لحظتها وقف مذهولاً واجماً ، لكن وبعد أن تلقى الصدمة الأولى ما هي
إلا لحظة أخرى وتذكر جملته التي كان يرددها دائماً
لابنه ويقول له فيها : مهما كان
(سأكون دائماً هناك إلى جانبك) ، و بدأت الدموع
تنهمرعلى وجنتيه ،وما هي إلا لحظة ثالثة إلا وهو
يستنهض قوة إرادته و يمسح الدموع بيديه ويركز
تفكيره ..!!
ونظره نحو كومة الأنقاض ليحدد موقع الفصل الدراسي
لابنه وإذا به يتذكر أن الفصل كان يقع في الركن
الخلفي ناحية اليمين من المبنى ، و لم تمر غير لحظات
إلا وهو ينطلق إلى هناك ويجثو على ركبتيه ويبدأ
بالحفر ، وسط يأس وذهول الآباء والناس العاجزين .
حاول أبوان أن يجراه بعيداً قائلين له : لقد فات الأوان
، لقدماتوا ، فما كان منه إلا أن يقول لهما :
هل ستساعدانني ؟!
واستمر يحفر ويزيل الأحجارحجراً وراء حجر، ثم أتاه
رجل إطفاء يريده أن يتوقف لأنه بفعله هذا قد يتسبب
بإشعال حريق ، فرفع رأسه قائلاً : هل ستساعدني ؟!
واستمر في محاولاته ، وأتاه رجال الشرطة يعتقدون
أنه قد جن ، وقالوا له : إنك بحفرك هذا قد تسبب خطراً
وهدماً أكثر ، فصرخ بالجميع قائلا : إما أن تساعدوني
أو اتركوني ، وفعلا تركوه ، ويقال أنه استمر يحفر
ويزيح الأحجار بدون كلل أو ملل بيديه النازفتين لمدة
(37 ساعة) ، وبعد أن أزاح حجراًكبيراً بانت له
فجوة يستطيع أن يدخل منها فصاح ينادي : (ارماند) ،
فأتاه صوت ابنه يقول: أنا هنا يا أبي ، لقد
قلت لزملائي ، لا تخافوا فأبي سوف يأتي لينقذني
وينقذكم لأنه وعدني أنه مهما كان سوف يكون إلى
جانبي.
مات من التلاميذ 14، وخرج 33 كان آخر من خرج
منهم ارماند ، ولو أن إنقاذهم تأخر عدة ساعات أخرى
لماتوا جميعا ، والذي ساعدهم على المكوث أن المبنى
عندما انهار كان على شكل المثلث ، نقل الوالد بعدها
للمستشفى ، وخرج بعد عدة أسابيع .
والوالد اليوم متقاعد عن العمل يعيش مع زوجته وابنه
المهندس ،
الذي أصبح هو الآن الذي يقول لوالده : مهما كان
سأكون دائماً إلى جانبك ..!!
إن الرغبة والقدرة على تخطي الصعاب وتجاوز
المحبطات والمثبطات انما هي سمة الإداري الناجح ،
وعليه لا بد من التمسك برغباتنا وطموحاتنا حتى تكلل
بالتطبيق العملي في أرض الواقع ولو بعد حين ،
فما من شيء في هذه الدنيا يكون لنا بين الكاف والنون
، انما علينا العمل للوصول للغاية النبيلة التي
نرنوا إليها ، وكلما سمت غايتك عليك مضاعفة العمل
وتقوية العزيمة والإرادة أكثر فأكثر
حيث أن النجاح ما هو إلا إرادة توجهها الإدارة
الإرادة القوية تعني الاستعلاء على كل مظاهر الإغراء والمتع اللحظية ؛ بغية الوصول إلى الهدف المرسوم .
ولأن الإرادة القوية تعني التحلِّيَ بالصبر على معوِّقات
العمل التي تقابلنا في الطريق ، وإيجاد الحلول المناسبة لها حتى نحقِّق مرادنا ونصل إلى أهدافنا .
ولأن الإرادة القوية تعني الاتصاف بالقدرة على تحمل
الأذى، وتجاوز الأزمات حتى يتحقق المأمول ونصل
إلى الهدف المنشود .
ولأن الإرادة القوية تعني التصديَ لكل عوامل الضعف
وبثّ اليأس والإحباط في قلوب أصحابها؛ وهو ما لا
يقدر عليه إلا الكبار .
ولأن الإرادة القوية تعني الحرمان والمشقة أثناء السير
في الطريق؛ وهو ما لا يقدر عليه إلا الكبار .
إن الإرادة هي تلك النقطة الصغيرة التي تمكث في عقلك
الباطن وتحركك اتجاه ما تريد وتعطيك الدافع والحافز
في اتجاه هدفك و تمكنك من تذليل الصعاب و تحدي
المعوقات لإكمال طريقك وإنجاز مبتغاك مهما صعب
المشوار .
قال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله " لوأن رجلاً
وقف أمام جبل وعزم على إزالته، لأزاله"
تحقيق هدفك في الحياة بحاجة إلى مزيد من العزيمة ،
و قوة الإرادة والثقة بالنفس ، و القوة النفسية، بيد
أنك ستواجه سيلاً عارماً من التثبيط و من التشكيك ،
و من التنقيص ، لذلك عليك أن تكون على على قدر
طموحاتك ورغباتك ، وأن تعمل على تقوية إرادتك
لتصبع عصية على الانكسار .
رسالة إلى كل طموح ..
نوارتي