أيها الزمن.. قف قليلاً.. أرجوك.. دعني أحدثك عن جراحي..
عن ماضي نجاحي.. عن تلك الساكنة بأعماقي..
تلك الرائعة التي مافتئت تجمع أشلائي.. وتنير درب حياتي..
تلك التي رأيت في عينيها معنى الحياة.. معنى الكفاح.. ومعنى الطموح..
تلك المثالية التي وقفت أمامي يوماً مضى, لتعلمني معنى الأمانة.. معنى الوفاء.. معنى الصدق والإخلاص.
قالت بضع كلمات فكانت زادي.. وعدتي.. وعتادي في مشوار الحياة الطويل..
في ذلك المشوار قابلت وجوهاً متناقضة.. ملامح صامتة.. معاملات غريبة.. مبادئ خاطئة.. سلوكيات تندى لها القلوب.. وفي كل مرة.. أفتح جعبتي. أبحث في زواياها عن بقايا مبادئ.. وقفات.. وكلمات لأفك بها هذه الطلاسم.. وأنير تلك الظلمات.. في كل مرة تحرقني المواقف.. وتصهرني الحوادث.. أفتحها.. أجد بداخلها كلمة تحمل معان عظيمة ومبادئ كافية لإقناعي بكل غريب..
بل ربما وجدت بداخلها سكاكين لقطع الأشجار الدامية التي تعترض طريقي.. وربما سلالم لأجتاز العقبات.. وحبالاً لأنزل من المرتفعات-طبعاً ليس إلى الحضيض- بل لأغوص البحار..
ما أغرب هذه الحياة.. وما أغرب مواقفها_ كم من المرات أدفن رأسي بداخل تلك الحقيبة.. لأمني نفسي بحياة أفضل.. وسلوكيات أرقى.. كم من المرات أشعر بأن المبادئ أصبحت أشياء محسوسة.. تتكلم معي.. تخفف عني بعض الأعباء.. وتقنعني بواقع الحياة المر.. ومستوى البشر الأمر.. وكم.. وكم.....
ترى!! أيتها الساكنة في الأعماق.. يا من تعلمت منها في كلمات ما يكفيني طوال السنوات.. وتزودت منها بوقفات ما يكفيني حتى الممات..
ترى؟! هل أنا أعرفك جيداً؟!..
أم ترى أخطأ حدسي!
هل أنت كما عهدتك..
أم جنى الدهر على مبادئك وقيمك؟!..
تقبلوا تحياتي