راشد محمد الفوزان
*كان لي حوار مع الدكتور غازي العباسي وهو الأمين العام للهيئة السعودية للمهندسين، والدكتور يملك رؤية مختلفة عن كثير مما يطرح عن أزمة السكن رغم أن الحديث في الأساس لم يكن عن أزمة السكن.
ما لفت انتباهي أن الدكتور أكد لي "بثقة" أنه لا يوجد لدينا مشكلة في وفرة "السكن" كوحدات سكنية، وهذا مخالف لما يطرح أو تقوم به وزارة الإسكان بالبناء ثم البناء للوحدات السكنية بمختلف مناطق المملكة، بل أكد الدكتور غازي أن المشكلة هي "تمويل" أو القدرة على الشراء، فمن سيشتري وحدة سكنية بما يقارب مليون أو نصف مليون للشقة مثلاً وهو موظف متوسط راتبه لا يتجاوز سبعة أو ثمانية الآف ريال؟
هذا الحديث للدكتور "مهم وخطير" كيف لا يكون هناك مشكلة توفر وحدات ونحن نقول إن مشكلتنا هي توفر السكن، ونحن نخلط بين القدرة على الشراء أو وفرة الوحدات وهذا حقيقي فهل يوجد إحصاء عن كم عدد الوحدات الجديدة التي تبنى؟
هل يوجد إحصاء عن الوحدات السكنية بمختلف تنوعها؟
ما هو الشاغر وغير الشاغر منها؟
كم نسب النمو السنوية؟ أين الفجوة كرقم وحدات يتوفر؟
ما هي القدرات المالية للأفراد؟
أرقام وإحصاءات كثيرة نحتاجها ولكن غير متوفرة بدقة، ولا يوجد مؤشر شهري عن عدد الوحدات الجديدة التي أضيفت للسوق، أو التي أصبحت شاغرة وهكذا.
حين تغيب الأرقام يمكن أن يكون كل شيء ممكناً فلا نفي ولا إثبات، وحديث الدكتور غازي لا أنفيه ولا أثبته، وهو متخصص وخبير بمجال البناء والعمارة والهندسة المعمارية والأكيد أنه الأقرب كدقة مما لدي بحكم تخصصه، ولكن أين الأرقام يا وزراة الإسكان؟ ويا وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني؟ ويا وزارة البلديات بحكم أنها من يرخص بالبناء؟
كم هائل من المعلومات نحتاجها، وحين تتبين سنعرف أي سوق نعيش "سكنيا" وهذا مطلب مهم، فلا يمكن تقدير حجم السوق أو الطلب أو النمو أو غيرها من المعلومات التي يتطلبها القطاع، فهل نحن نعيش مشكلة "وهم" ندرة الوحدات السكنية؟ وأنها متوفرة والحقيقة عدم قدرة على "الشراء" وأي شراء المرتفع السعر أو المتوسط أو الأقل؟ من المهم أن تضطلع كل جهه ووزارة بدورها وأن يجتمع في النهاية كل ذلك بوزارة الإسكان بأن تصدر أرقام وإحصاء عن الوحدات السكنية بتفاصيلها الكاملة، وحتى يكون الجميع على معرفة فقد نجد أننا نعيش وهم ندرة الوحدات السكنية وهي موجودة وإدرك صعوبة ذلك ولكنها مهمة لا بد منها يا وزارة الإسكان.
لن يتم عمل حقيقي بدقة وكفاءة بدون أرقام دقيقة فالعلاج والحلول لا تأتي بالتخمين والعشوائية أبداً، لنبدأ بعمل مؤسسي رقمي دقيق وسنجد الحقيقة مختلفة كلياً.
العرض العادي
