غَفَوّتُ أَم حَلُمْت ..
فَمَا أَرَاه وَاقِع أَم خَيَال ، أُكْذُوبَة حُلُم أَم حَقِيقَة وَاقِع .. مَا الذّي مَرّ بِي فِي ثَوَانٍ ..
أَخْتَنَق فِيهَا صَوْتِي .. وَشُلّت أَطْرَافِي .. ، لَا بَل قُتِل فِيهَا صَوْتِي .. وَتَمَرّدَت أَطْرَافِي عَلَيّ ..
أَهَذَا مُجَرّد تَضَارُب رُؤى
أَم هَذَيَان ضَلّ حَقَائِق الأَمُور .. ؟
وَجَدتَنِي أَرَى دُون أَن أَتَكَلّم .. ، أَصْرُخ دُون أَن أُسْمَع .. ، أَطْرَافِي لَا تَتَحَرّك تُلَوّح لَهُم .. دُوَن أَن تُرَى – هَكَذا ظَنَنّت - .. وَصَوتِي يُنَادِي .. دُون أَن يُسمَع .. مَازَال الوَضْع خَانِق وَالصّوت مُخْتَنَق ..
وَالَعْينُ تَرَى وَلَكن لَا تَتَكَلّم ..
فَكَيْف تَتَكَلّم وَهِي خَرْسَاء ..
تُرِيد أَن تُسَاعَدنِي وَلَكن كَيْف.. ؟
وَجَدّت خَيْر طَرِيقَة لأَنْ يَسْمَعُونِي ، لأَنْ يَرُونِي ..
هِي أَنْ أَكْتُب فَلكُلّ حَرْفٍ صَوْتٍ ..
يَصْرُخ ، يَئن ، يَحْتَضر .. يَمُوت فَوْق الأَوْرَاق وَتُكْتَب نَهَايتَه .. بَيْن الأَسْطُرِ ..
فَهُو عَكْس حَيَاة البَشَر .. تَرَى النُّور فَتَعِيش ..
أَمّا الحَرْف يُكْتَب لكِي يَمُوت ..
لا لكي يُخَلّد كَمَا يَزْعَمُون .. !
إِذًاسَأَكْتُب ، سَأُرَى وَلا أُسْمَع ، سَأُرَى وَلا أُقْرَأ ، هُنّاك أَوْقَات أُرِيد أَكْتُب لكِي أُرَى ..
وَأُوقَات أَكْتُب لكِي أُفَرّغ مَايَجُوب بدَاخلِي ..
حَتّى لَو فِي الحَالتِين لَم أُسْمَع وَلَم أُرَى ..
وَلَكنِي كَتَبَت ..
هُنّاك نَشْوَة للكَتَابَةِ لا تَعِيّها أَقْلام كَثِيرَة ..
وَهُنّاك شَهْوَة للكَتَابَةِ تَحْتَاج الوَجدَان وَهَذِهِ الشّهْوَة ، النّشْوَة تَفُوق الأُورجَنِيزمَات ..
فِي حَالاتٍ عَدّةٍ .. نُمَارِس فِيهَا الكَتَابة .. !
إِذًا سَأَكْتُب حَتَّى تَرُونِي ..
سَأَكْتُب حَتَّى تَسْمَعُونِي .. سَأَصْرُخ فِي وَجُوهِهم .. فَحَتْمًا سَيَرُونِي وَمِن ثُمّ يَتَجَاهَلُونِي ..
يَكْف أَنّ صَوْتِي ، حَرْفِي ، فَكْرِي يُسْمَع .. !
وَمَنْ يَعْجَز عَن سَمَاعِ صَوْت حَرُوفِي
فَهُوَ الذّي لَا يَرَى وَلا يُرَى .. !
هُنّاك أَصْوَات تُرَى وَلا تُسْمَع ..
وَأصْوَات تُسْمَع وَلا تُرَى ..
إِذًا سَأُرِيهُم صَوْتٍ يُسْمَع وَيُرَى ..
وَحَرُوفًا تَتَكَلّم بَصَمْتٍ ..
سَأُمَرّر صَوْتِي مِنْ بَيْنَ أَعْينِهم وَمْن خَلْفِ أَذَانِهم .. !
أَنَا لَا أَحْتَاج الأَن لَصَوْتٍ يُسْمَع ..
وَلا لأُذنٍ تَستَمِع لَصَرخَاتٍ كَاذَبةٍ ..
الصّوْت الذَي يُبْتَر سَرِيعًا مَا يَنْمُو ..
