لماذا المسلم أو العربي في قفص الاتهام دائما؟
المستر بلير يقول: "منفذي تفجيرات لندن تحركوا باسم الإسلام ويبرئ أغلبية المسلمين من الإرهاب!" فيك الخير يا مستر بلير لهذه التبرأة ولكني لا أفهم لماذا تزج أصلا بالإسلام في الموضوع؟ ما حدث في لندن جريمة بشعة بكل المقاييس وقلنا إن القاعدة لا تمثل الإسلام وما تفعله ليس في صالح العرب أو الإسلام، بل إن عرب ومسلمين يساعدون في البحث عنهم. لماذا تربطون دائما في الغرب بين الإسلام وبين هذه الحوادث وتجعل المسلم في الغرب مشتبها فيه دائما؟
لا أعرف لو كان الجيش الجمهوري الأيرلندي الكاثوليكي هو الفاعل (أو حركة كاهانا المتطرفة اليهودية) هل كنت ستقول "منفذي التفجيرات تحركوا باسم المسيحية (أو اليهودية) ونحن نبرئ أغلبية المسيحيين (أوأغلبية اليهود) من الإرهاب؟
العرب والمسلمون بحاجة ماسة إلى جهاز إعلامي قوي وموحد باللغة الإنجليزية يكسر الهيمنة الأنجلوساكسونية على الأخبار ويصحح الصورة النمطية المشوهة عن العرب والإسلام في الغرب وتحسينها. أمريكا أسست محطتي إذاعة وتلفزيون باللغة العربية لتحسين صورتها عند العرب والمسلمين وكسب قلوبهم وعقولهم. بلاش أمريكا، لماذا لا نقلد روسيا التي تستعد لإطلاق محطة تليفزيون فضائية عالمية بالانجليزي على مدار الساعة، موجهة خصيصا لأوروبا وأمريكا لتحسين صورة الروس؟
حملة تشويه صورة العرب عامة والمسلمين خاصة في الغرب لم ولن تخف أو تهدأ. هذه بعض وقائع أسوقها للقارئ: قبل فترة قصيرة حمل الأثير حوارا شيطانيا ضد المسلمين عبر محطة WTKK-FM في بوسطن، المدينة التي تحتضن أفخم وأرقى المؤسسات العلمية والتعليمية في العالم، منها جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. هذا مقطع من الحوار:
مذيع البرنامج: "أعتقد أن المسلمين في أمريكا طابور خامس ... ولاؤهم ليس لأمريكا بل للإسلام ... هم يريدون السيطرة على ثقافتنا وعلى بلدنا .. لتصبح الولايات المتحدة الإسلامية وليس الولايات المتحدة الأمريكية!"
المذيع Severin يسأل أحد المستمعين على الهاتف: "هل تعتقد أن علينا أن نصاحب المسلمين؟"
مستمع اسمه كريس من ولاية رود أيلاند بأن: "... أعتقد أن من مصلحة أمريكا أن تصاحب المسلمين الأمريكيين .. لأنهم سيساعدوها في التخلص من زعمائهم (في المنطقة) لأنهم ليسوا مسلمين حقا... فالمسلمون في هذا البلد يحبون الحرية على ما يبدو."
المذيع : "انت تعتقد أن علينا أن نصاحب المسلمين، ولكني أرى أن علينا أن نقتلهم."
المذيع Severin يدعو صراحة عبر الأثير إلى قتل المسلمين! لو هذا الكلام خرج من إذاعة عربية أو مسلمة وكان الحديث عن الأمريكان وليس المسلمين لقامت الدنيا ولم تقعد بل وكان الموضوع سيطغى على تغطية الأخبار في وسائل الإعلام لتغذية الحملة المعادية للعرب والمسلمين في الغرب.
في محطة إذاعية أخرى ولكن في نيويورك، كان عضو الكونجرس الجمهوري بيتر كنج يكيل الانتقادات للمسلمين ولشيوخ المساجد. كنج كان يروج لكتابه الجديد الذي يحكي فيه من وحي الخيال عن "هجوم محتمل على مقاطعة ناسو في نيويورك يشنه مسلمون متطرفون!" الغريب أنه يستند في كلامه إلى كتابات ومقولات اثنين من أشد المعادين للعرب والمسلمين وهما دانيال بايبس وستيف ايمرسون وهما من عشاق كتابات الليبراليين الجدد في عالمنا العربي! كنج يقول لشون هانتي مذيع البرنامج "إن العدو يعيش بيننا!" في إشارة إلى "شيوخ المساجد" وهذا على الهواء وليس فقط في القصص الخيالية التي يرويها في كتابه!
بعض وسائل الإعلام الأمريكية تشن حملتها ضد العرب والمسلمين مستندة إلى ترجمة مقالات لكتاب عرب من هواة جلد الذات. قد تضحك من هذه الواقعة لأنها تبين مدى جهل الأمريكيين بالاسلام:
شهريار أحمد شاب مسلم يعيش في ولاية أوريجون تلقى دعوة لحضور إفطار جماعي في مقاطعة بيفرتون تيجراد بالولاية ولكن الكنيسة هناك قررت منعه من الحضور لأنه مسلم، وما تقرأه الكنيسة عن المسلمين يخيفها. الكنيسة صوتت بأغلبية سبعة إلى واحد بمنعه من حضور الإفطار والسبب "إنه يصلي إلى الله وليس إلى رب المسيحيين واليهود!"
هذه ليست نكتة بل حقيقة واقعة كتبتها صحيفة أوريجانيون اليومية في وقت تدعو فيه أمريكا دول العالم إلى التسامح الديني! هل تتخيل كيف يجهل الأمريكيون أن رب المسلمين هو ربهم أيضا؟
هناك الكثير من الوقائع المحزنة المماثلة بل والأشد وطأ التي قد تملأ أكثر من كتاب، ولكننا لم نسمع إدانة من البيت الأبيض، بل إن الكثير يرى أن حوادث الكراهية تلك جزء من "حرية التعبير!"
ورغم أن المذيع يعتذر على مضض في أغلب الأحيان بسبب ضغوط عليه وشكاوى تقدمها مؤسسات إسلامية أمريكية، إلا أن ما حدث وتكرر في محطات كثيرة من مذيعين معروفين يعكس أحقادا دفينة وكراهية خفية مخيفة تنمو تدريجيا داخل المجتمع الأمريكي حاليا بسبب التأثير القوي لوسائل الإعلام التي تستمر في لصق كلمة إسلامي أو مسلم بكل حدث إرهابي أو متطرف في حين أنها لا تجرؤ على إلصاق الصفة الدينية لحدث إرهابي يقوم به مسيحي أو يهودي! إنها جرعة يومية متواصلة يتجرعها المشاهد والمستمع والقارئ في أمريكا.
عدم التزام وسائل الإعلام بتحري الدقة سيسمم الجو أكثر وأكثر بين أمريكا والعالم العربي والإسلامي. وبينما نحن بحاجة ماسة إلى إعطاء الأمريكيين فكرة طيبة عن ثقافتنا العربية والإسلامية، ظهرت بعض الكتابات المعاكسة لفصيل جديد يسمى "الليبراليون الجدد العرب" توفر مادة ساخنة لمثل هذه الحوارات الشيطانية في عدد من المحطات الأمريكية في بلد عرف عنه بأنه منبع للحرية والتسامح الديني.
بعض "الليبراليين الجدد العرب" في العالم العربي وخارجه ينتهجون سياسة جلد الذات وسب المسلمين والمسلمات، وللأسف تترجم كتاباتهم وتصل إلى كل متربص على الجانب الأخر من المحيط فيستخدمها حجة وذريعة في حملته المسعورة ضد العرب والمسلمين. أين النقد البناء؟ لماذا "الشرشحة" في كتاباتكم؟ لماذا لا تعرضون فكرا جيدا وحلولا بدلا من جلد الذات؟
أذكر ما قاله دبلوماسي أمريكي سابق عن بعض الأقلام المستأجرة : "إنهم موظفون إلى حين، يتلقون تعليمات لكتابة مقالات مقابل حفنة دولارات. صحيح أنهم سيفرحون بدولاراتهم لفترة ليست قصيرة ولا طويلة، ولكنهم سيندمون أشد الندم على ما سيجنيه أولادهم وأحفادهم بسبب تسميم الأجواء!"
ع الماشي:
هناك جهات تسارع بترجمة أي كتابات ناقدة ومعادية للعرب والمسلمين مجانا وتنشرها على الانترنت وفي عدد من الصحف الأمريكية بل وترسلها إلى أعضاء في الكونجرس ومعلقين سياسيين ومحاورين ومذيعين يقرأونها في مقدمة برامجهم ويستندون إليها في هجومهم الشرس على الإسلام والمسلمين خاصة، والعرب عامة بحجة "وشهد شاهد من أهلهم!"
by mail