الْصَّبَاح بِنَدَى الْفَجْر وَتَتَوَضَّأ بِمَاء الْيَقِيْن
وَتُجَلْجِل فِي
الْآَفَاق آَيَات الْنُّوْر
وَتَنْسَاب خُصُلَات الْشَّمْس النَّاعِمَة أَصَابِع حَانِيَة
تَمْسَح الْسُّبَات مِن عِيُوُن
الْنَاعِسِين تُوْقِظ الْنِّيَام
وَتَقَشَّع سَتّار الْظَّلام لِتُسَجِّل مِيْلَاد صَفْحَة
جَدِيْدَة فِي سِجِل الْحَيَاة
يَا ابْن آَدَم أَنَا عُمَر وَلِيَد وَيَوْم جَدِيْد فَلَا
تَشْغَلْنِي إِلَّا بِالْخَيْر فَإِنِّي عَلَى
عَمَلُك رَقِيْب وَشَهِيد
صَبَاح يَتَسَلَّل وَهَج سَنَاه إِلَى سَرَادِيْب الْرُّوْح
فَيُوْقِدُهَا حَيَوِيَّة وَهِمَّة
صَبَاح يَتَنَفَّس عِطْرَا وَيَلْهَج ذِكْرا
صَبَاح تَمَايَل أَغْصَان الْقُلُوْب لِشَدْو بَلْبَل
الْإِخَاء الْطَّرُوْب
صَبَاح الْعَمَل يُدَاعِبُه الْأَمَل
صَبَاح الْخَيْر وَلِجَنَّة الْخُلْد نَحَث الْسِيَر
صَبَاح قَلْب بَاكِر مُسْتَغْفِر وَلِشِرْعَة رَبِّه
وَنُصْرَة دِيْنِه مُسْتَنْفِر
صَبَاح حُرُوْف الْإِخَاء تَطْبَع عَلَى جَبِيْن
الْحَيَاة قِبْلَة الْوَفَاء
صَبَاح الْخُزَامَى وَأَرْوَاح تَتَسَامَى
صَبَاح لُؤْلُؤِي الْنَّقَاء ذَهَبِي الْصَّفَاء
لِمَن هُم لِلْرُّوح أَشِّقاء وَللدَّرّب
رُفَقَاء أُخُوَّة وَأَي إِخَاء
صَبَاح سُبْحَان الْلَّه وَبِحَمْدِه عَدَد خَلْقِه وَرِضَا نَفْسِه
وَزِنَة عَرْشِه، وَمِدَاد كَلِمَاتِه
فِي جُعْبَة الْصَّبَاح أَفْرَاح وَأَتْرَاح..
وَفِي رِئَة الْحَيَاة شَهِيْق وَزَفِيْر.
وَفِي مُخَبَّأ الْقَدْر تَضْيِيْق وَتَيْسِيْر
وَفِي الْنَّاس غَنِي وَفَقِيْر.
وَفِي نُفُوْسِهِم اخْتِلَاف وَتَغْيِيْر
وَفِي الْكَوْن آَيَات نَيِّرَات تَدْعُو لِلْتَّأَمُّل وَالْتَّفْكِيْر
فَيَا ابْن آَدَم لِم الْحُزْن وَالضَّيِّق..؟!
