مضبوط، أو زيادة، أو سكر خفيف، في كوب صغير أو فنجان، المهم أنه كوب الشاي اليومي، وربما ثلاثة أكواب يوميا.. قصة الشاي قديمة، وعلاقته بالمزاج حقيقة. والشاي اكتشاف صيني منذ ما يزيد على خمسة آلاف عام. اكتشفه الامبراطور الصيني 'شين تانج' بالصدفة في رحلة خلوية وتحت ظل إحدى الأشجار، عندما أعدت حاشيته الماء المغلي ليشربه فسقطت فيه بعض الوريقات من إحدى الأشجار، وبدأ الماء يتلون باللون الأصفر. وأراد الإمبراطور تجربة هذا المحلول، فوجد طعمه لذيذا وأن له تأثيرا جيدا على مزاجه العام. الدكتور صلاح سعد زرد الأستاذ في المركز القومي للبحوث يحدثنا عن مزاياه وعيوبه قائلا:
كلمة شاي مستمدة من اسم 'شا' في اللغة الصينية القديمة، وهو اسم الشجرة التي تنبت في أغصانها أوراق الشاي. ويعتبر الشاي اكثر المشروبات استهلاكا في العالم كله، وهو نبته طبية استخدمت في الطب الصيني منذ ما لا يقل عن 3000 عام، وهو جنس من نباتات شجيرية من الفصيلة الكامبلية، ولذلك فهو نبات مستديم الخضرة، معمر غزير التفريع وأوراقه بسيطة.
ويعتقد أن الموطن الأصلي للشاي هو جنوب شرق آسيا لانتشار زراعته في الصين واليابان وجنوب الهند وسيلان وباكستان.
وعندما دخل الشاي أوروبا، كان هوس الانكليز به كبيرا، مما دفعهم لاستعمار الهند وسيلان. وفرضت إنكلترا ضرائب كثيرة عليه في أميركا، مما أدى إلى نشوب حرب الاستقلال الأميركية.
وتجمع أوراق الشاي ثلاث مرات في السنة، الربيع والصيف والخريف، بعد مرور ثلاث سنوات على ظهور أوراق الشاي.
وتختلف أوراق الشاي في جودتها حسب حجمها وموقعها من النبات، فكلما تدرجنا بالنبات من أعلى إلى اسفل نجد الأوراق اكبر وعصارتها اقل وأليافها اكثر، وبذلك تقل جودتها.
مزايا الشاي
ويستكمل دكتور صلاح زرد حديثه عن الشاي ومزاياه قائلا:¹
تحتوي أوراق الشاي على فلويد الكافيين بنسبة 1-5% ومادة التافين القابضة بنسبة 10-24% ومواد فلويدية أخرى بنسبة 75ر0% وهو ما يعطيه طعم الشاي المميز ورائحته.
والشاي الذي يباع في الأسواق نوعان، أخضر أو أحمر، ويسمى الأحمر بالشاي الأسود.
والشاي الأخضر هو الذي يجري تجفيف أوراقه بسرعة عقب قطفها مباشرة في درجة حرارة 60 درجة مئوية، وبهذا تتخلص تلك الأوراق من الرطوبة وتحتفظ بلونها الأخضر.
أما الأحمر فهو الشاي الذي أجريت له عملية تخمر يتم فيها تحول للمواد القابضة الموجودة فيه فيكتسب بعدها اللون البني القاتم. ويجهز الشاي الأحمر بعدة طرق مختلفة قد تؤثر على نسبة الكافيين فيه، ويستخدمه الناس للتدفئة وانعاش الجسم وتنبيه العقل، لأنه منبه للجهاز العصبي المركزي لاحتوائه على فلويد الكافيين، لذا فالشاي مفيد في حالات الإغماء والانهيار العصبي، كما انه يساعد على التركيز العقلي وتنشيط الذاكرة ويبعد النوم والكسل والهبوط العام ومفيد في حالات الصداع النصفي.
