في تحدٍ لا يرحم، حيث الكلمات لا تُشترى ولا تُستعار، بل تُنسَج من نسيج الروح، أُعلن أنني لا أكتب فقط لأملأ الفراغات أو لتجميل العبارات. أنا هنا لأخلع الكلمات من أعماقي، لأجعلها تلامس الوجود ذاته، تقاتل المسافات بين الأوقات والأماكن، لتغني صمت الكون بأسره.
في سطوري، لا مكان للسطحية. كل كلمة هنا هي شهادة على وحدة العاطفة مع الفكر، وعلاقة الألم بالجمال.
أكتب لأرتب الفوضى التي تسكن داخلي، لأبحث عن المعنى في عالم مليء بالتفاصيل التي يُغفل عنها.
أخطو في الكلمات خطوة تلو الأخرى، محاولًا أن أجعل كل حرف يُقال أقوى من الذي قبله، أعمق، وأكثر صدقًا. قد يمر الوقت، وقد تمضي اللحظات، لكن إذا كان لي أثرٌ في هذا الكون، فليكن هذا الأثر كلمات تظلّ حية، تنبض في الزمان، لا تُمحى أبدًا.
فإن كان هناك شيءٌ في الحياة يستحق أن يُكتب، فهي الحقيقة التي بين أفراحنا وأحزاننا.
لذا، لا تطلبي مني أن أكتب كما يكتب الآخرون. فكل حرف، وكل كلمة أطلقها، هي عصارة معركة بين القلب والعقل، بين ما أريد أن أقوله وما لا أستطيع أن أفصح عنه.
ومع كل حرف أكتبه، أقترب أكثر من ذاك الشعور الغريب بأنني لا أكتب للماضي، بل للمستقبل، للمكان الذي ربما لم أره بعد، لكنني أعرف أنه ينتظرني.
هذا هو التحدي الحقيقي، أن تكتب لشيء لم تراه بعد، أن تتحدى كل قوانين الكتابة وتخلق لها قوانينك الخاصة. وأن تترك ما كتبته هناك، في ذاك الفضاء، ينتظر أن يلتقطه الآخرون كما يلتقطون أنفاسهم بعد الجري، ليجدوا فيه أنفسهم، دون أن يدركوا أنهم كانوا ينتظرونك طوال الوقت.
أنا هنا لأفجر الصمت بكلمات، ولكني لن أضمن ماسيحدث بعدها..!
في خاطري لكِ حديثٌ لا ينتهي، حروفه مزهرة بلون الحنين ومطرزة بأجنحة الأمل. أخشى أن تفيض به السطور، فيُباغت الصدق كل حجابٍ بيننا، ويكشف أن ما في الخاطر ليس مجرد كلام، بل نبضٌ يتردد صوته في كل لحظة، وكأنه يقول: أنتِ الحياة حين تُكتب
في خواطرنا كلامٌ لا نجرؤ على قوله، لكنّه ينبض داخلنا بكل قوة، كأسرارٍ دفينة في أعماق البحر. قد يظل صامتًا حينما يُسأل، لكنه يعبر عن نفسه في كل نظرة، في كل إشارة، وفي كل لحظة تجلٍّ. قد يكون هذا الكلام أكثر صدقًا من كل ما يُقال بصوت عالٍ، وأعمق من كل الحروف المنطوقة، لأنه ببساطة يتقاسم الوجود مع من نفكر فيهم دون أن نعرف كيف نكتبهم.
هل تسمعين هذا الكلام الذي لا يُقال؟ إنه حديث العيون، ودندنة الهمسات، وخفقان القلب حين يكون بعيدًا عن الكلام. إنه الجمال الذي ينمو في الصمت، ويكبر في اللحظات التي نعيشها دون أن نحتاج لشرح.