وَرِزْقُك فِي الْسَّمَاء مَّقْسُوْم
وَقَدَرِك مُنْذ الْأَزَل مَحْسُوم
وَالْدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا لَا تَسْتَحِق الْهُمُوْم
لِأَنَّهَا مُتَغَيِّرَة لَا تَدُوْم
فَعَلَيْك بِالِاسْتِغْفَار إِذَا تَزَاحَمَت الْأَفْكَار
وَلَا تَنْس وَرَدِّك مِن الْأَذْكَار
وَطَهِّر حَيَاتِك بِالْصَّدَقَة فَإِنَّهَا سِمَة الْأَبْرَار
وَصَلَاة الْضُّحَى دَأْب الْمُقَرَّبِيْن الْأَخْيَار
وَسُجِّل حُضُوْرِك فِي سِجِل الْأَسْحَار
وَتَوَكَّل عَلَى الْلَّه تَتَكَشَّف لَك الْأَسْرَار
فَإِن بُعْد الْإِعْسَار إِيْسَار
( صَبَاح الْمُتَوَكِّلِيْن )
أَحَب الْصَّبَاح بَعْد عَتَمَة لَيْل انْجَلَى وَانْزَاح
فَفِي الْإِبْكَار أَرْزَاق تُوَزِّع
وَأَنْفَاس تَتَوَضَّأ فِي دَيْم الْطُّهْر
وَأَرْوَاح تَنْفُض أَثْقَال الْهَم لِتَرْتَاح
وَفِي الْصَّبَاح أَذَان يُسْكَب النَّوْر فِي نَبْض الْبُكُور
وَتَتَمَطّى فِي بَرَاءَة وُرَيْقَات الْزُّهُوْر
وَتَلْهَج فَي ابْتِهَال حَنَاجِر الْطُّيُوْر
فِي هِمَّة الْصَّبَاح طَاقَة الْأَرْوَاح
صَفَحَات جَدِيْدَة مَصْقُوْلَة فَرِيْدَة
تَنْقُشُهَا أَعْمَالَكوَيُشْهِد عَلَيْهَا لُبُّك وَجِنَانِك
ثُم فِي سِجِل الْحَيَاة تُدْرَج وَبَعْد مَوْتِك تَنْشُر لْتُؤْجّر
الْصَّبَاح فُرْصَة أُخْرَى لِلْأَحْيَاء
فَافْهَم الْدَّرْس يَا عَاقِل
وَلَا يَشْغَلَنَّك تَسْوِيْف وَمَشَاغِل.
فَإِنَّمَا الْحَيَاة مُعَبِّر فَتَزَوَّد فِيْهَا كَي لَا تَخْسَر
( صَبَاح الْعَمَل لِنَيْل الْثَّوَاب وَالْأَجْر )
مَع أَذَان الْفَجْر أمَخَّرّت سَفِيْنَة الْشَّوْق فِي بُحَيْرَة الْنُّوْر
يُدَاعِب أَشْرَعْتَهَا نَسِيْم الْصَبَاح
وَيَحْدُوهَا تَرْتِيْل الْعَصَافِيْر
وَحَفِيْف ذِكْر الْأَشْجَار
وَيُطَوْقَهَا بِعُقُوْد مِن أَزْهَار طَيِّب الْذَّاكِرِيْن
وَعَبَق الْمُسْتَغْفِرِيْن
يُتَوِّجُهُا دُعَاء كَخِالْص الْذَّهَب
يُرَصِّعُه أَلْمَاس الْإِخَاء وَإِكْلِيل الْنَّقَاء
أَصْبَحَنَا وَأَصْبَح الْمُلْك لِلَّه
أَصْبَحْنَا فِي ذِمَّتِه وَحِرْزِه
وَلَوْلَا الَلّه مَا أَصْبَحْنَا وَلَا أَمْسَيْنَا
فَالْحَمْدُللَّه الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْه الْنُّشُور
( صَبَاح الْأَرْوَاح لِفَالِق الْإِصْبَاح )
فِي صَبَاحَات الْرُّوْح صَفَحَات تَشْتَاق الْبَوْح
أَضْنَاهَا الْحُب وَبَرْحَها الْوَجْد لِعِنَاق الْحَرْف
يَنْسَاب الْمِدَاد لُجَيْنَا صَافِيَا مَع انْسِيَاب ضَوْء الْصَّبَاح
لَيُسْهِم فِي حَفْل الْكَائِنَات الْيَوْمِي
فَاسْكُب الْحَرْف هَا هُنَا زُهُوْرا فَائِحَات
وَشُمُوْسا سَاطِعَات وَقَوَارَب نَجَاة لِلْجَنَّة مُبَحِرَات
فِي الْصَّبَاح لَنَا مَوْعِد مَع بَقَايَا الْعُمْر
فَلْنُحْسِن الْلِّقَاء بِحُسْن اسْتِغْلَالَهَا فِي الْخَيْر
فَهِي فُرَص لَن تَتَكَرَّر
لَاحَرَمَنِي الْلَّه مُرْوَرُّكمَ الْعِطْر