ﻻ عجب أن يزداد العنف ضد المرأة في مجتمعنا، حسب ما صرح به مسؤول اللجنة اﻹعﻼمية لهيئة حقوق اﻹنسان، وﻻ عجب أن يتزامن هذا اﻻزدياد في العنف الموجه ضد المرأة مع اﻻزدياد الحاصل في درجة الوعي لديها، وارتفاع سقف مطالبها اجتماعيا وأسريا، مما أربك المنظومة التقليدية التي تعودت اﻷسرة التعاطي مع بناتها من خﻼلها، فلجأ المسؤولون عن هذه المرأة إلى العنف ﻹعادة اﻷمور إلى نصابها الذي اعتادوا عليه. وكمحاولة منهم لﻺمساك بزمام اﻷمور من جديد وإعادة المرأة إلى مربعها الضيق السابق، المحاط بأسياج الوﻻية والقوامة التي تفرض عليها الطاعة المطلقة والعمياء لمن له الوﻻية أو القوامة عليها؛ ترافق ازدياد العنف مع تبلور واضح لوعي المرأة السعودية بحقوقها خاصة، وكسر أسطورة ولي أمرها الذي ﻻ يقهر، من خﻼل لجوء بعض النساء اللواتي اتصفن بالشجاعة والقوة إلى القضاء ﻹنصافهن من أولياء أمورهن. وقد تنوعت القضايا بين إرغام ولي اﻷمر للفتاة على تزويج الفتاة بمن ﻻ ترغب فيه أو بعضلها أو منعها من التعليم، وكان لوقوف القضاء في بعض اﻷحيان إلى جانب المرأة المظلومة وإنصافها بحكم قضائي، كما لوسائل اﻹعﻼم التي قامت بدورها في نشر مثل هذه القضايا، أو تفاعل الرأي العام مع الفتيات المتضررات بشكل كبير وإيجابي، كان لكل هذه العوامل مجتمعة دور كبير في تسرب هذا الوعي الحقوقي ووصوله إلى الكثيرات ممن يرزحن تحت وطأة مثل هذا الغبن، فكان هذا اﻷمر محفزا لهن للنهوض ورفض الظلم واﻻستبداد، وبالتالي زادت سطوة ولي أمرها ﻻسترداد ما توهم أنه سلطته المفقودة بالكثير من أشكال العنف ﻹرغام المرأة على الخنوع من جديد، سواء كان عنفا جسديا أو لفظيا أو حرمانا من بعض مقومات الحياة اﻷساسية، بل يعتقد ولي اﻷمر للفتاة أن تعنيف المرأة حق شرعي وأزلي أقرته له الشرائع السماوية بحكم قوامته.**** لذلك وجب توفير غطاء مقبول من الحماية للمرأة التي تسعى للمطالبة بحقها، وفق ما أقرته لها مصادر التشريع اﻹسﻼمي في بﻼدها، حتى وإن تنافت مطالبها مع ما استمرأته العادات والتقاليد، فما زلنا حتى اﻵن نحاول معالجة ظاهرة العنف ولم نسع إلى منعها من اﻷساس، وهذه الطريقة لن تؤدي إلى اجتثاث العنف ضد المرأة بشكل تام.**** ﻻ بد من اتخاذ اﻹجراءات الجادة والملزمة لمنع العنف والقضاء عليه. وهذا يستوجب بث الوعي الحقوقي بين النساء والرجال على حد سواء وبشكل مكثف، وتوفير قنوات تواصل مفتوحة مع جهات أمنية تتعلق بالحماية من العنف اﻷسري قبل وقوع الكارثة، واتخاذ التدابير اﻷمنية، التي تحمي المرأة من أي خطر أو إيذاء محتمل.