هل مرّ على أحدكم لحظة شعر فيها بأن الزمن قد تراجع إلى الوراء؟ أن هناك فجوة بين الحقيقة وبين ما نعيشه الآن؟ في تلك اللحظات، نعود إلى أعماق أنفسنا، نجد أنفسنا غارقين في تساؤلاتنا، ونكتشف أن العديد مما نبحث عنه ليس إلا كامناً فينا. في صمتنا، وفي تأملاتنا، تكون الإجابات واضحة رغم غموضها.
الخواطر ليست مجرد أفكار عابرة، بل هي رسائل غير مرئية تخرج من قلب الإنسان، قد تكون أضعف من أن تترجمها الكلمات، لكننا نكتبها بقلب مخلص، على أمل أن تصل إلى من يقدرها، إلى من يشعر بها.
أحيانًا، تكون الخواطر أقل من أن تعبّر عما نشعر به، لكنها تحمل بين سطورها رسالة صادقة. نحن لا نحتاج إلى المزيد من الكلمات لنشرح ما في قلوبنا، بل نحتاج إلى أن نُسمع، ليس بالألفاظ، بل بحضورنا، بحقيقة مشاعرنا التي تتنفس بين السطور.
نحن في حاجة إلى أن نفهم أنه رغم سرعة الحياة، ورغم هذا العالم الذي لا يتوقف عن الهرولة، تظل لحظاتنا مليئة بالمعاني التي لا تكشفها سوى الصمتات التي تسبق الكلمات. فكل حرف نكتبه هو جزء من بحثنا المستمر عن الحقيقة، وهي ليست بعيدة، بل هي أمامنا، بين أفكارنا، في كل تجربة نعيشها.
نكتب لأننا نريد أن نُفهم. نكتب لأننا نحتاج إلى أن نكون موجودين في هذا العالم، ليس بالكلمات فقط، ولكن بالصدق الذي لا يزول. نكتب لنحاول أن نترك أثراً في هذا المكان الذي يمر به الجميع، علّه يبقى في الذاكرة، علّه يتردد في القلوب، فلا يضيع سدى
أنا هنا لأفجر الصمت بكلمات، ولكني لن أضمن ماسيحدث بعدها..!
.
تلك هي أوتار السماء تعزف غروب ألوانها
من جديد ....
ادركنا آن الحياة مثل الغبار المتناثر
لا وجود لحياة في هذه الحياة ..
وهذا الغبار المتناثر فوق اكتافنا
المهدمة يزيدنا نقما على كل شيء...
في خواطرنا كلام لا يُقال إلا للأرواح التي تعرف كيف تقرأ ما بين السطور، تلك الأرواح التي لا تهاب الصمت، بل تُدرك فيه أعمق المعاني. إننا حين نكتب، لا نبحث عن الحروف فقط، بل عن اللحظة التي تلتقي فيها الأنفاس، فيمتزج فيها القلب بالعقل، فيُولد المعنى.
كلامنا لا يُقاس بالكلمات التي نطقنا بها، بل بالفراغات التي تركناها لتتنفس فيها الأفكار، وبالأنغام التي هزّت روح كل قارئ دون أن يُدرك سبب الاهتزاز. نحن لا نبحث عن التصفيق، ولا عن الثناء، بل عن اللحظة التي يشعر فيها القارئ أن كل كلمة قد كُتبت من أجله، كما لو كانت رسالة من الروح إلى الروح، لا ينتبه إليها إلا من كان مستعدًا لأن يشعر.
كل كلمة، كل سطر، هو محاولة للوصول إلى ذلك العالم الذي لا تدركه العيون، بل تحياه الأرواح.
قد يبدو حديثي غامضًا، ولكن جماله يكمن في أنك تفهمه فقط عندما تتوقف عن محاولة فهمه