السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فمصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الحاكم في مستدركه وصححه الألباني : ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة )
نضع بين أيديكم هذا الفصل المبارك الذي يُبيّن فضل المعروف وشروطه وخصاله ..
فصل في صنائع المعروف
v كل معروف صدقة : قال القرطبي – رحمه الله : " والمعروف لفظ يَعُمّ أعمال البِرّ كلها ... قال صلى الله عليه وسلم : ( كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طـَلـْق )[حسّنه الألباني].
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " لا يزهدنّك في المعروف كفر من كفره ، فقد يشكر الشاكر بأضعاف جحود الكافر " .
وقد قيل :
من يفعل الخير لا يعدم جوازِيَه *** لا يذهبُ العُرْفُ بين الله والناس ِ
وقيل:
يَدُ المعروفِ غُنْمٌ حيث كانت *** تحمّلها كَفورٌ أو شكورٌ
ففي شكر الشكور لها جزاء *** وعند الله ما كفَر الكفور
v المبادرة والتعجيل في إسداء المعروف :قال القرطبي – رحمه الله : قال الماوردي : " فينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجله حذار فواته ، ويبادر به خيفة عجزه ، وليعلم أنه من فرض زمانه ، وغنائم إمكانه ، ولا يهمله ثقة بالقدرة عليه ، فكم من واثق بالقدرة فاتت فأعقبت نَدَما ، ومعوّل على مِكـْنَة زالت فأوْرثَت خجلا ، كما قال الشاعر :
ما زلت أسمع كم من واثق خجل *** حتى ابتليت فكنت الواثق الخجلا
ولو فطِن لنوائب دهره وتحفظ من عواقب أمره لكانت مغانمه مذخورة ، ومغارمه مجبورة .. " قيل لأنُو شِرْوان : ما أعظم المصائب عندكم ؟ قال : أن تقدر على المعروف فلا تصطنعه حتى يفوت .
وقال عبد الحميد : من أخّر الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها . وقال بعض الشعراء :
إذا هبّتْ رياحُك فاغـْتـَنِمهـا *** فـــإنّ لكل خافِقَــــة سُكــــونُ
ولا تغفل عن الإحسان فيها *** فما تدري السكون متى يكون
وكتب بعض ذوي الحرمات إلى وال ٍ قصّر في رعاية حُرْمته :
أعَلـَى الصراط تريد رِعْية حرمتي *** أم في الحساب تمنّ بالإنعام
للنفع في الدنيـــا أريدك فـــــانتبـــه *** لحوائجي مــن رقدة النـــوم
v خصال وشروط المعروف :
قال القرطبي – رحمه الله : " قال العباس رضي الله عنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال : تعجيله وتصغيره وستره ، فإذا عجلته هنأته ، وإذا صغرته عظـّمته ، وإذا سترته أتممْته .
وقال بعض الشعراء :
زاد معروفُك عندي عظما *** إنـــــه عندك مستـــور حقيـــر
تتناســـاه كــــأنْ لم تأتِــــه *** وهو عند الناس مشهور خطير
ومن شرط المعروف تركُ الامتنان به ، وترك الإعجاب بفعله ، لما فيهما من إسقاط الشكر وإحباط الأجر .
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك