في ليلة هادئة باردة ساكنة
'الأماكن' أنقذت محمد عبده من نجاحات النجوم والليالي السابقة
16/01/2007
الدوحة ـ أحمد ناصر
جاءت الليلة الخامسة 'الختامية' من ليالي مهرجان الدوحة الثامن للأغنية على غير ما توقعه الجمهور هادئة باردة، وظهر فنان العرب محمد عبده فيها على عكس ما كان ينتظره جمهوره الذي ملأ القاعة منذ اللحظات الأولى حيث فاجأه برتابة في الأداء لم يتوقعها منه، كما سبقته الفنانة المصرية آمال ماهر ولكنها لم تغن إلا أغنيتين فقط ثم اعتذرت للجمهور وخرجت.
المشكلة الأساسية التي واجهت هذه الليلة هي نجاح كل الليالي التي سبقتها نجاحا باهرا منقطع النظير منذ الليلة الأولى، وسجل فيها النجوم أرقاما قياسية تحفظ لمهرجان الدوحة مثل كاظم الساهر ونوال وعبدالمجيد عبدالله ونجوى كرم وختم التألق حسين الجسمي في الليلة التي سبقت محمد عبده، من هنا كان الجمهور يتوقع أن يكون الختام على منوال التألق والنجاح الكبير الذي حققته ليالي المهرجان، ولكن كما قال عبده في أغنيته الشهيرة 'كنت أظن، وكنت أظن.. ولكن خاب ظني'.
إدارة المهرجان بدورها قامت بكل الجهود المطلوبة منها دل على ذلك امتلاء قاعة الدفنة إلى آخرها، ولكن اعتذار آمال ماهر وبرودة الأغاني التي اختارها محمد عبده قللا من رونق الأمسية التي كان ينتظرها الجميع، خاصة أن الجمهور القطري يعرف عبده وهو يعرفه تماما ويعرف ما يريده.
بدأت آمال ماهر الساعة الأولى.. جميلة أطلت من وادي النيل تحمل معها صوتا يعرفه كثيرون على الرغم من حداثة تجربتها، أعطاها الموسيقار عمار الشريعي دفعة قوية في البرنامج الخاص الذي استضافه عندما وصفها بأنها خليفة لأم كلثوم، كان الجمهور يتهامس فيما بينه وبين نفسه بأن آمال ستطربه لأنها تملك كل الأدوات اللازمة لذلك.
بدأت الغناء بأغنية 'شبيه الريح' الشهيرة لمحمد عبده.. بداية موفقة ولكنها لم تكمل هذا التألق لا نعلم لماذا(!) حيث بدأ صوتها يرتفع على صوت الموسيقى واختلف 'التون' والإيقاع عنها مما سبب للمستمع ربكة لم يتوقعها أذهب بهاء الأغنية وجمال صوت آمال ورونق السهرة.
عادت للأغنية الثانية ولكنها اعتذرت لأنها كما قالت لم تقم ب 'البروفات' مع الفرقة ولذلك تعتذر عن إكمال السهرة بعد هذه الأغنية، وخرجت بين دهشة الحضور الذين كانوا يتوقعون أن يقضوا برفقتها سهرة ممتعة.
في الساعة التالية أطل محمد عبده، لا يختلف اثنان على نجوميته وطلته المهيبة على المسرح، فنان قدم من منطقة جيزان رائعة الأدب الموسيقي الخليجي وحاضرة الجنوب في الحس المرهف، فنان العرب الذي ملأ الدنيا فنا ونجاحا، وأمتع الكثيرين بفنه الراقي الذي لم تشبه شوائب 'الاستعمار الموسيقي' ولم يخض في وحل الفيديو كليب الهابط بل ظل محافظا على أصالته وفنه الجميل الذي ورثه من الجزيرة العربية.
ولكنه في هذا الحفل لم يكن موفقا.. لا نعلم ما سبب ذلك ولكنني أنقل الصورة التي كانت في القاعة من دون الخوض في الكواليس، أطل هادئا باردا قدمته الفرقة الموسيقية بأجمل تقديم واستقبله الجمهور بالتصفيق الحار وانطلق يغرد في سماء الدوحة، ولكن مع الأغنية الأولى أدركنا أن الليلة ليست ليلته.
كانت اختيارات عبده غير موفقة، ربما لأننا اعتدنا على أن يختار الأغاني التي تناسب المكان، ولكنني أؤمن أن أفضل الأماكن التي يغني فيها محمد عبده هي منطقة الخليج، ولكنه اختار الأغاني التي لا تحرك الجمهور أبدا ولا تستفزه، فخاب ظنه في نجاح أمسيته، حتى أن الجمهور بدأ ينسحب من القاعة بعد أن تململ من أسلوب الغناء الذي قدمه لهم وفضل كثير من الشباب أن يخرج في الهواء الطلق البارد ليدخن على أن يجلس ليستمع إلى تلك الأغاني.
لا يقلل هذاالبرود من قيمة عبده الفنية، بل يظل هو فنان العرب الأول من دون منازع، ودل على ذلك عندما عزفت الفرقة أول لحن من أغنية 'الأغاني' صفق الجمهور كثيرا لها، وغاب هو في كلماتها وغرد في ألحانها ومول في مواويلها.. جاء هذا الجمهور الكبير فقط ليستمع إلى هذه الأغنية، فهاج وماج ورقص وغنى مع عبده على أنغامها، ولا ريب في ذلك فأكثر من بقي في القاعة تحمل برودة الأغاني وسوء اختياراتها من أجل عيون 'الأماكن' وهي تستحق ذلك، هنا أدركت أن مثل هذه الأغنية ستبقى خالدة في القلوب، المفاجأة الأخيرة في الحفل أن محمد عبده ختم الأمسية بهذه الأغنية وودع الجمهور وسط ذهول وانتظار الجميع.
تكريم أبوبكر سالم
كرم مهرجان الدوحة الغنائي الثامن للأغنية الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه، وجاء التكريم أثناء الأمسية الختامية للمهرجان التي كان يغني فيها محمد عبده، حيث توقف بعد إحدى الأغاني ويصعد أبوبكر سالم على المسرح ويحظى بتكريم يليق به من المهرجان، وقال أبوبكر في هذه المناسبة إنه لا يستغرب مثل هذه الأمور في بلد مثل قطر إنهم أهل الكرم والوفاء وأنا أحبهم كثيرا، وقدمت الشركات الراعية للمهرجان له هدايا خاصة، ومن الجميل أنه غنى مع محمد عبده دويتو جميلا وكانت هذه الفقرة من أجمل فقرات الحفل.
القبس الكويتيه
العرض الشجري