وَيَجد حَتْمًا مَنْفَذ يُمَرّر صَوْتِه مِنْ خَلالِه ..
وَيَبْقَى ..
لكُلّ شَيءٍ صَوْتٍ وَلُغَةٍ ..
وَهُنّا الصّوت لا يُسْمع وَاللّغَة لَا تُقْرَأ ..
بَل هُنّاك مَنْ يُتَرجم صَوْت الشّيء وَلُغَته ..
بطَرِيقَةٍ مُغَايَرةٍ تَبعًا لعُمْقِ رُؤيته ..
وَسَدَادَة فِكْرِه .. وَحَالَتِه .. !
كَمَنْ يَرَى الحَيَاة ضَيّقَة ، خَانِقَة ، مُرِيبَة ..
وَلا تَتَحَدّث سَوَى بَصْوتِ القَبُور ..
هُوَ تَرجَم لُغَتها بَسَوَدَاويَة ..
وَسَمَع صَوْتَها تَطْلُبه هُوَ ..
إِذًا هُوَ قَرأ وَسَمع بَلا حَرُوفٍ وَلا أَذَانٍ ..
فِي اللّحْظَةِ التَّى يَرَى أَخَر أَهَازِيج فَرَح وَسَعَادَة ..
هي لُغَة وَصَوْت الأَشْيَاء .. !
هُنّاك أَشْيَاءً تَصْرُخ بَشَدّةٍ وَلا تُسَمع وَلا تُقْرَأ ..
فَمَا ذَنْب الأَشْيَاء .. ؟
أَنّهَا حَاوَلت وَنَاضَلت كَثِيرًا وَلَكن لَم يَلْتَف لَهَا أَحدًا .. لقَصُورٍ فِي الرُؤيةِ وَضَبَابَية فِي إِتْخَاذِ زَاوَية الرُؤَية .. فَسَيَبْقَى عُمْق الشّيء قَائِم ..
وَسَتَتَعُدّل زَاوَية الرُؤيَة يَوْمًا ..
وَما كُنّا نَرَاه مَكَسْوّ سَنَرَاه عَارِي ..
وَمَا كُنّا نَرَاه ذُو قِيمَة سَيُصْبَح بَلا قِيمَة ..
فَمَا أَجْمَل إِعَادَة رُؤيَة الشّيء فِي كُلّ مَرّة ..
مِن خَلالِ عَدّة زَوَايَا .. لنَعْلَم عُمْقه جَيّدًا .. !
أُنْظُرُوا لَما يَدُور حَولَكُم
ثَرْثَرَة أَم ..
يَبْقَى السُّؤال قَائِم مَا دَامت هُنّاك زَوايا للَرُؤي ..
فَالكَثِير مَنّا يَرَى ...
صَعُوبَة فِي التّفْرِيقِ بَيْن الثّرْثَرةِ وَالفَلْسَفَة ..
فَالفَلْسَفَةِ عَقْل يُرِيد الوَصُول لإِجَابَةٍ مُقْنَعةٍ أَو سُؤال كَمَمَرٍّ لإجَابَةٍ ..
أَم الثّرْثَرَة هِي قَلْب ..
تُرِيد البَوْح لَتَفْرِيغِ مَا بدَاخلِ الذّات مِن شُحْنَات ..
لكِي تَهْدَأ أَو تَعْثُر عَلَى مَن يُشْبَهَها .. 0
أَكَلاهُمَا أُكْذُوبَة الرّوْح عَلَى الذّات
أَم أُضْحُوكَة الذّات عَلَى الرّوْحِ ..
لا أَعْلم وَلا أُرِيد أَن أَعْلَم ..
حَتَّى أَظَلّ أَكْتُب بشَرَاسَةٍ ..
ثَرْثَرت أَم فَلْسَفَت الحَيَاة .. !
لَا يَهُم أن أَعْلَم الأَن ..
رُبّمَا أَبْحَث يَوْمًا أَخرًا .. !
تَتَقَابل الثّرْثَرَة وَالفَلْسَفَة دُون أَن نَشْعُر ..
وَنَتَسَاءل هَل مَا نَكْتُب حَقًا . أَم مُجَرّد .. ؟ ، لَا تَهُمْ الإِجَابَة صَدّقُونِي ..
ففِي كَلّتَا الحَالَتِين أَخْرَاجَنَا مَا بَداخلِنَا وَمَا حَوْلَنَا ..
فِي لَحَظَاتِ .. !
وَمَرت..