" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " يقول النبي صلى الله عليه و سلم : (( العين حق ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم )) . هذا الحديث الشريف يفيد أن كل انسان حوله شياطين الجن يتربصون الايقاع به, فكل انسان معرض للحسد , ولا يكاد أحد يسلم من العين الا من عصم الله . يقول شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه السلوك الحسد مرض من أمراض النفس , وهو مرض غالب فلا يخلص منه الا القليل من الناس , ولهذا يقال : ما خلا جسد من حسد , لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه ). ومعنى اللئيم يبديه : أي بوصف أخيه المسلم دون ذكر الله , ( وقد قيل للحسن البصري : أيحسد المؤمن ؟ فقال : ما أنساك اخوة يوسف , لا أبا لك , ولكن غمه في صدرك , فأنه لا يضرك ما لم تعد به يدا ولا لسانا ) . قال بعض السلف: ( الحسد أول ذنب عصي به الله في السماء , يعني : حسد ابليس لآدم عليه السلام , وأول ذنب عصي به في الأرض يعني : حسد ابن آدم لأخيه حتى قتله ) , وقال صلى الله عليه وسلم : (( أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين )) . قال شيخ الاسلام ابن تيمية : ( من وجد في نفسه حسدا لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه ) , وقال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث لا ينجو منهن أحد : الحسد, والظن, والطيرة . وسأحدثكم بما يخرج من ذلك : اذا حسدت فلا تبغض , واذا ظننت فلا تحقق, واذا تطيرت فامض )). رواه ابن أبي الدنيا, وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( دب اليكم داء الأمم قبلكم : الحسد , والبغضاء , وهي الحالقة , لا أقول تحلق الشعر, ولكن تحلق الدين )) . فسماه داء أي مرضا نرجع الى الحديث الذي رواه أبو هريرة مرفوعا : (( العين حق ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم )). قال ابن حجر وقد أشكل ذلك على بعض الناس فقال : كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل ضرر المعيون , وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر اليه وتضعف قواه, وكل ذلك بواسطة ما خلق الله تعالى في الأرواح من التأثيرات , ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل الى العين , وليست هي المؤثرة وانما التأثير للروح, فالذي يخرج من عين العائن سهم معنوي , ان صادف البدن الذي لا وقاية له أثر فيه , والا لم ينفذ السهم , بل رد على صاحبه : كالسهم الحسي سواء ) . اذن الذي يخرج من العين هو الوصف ( وهو سم اللسان ) _ بدليل أن الأعمى يصيب غيره بالعين _ , ويتلقف الشيطان المتربص هذا الوصف الذي لم يذكر الله عليه , ويؤثر في البدن المحسود ( باءذن لله ) اذا لم يكن ثمة تحصين .