عاشت الأسر السعودية أسبوعا عصيبا جراء الحالة الإنسانية البائسة التي عاشتها العمالة الاندونيسية في المملكة ، بعد أن ضرب الزلزال المدمر إقليم (جاوة) مطلع الأسبوع الجاري ،وخلف وراءه أكثر من 5 آلاف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى والمشردين بحسب آخر التقديرات الرسمية .
وتسيطر العمالة الاندونيسية على نصيب الأسد من الحجم الكلي لسوق العمالة المنزلية في السعودية، حيث تقارب نسبتها الـ 60 بالمائة من المجموع الكلي لهذه السوق. وتستقدم الأسر السعودية ما يزيد على 280 ألف نسمة من العمالة الاندونيسية سنوياً، ما يجعلها تتصدر المركز الأول مقارنة مع الجنسيات الأخرى من العمالة في المنازل ، بحسب صحيفة الشرق الأوسط الجمعة 2-6-2006.
وتشكل نسبة الخادمات حوالي الـ 80 بالمائة من إجمالي عدد العمالة المنزلية من اندونيسيا، فيما يشكل السائقون نسبة الـ 20 بالمائة المتبقية من العدد، الأمر الذي يفسر حجم تفاعل الأسر السعودية مع المأساة.
وإذا كانت للمصائب أحيانا وجه حسن، فإنه يتجلى في حقيقة اكتساب الكثير من ربات الأسر وأرباب العمل في السعودية الى خبرة أفضل في كيفية التعامل مع الحالة النفسية لذوي الضحايا من العاملين لديهم، سواء في المنزل أو خارجه. وتروي بركة (22 عاما)، وهي عاملة منزلية من الجنسية الاندونيسية، كيف ساعدها تفهم ودعم العائلة السعودية التي تعمل لديها في مدينة جدة على استعادة رباطة جأشها عقب حادثة التسونامي، التي أودت بحياة 8 أفراد من أسرتها.
وتصف بركة كيف أعلمتها مخدومتها نبأ حدوث زلزال «جاوة» بالتدريج حتى لا تتأثر، وقالت «ليس لدي أقارب يعيشون في المنطقة التي وقع فيها الزلزال ومع هذا بادرت الأسرة التي أعمل لديها بطمأنتي وإعطائي الهاتف حتى أطمئن على أحوال أسرتي، وهذه حال معظم العاملات اللاتي أعرفهن في المدينة».
صندوق للتبرعات لصالح الضحايا
من جهته، كشف المسؤول بالقسم الإعلامي بالقنصلية الاندونيسية بجدة عبد الله محمد عمر، عن إنشاء صندوق للتبرعات لصالح ضحايا الزلزال، وأثنى على استجابة الأسر السعودية السريعة ومساهمتهم في التبرع لصالح جهود إغاثة المنكوبين في الزلزال، وأوضح بأن السفارة الاندونيسية بالرياض تستقبل اتصالات العاملين في السعودية الذين يودون الاطمئنان على عائلاتهم في المنطقة المنكوبة والتعرف على مصيرهم.
في المقابل أكدت مديرة قسم النساء بجوازات جدة، سميحة درويش، بأن هناك تسهيلات في منح الجوازات أو تأشيرات السفر لأي مراجعة، خاصة في مثل هذه الحالات الإنسانية، مشيرة الى أن «النظام في الأصل يسهل وييسر على المراجعين الحصول على التأشيرات فهو يتيح للعاملة أن تحصل على التأشيرة في نفس اللحظة التي تراجع فيها طالما أنه لا توجد ملاحظات أو أي مطالبات عليها».
ويلزم قانون العمل والعمال المعمول به في السعودية حالياً الشركات التي تضم أكثر من 50 عاملاً بإعداد لائحة داخلية تحدد كافة الظروف والاستثناءات الإنسانية التي يتم منح إجازات بموجبها ومن بينها حالات وفاة الأقارب بإعطاء عطلة من يوم أو أكثر بحسب ما يتم تحديده وتقره الوزارة، الأمر الذي لا ينطبق على العمالة المنزلية، لكن تفهم العائلات السعودية للظروف الإنسانية التي تمر بها هذه العمالة جعل الأمر أخف وطأة.
تجربة نفسية للأسر السعودية
وتنبه الدكتورة حصة السهيلي، وهي استشارية نفسية، إلى ضرورة التعامل الإنساني مع العمالة في ظل هذه الظروف، خاصة «أولئك الذين لهم أقارب في المنطقة المنكوبة»، كما قالت.
وأشارت الى أن غالبية الأسر السعودية تقوم في العادة بالتفاعل الإيجابي في مثل هذه المواقف. مؤكدة على أن «الأسرة السعودية لها الريادة دائماً في هذه الظروف منطلق معاييرها الدينية والإنسانية، لكن اعتقد أنه من المفترض ألا يقتصر تجاوب الأسرة السعودية على مجرد المبادرة بتقديم المعونات فقط، لكن يجب أن تنتهز هذه المناسبة لتنمية القيم الإنسانية وإحيائها حتى يتعلم الأطفال كيف يكون التضأمن والتفاعل الإنساني بصورة عملية، كما أنه يجب أن تكون هناك تربية وتوجيه إنساني للتعامل مع هذه الحالات على صعيد الأسرة ككل، وهذا يعطي انطباعاً جيداً عن الأسرة السعودية لدى العامل أو العاملة في بلدهم».
العربية
JOKAR
العرض العادي
