الْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ الْلَّهُ أَحْسَنَ مَا
عَمِلُمْوا وَ يَزِيْدُهُمْ مِّنْ فَضْلِهِ وَ الْلَّهُ يَرْزُقُ مَنْ
يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
سُوْرَةُ الْنُّوْرِ (36-37-38).
أَمَّا مَنْ ضَيَّعُوْا الصَّلَاةِ وَ تَهَاوَنُوْا بِهَا وَ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا
فَيَالَيْتَ شِعْرِيَ لَوْ يَعْلَمُوْنَ مَاذَا تَحَمَّلُوْا مِنْ الْوِزْرِ ؟
وَ مَاذَا فَاتَّهَمُ مِنْ الْأَجْرِ ؟
قَالَ تَعَالَىْ :
{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّيْنَ * الَّذِيْنَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُوَنَّ }
سُوْرَةُ الْمَاعُوْنَ (4-5)
وَ قَالَ تَعَالَىْ :
{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَ اتَّبِعُوْا
الْشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا
* إِلَا مَنِ تَابَ وَ آَمَنَ وَ عَمِلَ
صَالِحَا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُوْنَ الْجَنَّةَ وَ لَا يُظْلَمُوْنَ شَيْئا }
سُوْرَةُ مَرْيَمَ (59-60)
وَ قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' إِنَّ أَوَّلَّ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ
صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَ نَجَحَ ، وَ إِنْ فَسَدَتْ
فَقَدْ خَابَ وَ خَسِرَ…. '
الْحَدِيْثِ رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَ قَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
الْأَحِبَّهْ فِيْ الْلَّهِ :
أَلَا فَالْحَقُّ بِأَهْلِ الْفَجِّـرَ
لِكَيْ تَكُوْنَ فِيْ ذِمَّةِ الْلَّهِ ، وَ لِتُكْتَبَ فِيْ دِيْوَانِ
الْأَبْرَارِ ، وَ تَحْصُلُ لَكِ الْسَّعَادَةِ وَ الْنُّوْرِ ، وَ تُمْحَىْ مِنْ
صَحِيْفَةُ الْنِّفَاقِ ، يَقُوْلُ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَىَ الْمُنَافِقِيْنَ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ
وَ الْعِشَاءِ ، وَ لَوْ يَعْلَمُوْنَ مَا فِيْهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَ لَوْ حَبْوَا
' أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَ مُسْلِمٌ.
قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:
' ثَلَاثةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَىَ الْلَّهِ إِنْ عَاشَ رُزِقَ
وَ كُفِيَ ، وَإِنْ مَاتَ أَدْخَلَهُ الْلَّهُ الْجَنَّةَ ، وَ مِنْهُمْ
مَنْ خَرَجَ إِلَىَ الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَىَ الْلَّهِ '
أَخْرَجَهُ أَبُوْ دادُوّدّ وَ ابْنُ حِبَّانَ.
أَسْأَلُ الْلَّهَ لِيَ وَ لِمَنْ قَرَأَ وَ لِجَمِيْعِ الْمُسْلِمِيْنَ
وَ الْمُسْلِمَاتِ سَعَادَةً الْدُّنْيَا وَ الْآَخِرَةِ
وَ الْفَوْزِ بِرِضْوَانِ الْلَّهِ