مواقف محرجة لمأذونو الزواج !!!
الرياض: حامد الهذال
شكلت العادات والتقاليد في السعودية سورا صلبا في عمليات الزواج وعقودها، حيث إنه من الصعب التأكد من رضا الفتاة بالزواج وقبولها بالزوج من قبل المأذونين الشرعيين، رغم المؤثرات التي شهدتها السنوات الأخيرة بفعل العولمة.
وما زالت العادات والتقاليد المستمدة من الأجداد والعصور القديمة تلعب دورا مهما في التأثير على الكثير من الامور وبينها عقد الزواج، حيث تتم كثير من عقود النكاح دون التثبت من موافقة الفتاة على الزواج وهو ما تؤكده بعض الفتيات ولا ينفيه بعض المأذونين.تقول البندري ( 32عاما متزوجة) لم أشعر بامتهان كرامة المرأة إلا عندما حان عقد زواجي فسابقا وعبر وسائل الإعلام والكتب والمجلات كنت اسمع واقرأ كثيرا عن جانب أخذ موافقة الفتاة على الزواج وهو ما أوجبه ديننا الحنيف إلا أن هذا الجانب كان يقتصر على التنظير فقط أما الجانب العملي في التطبيق فهو مفقود.
وتطالب الفتاة خلود، بضرورة أن يسجل المأذونون مواقف جماعية عند العقود أي عدم إتمامها حتى حضور الفتاة شخصيا والتأكد من رضاها على الزواج، أما منال (موظفة في أحد البنوك)، فتشير إلى أنها تعرف الكثير ممن تزوجن دون أن يقوم المأذون بسؤالهن أو التأكد من موافقتهن، بل يتم التوقيع دون سماع موافقتها ويكتفي بقبول الأب.
وتعتبر مريم المالكي حضور الفتاة بنفسها أمام المأذون ضروريا جدا لأنه من العدل والإنصاف أن يضمن كلا الطرفين حقه في القبول أو الرفض.
يقول الدكتور راشد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم والذي يمارس عمل المأذون منذ عشرين عاما «لا بد في الزواج من رضا الفتاة وللقاضي الحق في التفريق بين الزوجين في حال تأكد من أن الفتاة كانت مجبرة على الزواج ممن لا ترضاه».
ويضيف العليوي أنه في الأصل أن ولي الفتاة ـ لا سيما إذا كان الأب ـ مؤتمنا على رضاها فإذا وقع الأب نيابة عن ابنته فالعقد يصح وحضور الفتاة في هذه الحالة ليس ضروريا لأن الولي ممثل للفتاة هنا وهو الذي ينقل رضاها أو رفضها أما إن كان ولي الفتاة غير الأب فإن المأذون مطالب بالتثبت من رضاها.
ويرجع العليوي عدم تثبت بعض المأذونين من موافقة الفتاة إلى أن بعض المجتمعات محدودة ومعروفة لدى المأذون ومستوى ثقته بهم عالية، مؤكدا أن طلب المأذون حضور الفتاة يأتي في حال شكه بعدم موافقتها وأن هناك إجبارا لها.
ويعترف المأذون «م. ع» بأن أغلب العقود التي يسجلها لا يتم فيها أخذ رأي الفتاة مباشرة لعدة أسباب منها أن المجتمع الذي يمارس عقد الانكحة فيه هو مجتمع قبلي ويكثر فيه التمسك بالعادات والتقاليد ومن هذه العادات عدم أخذ رأي الفتاة.
ويؤكد الشيخ الدكتور إبراهيم الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض أن هناك نصوصا في الكتاب والسنة تؤكد ضرورة أخذ موافقة الفتاة على الزواج، قال تعالى «ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا» وقال الرسول الكريم «لا تنكح البكر حتى تستأذن و لا تنكح الثيب حتى تستأمر.. قالوا يا رسول الله البكر تستحي.. قال إذنها صماتها» ومعنى هذا الحديث أن البكر إذا قال لها أبوها أو أخوها أو وليها إن فلانا قد خطبك وسأزوجك به فإن بكت أو سكتت فإنها حين إذ تكون موافقة. وإن قالت نعم، كما هن فتياتنا اليوم المعاصرات اللائي قل حياؤهن وربما تنتقي مواصفات معينة أو تتلذذ بالكلام عن من تختاره، فحين إذن لا حرج فيعمل بقولها وأما الثيب فتستأمر بقول نعم أو لا».
ويوضح الخضيري أن الشريعة الإسلامية جاءت برعاية حق الفتاة في اختيار زوجها فهي التي ستعيش معه لذا لا بد أن تراعى حالها، مشيرا إلى إن تثبت المأذون من موافقة الفتاة على الزواج له حالتان الأولى أن يعرف الفتاة مثل أن تكون أخته أو ابنته أو احد محارمه فهنا سيعلم أنها موافقة مسبقا فحين إذ لا حرج عليه في إرسال الدفتر للتوقيع عليه، والحالة الثانية أن يجهلها وهو حال اغلب المأذونين اليوم فإن عليه أمرين الأول أن يسألها شخصيا ويتثبت منها والأمر الثاني هو أن يسأل الشهود عنها فإذا شهدوا بأنها فلانة فإنه يأخذ توقيعها سواء أكان من وراء ستار أو أخذه مباشرة منها لثبوت الموافقة.
وبعث الخضيري رسالة للمأذونين الذين لا يتثبتون من موافقة الفتاة بأنه ينبغي على هؤلاء أن يتقوا الله في أعراض المسلمين وان لا يقوموا بكتابة العقد لو كان عندهم شك1 في المائة من أن هناك عدم رضا للفتاة أو شغار أو أن هناك رائحة بطلان من جهة الشروط التعسفية أو التحجير أو من جهة كون الفتاة غير مأخوذ رأيها في الاعتبار.
وطالب الشيخ الخضيري وزارة العدل النظر في نظام المأذونين وتنتقي الذين عرفوا بالقوة العلمية والذكاء والحدس ومعرفة واقع المجتمع وان تجعل الوزارة عمل المأذون لمدة زمنية محددة قابلة للتجديد فمتى ما لوحظ على المأذون ملاحظات كثيرة فإنه لا يجدد له.
ووفقا لآخر إحصائية لوزارة العدل 2005 فقد بلغ عدد المأذونين في المملكة(3758) مأذونا أتموا(89460) عقدا للزواج من أصل (105065) وباقي العقود تتم عبر المحاكم الشرعية. وتحتضن منطقة عسير أكثر عدد من المأذونين(850) مأذونا. بينما تعتبر المنطقة الشمالية الأقل عدد بـ(21) مأذونا.
الشرق الأوسط
JOKAR
|