[align=center]رابط الموضوع السابق
http://www.b3b7.com/vb/showthread.php?t=39653
الفصل الخامس
بيان حقيقة كل من الجاهلية - الفسق - الضلال - الردة : أقسامها ، أحكامها
1 - الجاهلية :
هي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام ؛ من الجهل بالله ورسله ، وشرائع الدين ، والمفاخرة بالأنساب ، والكبر والتجبر ، وغير ذلك نِسبةً إلى الجهل الذي هو عدم العلم ، أو عدم اتباع العلم ، قال شيخُ الإسلام ابن تيمية : ( فإنَّ من لم يعلم الحق فهو جاهل جهلًا بسيطًا ، فإن اعتقد خلافه فهو جاهل جهلًا مركبًا ، فإن قال خلاف الحق عالمًا بالحق ، أو غير عالم ، فهو جاهل أيضًا ، فإذا تبيّن ذلك فالناس قبل بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا في جاهلية منسوبة إلى الجهل ، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل ، وإنما يفعله جاهل ، وكذلك كل ما يخالف ما جاء به المرسلون ، من يهودية ونصرانية ، فهو جاهلية ، وتلك كانت الجاهلية العامة .
فأما بعد بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد تكون في مصر دون مصر ، كما هي في دار الكفار ، وقد تكونُ في شخص دون شخص ، كالرجل قبل أن يسلمَ فإنه في جاهلية ، وإن كان في دار الإسلام ، فأما في زمان مطلق فلا جاهلية بعد مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة ، والجاهلية المقيدة قد توجد في بعض ديار المسلمين ، وفي كثير من الأشخاص المسلمين ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : أربع في أمتي من أمر الجاهلية ... وقال لأبي ذر : إنك امرؤ فيك جاهلية ونحو ذلك ) انتهى .
وملخص ذلك : أن الجاهلية : نسبة إلى الجهل ، وهو عدم العلم ، وأنها تنقسم إلى قسمين :
1 - الجاهلية العامة : وهي ما كان قبل مبعث الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وقد انتهت ببعثته .
2 - جاهلية خاصة ببعض الدول ، وبعض البلدان ، وبعض الأشخاص ، وهذه لا تزال باقية ، وبهذا يتضح خطأ من يُعمّمونَ الجاهلية في هذا الزمان فيقولون : جاهلية هذا القرن أو جاهلية القرن العشرين ، وما شابه ذلك ، والصواب أن يُقالَ : جاهلية بعض أهل هذا القرن ، أو غالب أهل هذا القرن ؛ وأما التعميم فلا يصحُّ ولا يجوزُ ؛ لأنه ببعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - زالت الجاهلية العامة .
- الفسق :
الفسق لغة : الخروج ، والمراد به شرعًا : الخروج عن طاعة الله ، وهو يشمل الخروج الكلي ؛ فيقالُ للكافر : فاسق ، والخروج الجزئي ؛ فيقال للمؤمن المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب : فاسق .
فالفسق فسقان : فسق ينقل عن الملة ، وهو الكفر ، فيسمَّى الكافرُ فاسقًا ، فقد ذكر الله إبليسَ فقال : فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ، وكان ذلك الفسق منه كُفرًا .
وقال الله تعالى : وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ، يريد الكفار ، دلَّ على ذلك قوله : كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ .
ويُسمَّى مرتكب الكبيرة من المسلمين : فاسقًا ، ولم يُخرجهُ فسقُهُ من الإسلام ، قال الله تعالى : وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
وقال تعالى : فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ .
وقال العلماء في تفسير الفسوق هنا : هو المعاصي . [/align]