في وقت يتم فيه الحديث عن ضرورة تعميق السوق السعودية بإضافة شركات جديدة إليها، أكد خبراء أن هذا الاتجاه لا ينبغي أن ينسينا بالمقابل وجود شركات مدرجة أصبح خروجها من السوق أمرا مستحقا، لاسيما مع نهاية تداولات 2006 وتطوراته التي كشفت كثيرا من الأوراق بهذا الخصوص.
الرئيس التنفيذي لشركة أموال فهد القاسم استهل حديثه للأسواق نت بالإشارة إلى وجود العديد من الشركات التي بلغت مرحلة الهرم وهي لم تزل تحبو، على حد قوله، في تلميح إلى حال الشيخوخة المبكرة التي وصلت إليها تلك الشركات.
وأرجع القاسم هذا الوضع إلى ما أسماها الفيروسات التي أصابت بعض الشركات منذ تأسيسها، وليس لمشاكل في السوق أو الاقتصاد كما يردد البعض، متسائلا بدهشة عن تفوق أصغر شركات السوق على أضخمها في كميات وقيم التداولات اليومية، مؤكدا أنه كما توجد شركات تستحق البقاء لربحيتها وانعكاساتها الإيجابية على الاقتصاد، فإن هناك شركات أخرى تستحق الخروج بعدما صارت أدوات للتلاعب بالسوق، من خلال "استيلاء" بعض المضاربين على مجالس إداراتها وتجييرها لمصالحهم. وأضاف "أن عدد هذه الشركات يترواح بين 8 و10 شركات مدرجة، لو تم إخراج بعضها من السوق وطرحت للبيع بالمزاد العلني لما تقدم أحد لشرائها مهما كان الثمن بخسا".
تخفيض رتبة ثم خروج نهائي
واستدرك القاسم قائلا إنه يرفض فكرة إخراج بعض الشركات من السوق مباشرة ودون المرور بمرحلة انتقالية تتمثل في السوق الموازية، التي أصبح إنشاؤها ضرورة لمعالجة الكثير من الشركات المتعثرة، مقترحا أن تكون شروط "تخفيض رتبة" أي شركة ونقلها للسوق الموازية واضحة ودقيقة، ومنها على سبيل المثال تحقيق خسائر تزيد عن 10% من رأسمال الشركة لثلاث سنوات متتالية، أو أن يكون سعر الشركة في السوق يزيد عن مكرر ربحيتها بعشرين أو خمس وعشرين مرة، أو أن توجد تحفظات على القوائم المالية للشركة لمدة سنتين، فكل هذه العوامل وما شابهها هي برأي القاسم مسوغات كافية لنقل الشركة المتعثرة إلى السوق الموازية حفاظا على تماسك سوق التداول الرئيس وسلامة تعاملاتها.
وأضاف القاسم إن السوق الموازية ليست مخصصة للشركات المتعثرة فقط، بل هي كذلك للشركات المدرجة حديثا، لأن من الخطأ نقل هذه الشركات من السوق الأولي "سوق الاكتتاب" إلى السوق الثانوي "سوق التداول" مباشرة قبل أن تدرج لمدة كافية في السوق الموازية، حيث إن لهذا الإدراج فوائد عدة من بينها أن لا يقدم على الاكتتاب في الشركات المطروحة سوى أصحاب النظرة الاستثمارية، لاسيما إذا ما خضعت السوق الموازية لقانون يمنع بيع أي سهم إلا بعد مضي يومين على شرائه.
ورأى القاسم أن استمرار أي شركة في تعثرها حتى بعد نقلها للسوق الموازية، يجعل من قضية إخراجها نهائيا من سوق الأسهم أمرا شبه محتوم، نافيا علمه بأية حالة "طرد" لبعض الشركات في الأسواق العالمية، والتي تختلف عن حالات الخروج الاضطراري الناجمة عن إشهار الإفلاس.
وعبر القاسم عن اعتقاده بأن مجرد إعلان هيئة السوق عزمها إنشاء سوق موازية في غضون 6 أشهر مثلا، سيدفع بأسعار أسهم بعض الشركات للانخفاض إلى حد 1.5 و2 ريال، حتى تحقق التناسب المطلوب بين قيمتها الدفترية والسوقية، وتتجنب بالتالي "تخفيض رتبتها" ونقلها للسوق الموازية.
مشكلة مزدوجة
وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة خبراء البورصة يوسف قسنطيني عن مشكلة مزدوجة في السوق السعودية، يتمثل شقها الأول في وجود شركات تستحق الدخول إلى هذه السوق بكل جدارة، ولكن إدراجها في هذا الوقت ربما يكون فيه ظلم لها، نظرا لاجتماع عاملي الضعف في الثقة والسيولة معا.
وأشار قسنطيني ان الشق الثاني من المشكلة يبرز في وجود شركات مدرجة بات خروجها من السوق مستحقا بحكم الأعراف والأنظمة المتبعة في أسوق المال، ولكنها في حالة السوق السعودية تنقسم إلى قسمين.
و أكد أن هناك شركات متعثرة لكن لديها هيكلا إداريا قويا وخططا مستقبلية للنهوض وتقليل الخسائر، في مقابل شركات تعتمد كليا على نشاط مضاربيها، وليس لديها اهتمام كبير بتقليل خسائرها بقدر اهتمامها بتغذية نار المضاربة في السوق، ويمكن التعرف إلى مثل هذه الشركات من خلال أدائها الذي يظهر تراكم الديون عاما بعد عام، وإن كان بعضها يلجأ لرفع رأسماله حتى يغطي جزءا من عجزه المالي، كما إن هذه الشركات تعول كثيرا على تسريب أو إصدار الأخبار المبهمة وغير المفصلة، لتحقق بعض المكاسب الآنية في سعر سهمها.
تعثر واضح
وأوضح قسنطيني أن تجزئة السوق إلى سوقين هو خيار متبع في العديد من الأسواق العالمية، حيث تتربع شركات العوائد والقياديات في السوق الأولى، فيما تقبع شركات المضاربة في السوق الثانية أو ما يعرف اختصارا بـ"OTCBB"، حيث الأسعار المنخفضة والقوائم المالية التي لا تخضع لكثير من التدقيق في محتوياتها.
وأشار إلى بعض المعايير العالمية التي تحكم بقاء الشركات في السوق الأولى مثل تمتعها بقوائم مالية قوية، تثبت أن ما يزيد عن 65% من أرباحها تشغيلية أي غير استثمارية أو تمويلية، إضافة إلى سعر السهم الذي لا ينبغي أن يقل عن 5 دولارات، مؤكدا أن الإخلال بمعيار واحد فقط كفيل بنقل الشركة المعنية من السوق الأولى إلى الثانية، كما إن الرجوع إلى السوق الأولى وارد في حق أي شركة تحقق شروط هذه السوق ومعاييرها، وإن كان عدد الشركات الهابطة أكثر من الصاعدة غالبا.
ورغم تأكيده على أهمية تحقيق أعلى درجات الشفافية من جميع الشركات لنستطيع الحكم على أدائها ومدى أحقيتها بالبقاء في السوق، فإن قسنطيني جزم بأن هناك شركات مدرجة في السوق السعودية واضحة التعثر، حيث يتبين ذلك من مكررات ربحيتها العالية وسعر سهمها المتضخم قياسا إلى تواضع رأسمالها وقيمتها السوقية الضئيلة.
اسواق
JOKAR
العرض العادي
