سوالف حريم:الحلقة الأضعف
دوما كانت النساء في مجتمعاتنا الشرقية هن الأكثر اقبالا على أمور السحر والشعوذة وقراءة الطالع والكف والفنجان، وغيرها من الأمور التي تعتقد المرأة عن جهل انها يمكن ان تستطلع المستقبل من خلالها أو ان تغير شيئا من واقعها.
وكان ذلك التوجه يفسر بالجهل وقلة المعرفة والثقافة، واعتقد ان هذا التفسير هو جزء من الأسباب، ولكن هناك سببا آخر لهذه الظاهرة وهو ان هذه المرأة هي ابنة ثقافة لا تطرح الأسئلة وانما تتكل على الأجوبة الجاهزة، لذلك فهي لم تعتد البحث عن الأسباب الموضوعية للظواهر والأزمات، بل تفضل ان ترجعها للقدر والغيبيات، فإذا تقدم العمر بشابة مثلا ولم تتزوج فالتفسير الجاهز هو انها اما مربوطة بسحر أو محسودة، واذا شعرت المرأة بأن علاقتها بزوجها ليست على ما يرام فانها تتوجه لدجال أو عراف ليستطلع لها سبب هذا الجفاء ويعيده اليها بتعويذة أو تميمة.
وبالاضافة الى ذلك فإن المرأة الشرقية لم تتدرب على ان تحدد مصيرها بنفسها، وان ترسم خريطة حياتها بيدها، فهي تشعر بضعف وقلة حيلة تجاه سلطة لا تمكنها من اخذ القرارات، سواء كانت هذه سلطة مجتمع ترسم لها عاداته وتقاليده حدودا لا يمكن تجاوزها أو زوجا أو أبا يمارسان عليها دور الوصي والراعي الرسمي لها، لذلك فهي تعودت على ان حياتها هي خطوات يرسمها الآخرون لها وعليها ألا تتخطاها والا اعتبرت عنصرا شاذا في المجتمع.
ان النساء الساعيات نحو استطلاع مستقبلهن أو تغيير حاضرهن عبر الشعوذة اشبه بمريض ميئوس من شفائه ينتظر معجزة تعيد الأمل اليه، فهواجس النساء الشرقيات واحدة ولا تتحدى أمور الزوج والرزق وزواج البنات، وكأن جوانب الحياة الأخرى مجرد مكملات ثانوية لا يجب ان يثير القلق عدم اكتمالها أو تحقيق نجاح ما فيها.
فالمجتمع لا يرى ان المرأة فاشلة الا اذا لم يرتبط كيانها برجل، وهي بدورها تخشى هذا الفشل لأنها تعلم انها أضعف من ان تواجه المجتمع ككيان مستقل، وانها الحلقة الأضعف في رابطة الزواج، فلا ثقافة تسعفها في فهم معنى هذه العلاقة ودورها وحقوقها فيها، ولا مجتمع يساندها في انتشال نفسها من حالة اليأس والجهل وانعدام الثقة بقدرتها على تغيير واقعها بنفسها لا بمعجزة من الغيب.
القبس
العرض العادي
