إليكِ،
أنتِ التي لا يكتمل الحرف إلا بذكراكِ، ولا تشرق الكلمات إلا حينما تلوّح صورتكِ بين السطور.
في غيابكِ، تصبح الحروف يتيمة، تبحث عن مأوى في دفء حضوركِ. وإن عاد الحرف يهمس باسمكِ، فهو دليل على أن الغياب لا ينتصر على من تسكن أرواحنا.
أكتب لأخفف عن قلبي حملاً من الشوق لا يعرف حدوداً.
كل كلمة أكتبها هي بريدٌ أرسله لعينيكِ…
أنا هنا لأفجر الصمت بكلمات، ولكني لن أضمن ماسيحدث بعدها..!
بريد الحب، هو تلك الكلمات التي يُرسلها الفؤاد عند غياب الجسد، هي الهمسات التي تلامس الأذواق من بعيد، وتداعب الأحاسيس قبل أن تترجم إلى كلمات. إنها لحظات من الاشتياق تكتب سطورها في الفضاء، تصل إلينا حيث لا مكان ولا زمان، بل هو قلب يشبع من العشق بلا حدود..
إليكِ في بريد الحب، رسالة لا تحمل سوى الصدق الذي لا تستطيع الكلمات أن تعبر عنه بالكامل، لكنني سأحاول:
أنتِ، يا من أخذتِ مكانًا في القلب دون أن تعيشي فيه، يا من جعلتِ من غيابك حضورًا في كل لحظة، لم أكن أعتقد أن هناك لحظات يمكن أن تُنسج من الغياب، لكنكِ علمتِني أن الغياب قد يكون حافزًا للحب، وأنه قد يتحول إلى حضن دافئ نشتاق إليه أكثر كل يوم.
رسالتي إليكِ، لا تُكتب على ورق أو بمداد، بل هي محكومة بنبضات قلبي التي تشق طريقها إليكِ عبر الزمن. كلماتها ليست سوى أطياف تلمع في السماء، كل واحدة منها تمثل لحظة أمضيناها معًا، وكل نبضة في قلبي تحمل ذكرى تزداد في العمق مع كل يوم يمضي.
ما أتمناه، وما أتمناه فقط، هو أن تبقي قريبة من تلك الذكريات التي رسمتها معكِ، مهما ابتعدت الأيام وتلاشت المسافات. لأنه في قلبكِ، وجدت معنى للوجود الذي لا يعوضه شيء آخر.
رسالة مختومة بالنبض، مغلّفة بالحنين، محمّلة بكل ما عجزتُ عن قوله.
هل تعلم أنني أكتب إليك كل يوم، دون أن أرسل؟ أخشى أن تصل الكلمات باردة، بعد أن احترقت بداخلي طويلًا.
أخبرني، هل ما زالت رسائلي تصلك عبر الصمت؟ هل ما زلتَ تقرأني في غياب الحروف؟
إلى من تحملُ صورتها بين ضلوعي، وتسكنُ الحروفَ في فؤادي:
أكتب إليكِ هذا البريد كما يكتب العاشق الذي يعترف بحبه دون أن يطلب جوابًا. هو اعترافٌ غير معلن، لكنه معترفٌ بكل نبضةٍ من قلبٍ لا يعرف إلا أنتِ، ولا يلتفت إلى شيء سواكِ. ليس في كلماتٍ تقال، ولا في أزمنةٍ تجلب الحروف، بل هو شعورٌ يظل مستمرًا حتى وإن كانت المسافات بعيدة، حتى وإن كانت الأوقات تتبدل.
أنتِ كما أنتي، لا أحتاج أن أصفكِ بالكلمات، لأنكِ موجودةً في أعماقي، كالنجم الذي يضيء لي كل ليلٍ طويل، لا يطاله الزمن ولا تُخفيه السُحب. ومع كل بُعدٍ بيننا، يبقى هذا الضوء ثابتًا في سماء روحي، ينير دروب أفكاري.
أريدكِ أن تعلمي، أنني لا أكتب إليكِ للبحث عن جواب، بل لأنني أريد أن أسجل لكِ في هذه الكلمات اعترافًا خفيًا، أسطره بالحب. سألت نفسي مرارًا، كيف يمكن للحب أن يتسع بين سطور؟ فوجدت أنه لا يمكن للروح أن تكون إلا في المكان الذي اختارته، وهذا المكان هو قلبكِ. حيث تسكنُ روحي وتغني كل لحظة بأمل.
أنتِ وحدكِ تعرفين كيف يتحول الصمت إلى لغة، وكيف تُترجم الأحاسيس إلى مشاعر لا يمكن لمسكها، لكنني أعيش تلك المشاعر كل يوم. لا أحتاج لتفسيرها، فالحب أعمق من أن يُقاس بالكلمات.
إلى أن نلتقي، سأظل أكتب لكِ في كل حرفٍ أرسله إلى الهواء، في كل نسمةٍ تهب عليّ، وفي كل شروقٍ يرسم وجهكِ في خاطري.
كيف لحروفٍ بسيطة أن تحمل كل ما في القلب؟ كيف لورقةٍ واحدة أن تتسع لهذا الشوق الذي لا يهدأ؟
أكتب لكِ وكأنني أبعث نفسي بين السطور، وكأنني أودع بين يديكِ روحي في رسالة. أخشى أن يكون الكلام أقلّ مما يستحقه حضوركِ في قلبي، وأخشى أكثر أن تصلكِ رسالتي ناقصة، كما لو أن الحبر يعجز عن مجاراة ما أشعر به.
كل ما أريده أن تعرفيه الآن، أن هناك قلبًا يخفق باسمكِ في كل لحظة، وأن المسافة التي بيننا ليست إلا امتحانًا آخر للغائبين الذين لا تغيبهم الأيام.