قال تعالى: (فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون). الواقعة الآيات [83،84،85]
»فلولا إذا بلغت الحلقوم«
أي: فلولا إذا بلغت الروح الحلقوم وهو »الحلق« وذلك حين الاحتضار كما قال تعالى: كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق«.
توضيح: الحلق ـمجرى الطعام
»وأنتم حينئذ تنظرون«
المقصود وانتم تنظرون إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت ولا تستطيعون فعل شيء ونجد هنا أن الخطاب عام للجميع والمراد به من حضر الميت من أهله وغيرهم وقيل تنظرون إلى الميت لا تقدرون له على شيء وقال ابن عباس: يريد من حضر من أهل الميت ينتظرون متى تخرج نفسه ثم قيل وهو رد عليهم في قولهم لإخوانهم »لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا« آل عمران: الآية 156 أي فهل ردوا روح الواحد منهم اذا بلغت الحلقوم.
»ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون«
يقول: ونحن أقرب اليه منكم ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ولقد استخدم الله عز وجل كلمة »لا تبصرون« ولم يقل »لا تشعرون« لأن الميت قبل موته يعطى اشارات و حركات وأقوالا أن أحدا بجانبه أو ملاكا وذلك بأن الميت قبل موته يرى الملائكة عياناً ولكن من حوله لا يبصرونهم ولكن يشعرون لهم بأقوال وحركات وإشارات الميت.
ونحن اقرب إليه منهم »أي بملائكتنا« ولكن »لا تبصرون« أي ولكن لا ترونهم كما قال تعالى في الآية الآخرى (وهو القاهر فوق عبادة ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين).
يقول: »ونحن أقرب إليه منكم« أي رسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون وهذا دليل على عظمة الخالق وقدرته فأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك ولا تستطيعون المنع أو التأجيل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون«.
تبين الآيات إعجاز القرآن الكريم فإذا بلغت الروح الحلقوم وأنتم تنظرون المحتضر في هذه الحالة والحال نحن أقرب إليه منكم بعلمنا وملائكتنا ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين أي: ان كنتم تزعمون انكم غير مبعوثين ولا محاسبين ومجازين ترجعون الروح إلى بدنها إن كنتم صادقين وانتم تقرون عجزكم عن ردها الى موضوعها فحينئذ تقرون بالحق الذي جاءكم به محمد وإما أن تعاندوا فسوف يسوء مآلكم.
الوطن