خذوا كل شئ .. وأعطوني دل بييرو !!

خذوا كل شئ .. وأعطوني دل بييرو !!

--------------------------------------------------------------------------------


عندما نمتلك الطموح، فتكون حينها القمة أدنى المقبول. لأن الإرادة في رجل عجوز تتفوق بأفضلية عند فتى اللياقة البدنية. ولأن الكبار كثيراً ما يفضلون النظر للأسفل فيعرفوا كم الماضي عظيم، فيما الصغار ينتظرون المستقبل فيتقنوا أنه غامض لا يعرفه سوى اللاحدود. ولأن الأساطير ترحل يوماً لتبصم كم هي متعة سوية. لأننا يجب أن لا نتوقف كي نتحرك. وأن نتحرك كي نختلف عن الآخرين..

فهذا أليساندرو دل بييرو، في عمر يتجاوز الثالثة والثلاثون، يحقق ألقاب الهداف لكأس ايطاليا ودوري ايطاليا للدرجتين الأولى والثانية ورابع هدافي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، رغم أنني لا أعترف بها، ربما لو كنت ناسجاً خيالياً لجعلت أليساندرو دل بييرو لقباً تبحث عنه المسميات، أما لو كنت واقعياً للغاية لوضعت أليساندرو دل بييرو على هرم الريادة. فيما لو كنت عاجزاً عن النقاش، لقررت الصمت احتراماً عن الجدال في أسطورة. ربما لا يعرف الكثير عنها، وربما يعرفون ولا يعترفون. أو يعترفون ويخفون.. وأشياء أخـرى !

من يصدق أن يوفنتوس ما بدى له أن اختفى حتى ظهر لينافس، فربما سمعنا كثيراً عن ليل طويل حَلَ في فيورنتينا وليدز بعد هبوطهما، وأنا متأكد بأن أي قوة ضاربة لو هبطت لما عادت قوية بهكذا سرعة، أن تفوز في الديربيات الكلاسيكية (ميلان..انتر..روما..لاتسيو..وغيرها)، وتقترب كثيراً من القمة لولا سوء إشارة المرسل داخل أرض الملعب! ..وأن تقترب من الظفر بكأس ايطاليا لولا غباء "منتقد توتي"! وأن تفوز ذهاباً وإياباً أمام ريال مدريد..أنا لا أتحدث عن يوفنتوس بقدر ما أتحدث عن دل بييرو!..من يصدق أن برنابيو قرر الوقوف سلاماً لدل بييرو عوضاً عن راؤول ورفاقه في ليلة العجوز الذي قهر لياقة الآخرين!. ذلك الرجل الميت إعلامياً الذي أعاد يوفنتوس للواجهة كما لو أنها لم تذهب، رغم تخلف وغباء المدربين الوافدين على منصة يوفنتوس الشريفة وسذاجية الإداريين الحافظين للمال القانطين خلف الماء الملوث بالنساء!..

في الوقت الذي تتجه فيه كل الصحف إلى أخبار توتي وميسى ورنالدو وغيرهم، فإن دل بييرو يستعد للعودة وليبدأ موسمه الجديد. تصوروا هذا الرجل قال قبل بضعة سنوات، "أريد اللعب حتى عمر الأربعين سنة". قوبل بالسخرية من مشجعي يوفنتوس، فرد عليهم أليساندرو بأن أصبح اللاعب الذي لا يمكن أن يفرط به يوفنتوس حتى لدقيقة..لو كنت ناشراً، لكتبت في أخبار جازيتا، أن انتصارات يوفنتوس هذا الموسم جميعها هزلية وفيها شئ من الصدفة (دون النظر لإنتفاضة الخمسة التي ننتظر تكرارها أو عدمها)، وربما آخر تعادلات وخسارة تصف معنى كلامي، ربما لأننا ما زلنا لم نؤمن بوجود لاعب كمثل دل بييرو، الرجل الذي لا يستطيع تقبل هزيمة باليرمو، أو تعادل بولونيا، ميونخ وغيرهم، وكم من حصاد للقائد في مرمى هذا وذاك وأولئك.. الرجل الذي قال خسارة الشوط الأول..لا تعني استسلام في الشوط الثاني !

يتحدثون عن عودة توتي للمنتخب، الذي يعود بقوة هذا الموسم، فيما ما تحدثوا اطلاقاً عن وجوب عودة دل بييرو منذ أكثر من عام ونصف، كما أننا نتحدث عن هداف نادي ودوري غير موجود في المنتخب. لم يكن طريفاً الحديث عن عودة توتي...بل الخوض في تفاصيل ضم أماوري للمنتخب!!.. الذي لم يسجل منذ سبعة أشهر!

وددت لو كنت من المكسيك، فلكانت الجماهير خرجت لتطالب بعودتك كما فعلت مع بلانكو، أو سويدياً في وضع هنريك لارسون! ...أو برازيلياً، فيرمي شخصاً نفسه في أرض الملعب البوليفي ليطالب بعودة رونالدو! .. "وددت لو كنت برازيلياً فألقى اهتماماً أكبر".. جيوفنكو، ايطالي معترف!.. لكنني أعود فأقول، لو كنت ناسجاً خيالياً لجعلتك قميصاً ترتديه المنتخبات الأخرى ! قالوا أن دييجو سوف ينسينا جوهرة دل بييرو، ونجح في ذلك..أنسينا دل بييرو فنسينا بعضاً من روعة يوفنتــوس بالنتيجة والأداء! ..أنا لا أقلل من دييجو، فأنا أحب دييجو..ولكنني أحب الواقع أكثر..لقد طفح بنا الكيل..مع كل موسم جديد..نقول مرحبا بخليفة أليساندرو!!.. منذ أكثر من عشر سنوات نستمع لهذه الجملة..

مع احترامي الخالص لجميع المشجعين..فلن يكون هناك يوماً خليفة لدل بييرو..لأنه وبعمر 35 سنة ما زالت الصحف تقارنه بنجوم الكرة الحاليين كرونالدو وميسي وغيرهم..بل ما زالت الصحف تستنجد بعجوز السيدة العجوز..


دل بييرو..
وما حُب الألقاب إذا ما اكتملت العقول؟
وما عِشق المال إذا ما احتوتها هـدف..
وأي شهرة أغطس فيها فأغرق!؟
وصحف أتصدرها .. وأتذيل الملعب!
وأوراق تحتفي بأسماء المظهر..
وحبر ينشد قصائد عن نجاحاتهم..
فيما أفشل عن قراءة بيت منهم !
أي مقارنة تتحدثون ..وتشتمون
خذوا كل شئ ..
خذوا الصحف والألقاب..
خذوا الدقائق المعدودة..
والأوراق الشكلية..
والأحبار التي تكتب كذب الأخبار..
خذوا كل شئ تريدونه..
خذوا كرة القدم..!
وأعطوني دل بييرو !


9 نوفمبر 2009 .. 35 سنة.



__________________