كما ينشط الشاي الجهاز التنفسي ويمنع ضيق التنفس، لأن المنبهات الموجودة به توسع المجاري التنفسية، وهو يعالج أيضا الرشح والاحتقان والربو، علاوة على أن مشروب الشاي يساعد على زيادة نشاط الكلى حيث يخلصها من الماء الزائد وما يحتويه من أملاح ضارة بالجسم، والمواد القابضة الموجودة فيه تعمل على إيقاف الإسهال والدوسنتاريا، وهو أيضا مصدر ممتاز لمادة الفلور التي تقي الأسنان من التسوس.
ويساعد تناول مشروب الشاي بالنعناع بعد تناول الطعام بساعتين على عملية الهضم، ويلطف درجة حرارة الجسم ويقاوم العطش، كما توجد فيه مواد يمكنها منع الآثار الضارة للأشعة على أنسجة الجسم، لذا هو مفيد في خفض أخطار السرطان، ويحتوي أيضا زيتا طيارا يعطيه طعما ورائحة مميزة بمجرد إضافة الشاي إلى الماء المغلي لكنه يفقده إذا استمر الغليان.
استخداماته
وعن فوائد الشاي يستكمل دكتور زرد حديثه قائلا:
الشاي ليس مجرد مشروب، ولكن له استخدامات عدة، فيمكن استخدامه كغسول لعلاج الالتهابات الجلدية الناتجة من حروق الشمس، كما يستخدم في عمل كمادات دافئة للعيون لازالة انتفاخها وتورمها.
ويمكن إضافته إلى صبغة الحناء لتثبيت لونها، فهو مثبت للألوان في صبغات الشعر، ومكسب للون والطعم، لذا فهو يستخدم في الصناعات الغذائية مثل الجيلي والمشروبات الروحية غير الكحولية.
أما بالنسبة إلى استخداماته الطبية، فهو يخفض من نسبة الكوليسترول في الدم، والمواد التامينينية الموجودة فيه تجعله يقاوم الفيروسات، فهو يساعد على الشفاء من التهاب الكبد الفيروسي، ولكن استخدامه في الأغراض العلاجية يجب أن يكون بموافقة الطبيب.
ويلاحظ عدم غليان الشاي لأن ذلك مضر بالصحة، فهو يساعد على استخلاص المواد القابضة 'التامنين' التي تؤدي إلى دبغ الأنسجة الداخلية الحساسة للقناة الهضمية، مما يقلل من عمليتي الهضم والامتصاص، لذا يفضل اضافة الليمون أو اللبن أو النعناع للتخلص من جزء كبير من هذه المواد القابضة.
وبالإضافة إلى أن شرب الشاي بعد الأكل مباشرة يمنع امتصاص الجسم لأملاح الحديد، ينصح بالامتناع عن شربه في حالات اضطرابات القلب وزيادة إفراز الغدة الدرقية وقرحة المعدة والحموضة واضطراب الأعصاب والأرق. كما أن شرب الشاي ضار بالأشخاص الذين لديهم استعداد للسمنة ولتكوين الحصوات، لأنه يسبب خللا في حرق الغذاء وتمثيله، وبالتالي تكوين الحصوات.
ويحتوي كوب الشاي على نصف ما يحتويه فنجان القهوة المطحونة من الكافيين، وهي المادة التي تسبب الاعتياد المؤدي للعصبية والاضطراب والأرق.
¹وللكافيين علاقة ببعض التشوهات الخلقية عند الجنين، لذلك يجب على الحوامل الامتناع عن تناوله، ومع ذلك يمكن اعطاء الشاي الخفيف للأطفال وكبار السن. ويفضل أن تؤخذ ملعقة إلى ملعقتين صغيرتين من الشاي المجفف لكوب ماء مغلي، ويترك لمدة عشر دقائق لعلاج المشاكل العصبية والتنفسية والإسهال، وللوقاية من تسوس الأسنان. ¹
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
