بين رغبات الجسد وطهارة الروح تكون الغربة ..!!
لا أدر كيف أتناول هذا الطرح وبأي قالب اضعه حتى يفهم مقصدي ، وكل منا وله رغبة جسد وطموح روح ، والرغبة بنظر الروح دنية ،وطموح الروح بنظر الجسد مشقة وعناء لا طائل منه والنهاية واحدة ... الموت ..!! نعم أضع علامتي تعجب لأني أدرك كما يدرك غيري أن النهاية واحدة في الفصل الأخير من حياة الجسد وترك الروح له فمن منها يموت ولم تترك روحه جسده ،،،وكم جسد حي بلاروح تسكنه .؟؟
وعودا على ذي بدإ .. رغبات الجسد،،، من منا لم يشبعها أو حتى يشبع بعضها أو على الأقل يلهث ورائها كما هي حال أغلب بني البشر ،
ولكن الغريب أن الجسد يشقى رغم تحقيق رغباته ، والروح تهنى بتحقيق طهارتها وترك رغبات الجسد الذي تسكن فيه ..!!!
وهنا أقول كيف يسعى الجسد لرغبة وهو يدرك أن فيها شقاءه ...!!!
أوليس هذا من غرائب أمور الدنيا ...!!،
وحتى لا نتوه في بحر الكلمات الضمنية أضرب هذا المثل لمن لا يملك خيالا واسعا ولا للرغبات ميال ، فأقول : من رغبات الجسد الحب ،
تلك الرغبة العمية عن الإدراك والعصية عن الفهم ، والجسد يرغب بشكل جنوني تحقيقها (ومن منا لا يسعى خلف رغبة حبيب )
حتى يهنأ بها ولكنه ما إن يحققها إلا ويشقي نفسه في الحفاظ عليها ويعيش خوف فقدانها وياليت شعري كيف هي من رغبة ورهبة رغبة ورهبة الحب ،
وهل رأيت محب لا يخش فقد حبيبه ..؟؟
وهنا تأتي الروح بسموها لتلغي فكر الحب وتسمو بالجسد فوق رغباته فتخرج تعلق القلب بالحبيب إلى تعلقه بما هو أسمى حب الله تعالى أو حب فكرة السمو بحد ذاتها،
وخلال هذا السمو تتساقط الاقنعة كما تتساقط أوراق الخريف وتتغلب الرغبات على أناس يبحثون عن السموء وسط حفر الرغبة ،
فتتعلق قلوب برغبات الجسد وقلوب تسمو مع الروح عاليا ،
وقد أجد من يخالفني الرأي في أن الروح لا تلغي الحب كله بل تسمو به . وهذا صحيح في حالات نادرة عندما يسمو الحب ويخلوا من الرغبات الدنية من خيانة وطمع ومصلحة ذاتية بين الطرفين ،
هذا كان مثالا لمن لم يفهم مقصدي أما من فهم مقصدي أن المرء قد يعيش غربة بين جوانحه ويشعر بالوحدة رغم كثرة الخلان حوله ،
لماذا لأنه يشبع رغبات جسده فقط ولم يلتفت لروحه السامية ،
مع العلم أن هناك أناس يملكون أرواحا سامية رغم البساطة التي يظهرون لانهم ببساطة كبحوا رغبات أجسادهم ، فمن كبح رغبات جسده في الحب مثلا سمت روحه وبالحب سمت معه ،
ولكن مقصدي من تملكته رغبة الجسد وأحاطت به رغباته ليشبعها وهو يدرك هلاكه وشقاءه بها ولكن عمي أو تعامي عن هذه الحقيقة .
فالشقاء لازم من لوازم الرغبات ، والهناء للروح القنوعة التي رفعت نفسها عن حفر الرغبات المهلكة ،
والعجيب تلك الغربة التي يجدها من يقع بينهما أعني رغبة الجسد وسمو الروح تجده يعيش غربة الرغبة ومخافة الرهبة ، فيرغب رغم إحجام روحه ،وروحه تسمو به رغم إنغماس جسده في رغباته ...!!!!
فكأنه بين حالين يريد ولا يريد ، وأيهما غلب إنجذب له ، وبداخله شعور متناقض لم يلبي رغبة وهو سامي الروح طاهر الجنان ...!!!
وهذا الشعور الغريب يجعله يعيش تلك الغربة التي لاتظهر على محياه ولكنها غربة داخلية لايشعر بها إلا هو ومن هو على شاكلته .
حاتم حائل
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
