حذارِ من الاختناق بالطعام !!!

يقضي كل عام نحو 3000 ـ 4000 أميركي حتفهم بسبب الاختناق، أو «الرشف الرئوي»، وهو العدد ذاته لضحايا الغرق. وهو يحدث بشكل رئيسي أثناء تناول الوجبات الغذائية. ويعتبر اللحم المجرم الرئيسي، لكن الطعام والاشياء الصغيرة ليست السبب الوحيد، فهناك الاورام الناجمة عن تفاعلات الحساسية الشديدة، أو لدى قيام اللسان في الشخص الفاقد الوعي بمنع دخول الهواء الى الرئتين.

وأسباب الاختناق تعود الى نزول الاشياء نحو الطريق الخطأ، نظرا الى عيب تشريحي الذي نشترك فيه مع الفقريات الاخرى التي تتنفس الهواء، لأن إنبوبنا التنفسي، أو القصبة الهوائية (الرغامي) ليست مفصولة عن تلك التي تستخدم للبلع، والتي تدعى المريء. وهكذا فإن الهواء والطعام والشراب تشترك جميعها بالوسيلة الوحيدة الممتدة من الحنجرة، وصولا الى المكان الذي تتفرع فيه القصبة الهوائية عند عقدة الحنجرة (حرقدة).

وعادة تقوم اللهاة (اللحمة المشرفة على الحلق) بالحيلولة دون دخول الطعام والشراب الى القصبة الهوائية. وهذا اللسان القلاب المتين هو من الغضروف، مصمم لكي ينغلق بسرعة بشكل أوتوماتيكي لدى القيام بعملية البلع ليسد مجرى الهواء محولا الطعام الى المريء للقيام بهضمه بعد ذلك.

وثمة عملية جسدية تجري أوتوماتيكيا، ألا وهي رد الفعل الكعاميgag reflex التي تقي أحيانا من دخول الاشياء غير المرغوب فيها من دخول المجرى التنفسي الاعلى عن طريق إحداث عملية تقلص عكسية لعضلات الحنجرة. ويحدث هذا لاسباب عديدة منها هيجان بعض الانسجة في الحنجرة. والشعور بالكعام الذي يشبه الشعور بالاختناق، ولكنه ليس بالامر ذاته، لأن رد الفعل الكعامي قد يمنع الاختناق عن طريق تنظيف الحنجرة من المواد غير المرغوب فيها.

ويحدث الاختناق عادة للاطفال الصغار جدا لا سيما الذين هم في أول سيرهم، ولدى كبار السن أيضا، فالأطفال يميلون الى اكتشاف ما حولهم عن طريق أفواههم، مما يعني وضع أشياء غريبة داخلها. وإذا ما ذهبت لشراء لعبة لطفل صغير فقد ترى التحذير المكتوب عليها.

أما كبار السن فهم معرضون للاختناق، لانهم يفقدون بعض ردود الفعل وتناغم العضلات الضرورية لقذف جسم ما غريب من القصبة الهوائية (الرغامي)، كما أن بعض الحالات الاخرى مثل مرض الرعاش العصبي (الباركنسون) يجعل من كبار السن أكثر تعرضا الى مثل هذه المخاطر، كما أن بعض الاضطرابات نتيجة اضمحلال أعضاء وأنظمة الجسم وترديها مع مرور الزمن، كمرض الزهايمر مثلا، قد يؤدي الى صعوبات في البلع واحتمالات أكبر في التعرض الى الاختناق.

وتعاطي الكحول هو أحد العوامل الاخرى المساهمة، لأنه يقيد ردود الفعل الواقية لمجرى الهواء.

* علامات الاختناق

* تطلق على عملية الاختناق بقطعة طعام بـ «ظاهرة المقهى» لأنها تحدث غالبا في المطاعم والمقاهي، والتي يظنها الجميع انها نوبة قلبية. ولكن حال معرفة ماهي علامات الاختناق، فإنه من السهل تمييز ذلك من دون الحاجة الى تدريب طبي، وهي تشمل:

* الامساك والقبض على الحنجرة.

* صعوبة في الكلام والنطق.

* سعالا ضعيفا غير فعال مع صعوبة في التنفس مصحوباً بصفير وهزيز.

* تحول لون الوجه الى الازرق بسبب قلة الاوكسجين.

وعندما ترى شخصا يختنق فإن مفتاح الانقاذ هو السرعة، فمن دون أوكسجين كاف يفقد الشخص وعيه بسرعة، وقد يتعرض الى تلف دائم في الدماغ، حتى ولو لم تزد فترة غياب الوعي عن أربع الى خمس دقائق.

ما الذي يتوجب عليك أن تفعله:

أولا اسأل الشخص المعني: «هل تختنق؟» فإذا أجاب بالايجاب اسأله بصوت هادئ: «هل تستطيع الكلام؟» لا تقم بما يسمى مناورة «هيمليش» Heimlich على أي شخص قادر على الكلام. «لانه لو كان قادرا على ذلك فهذا يعني إنه لايوجد جسم كبير يعترض المسالك الهوائية أو التنفسية، أي على الاقل ما يزال جزء منه سالكا وسليما»، كما يقول الدكتور توبي ناغورني الطبيب في قسم الطوارئ في مستشفى «ماساشوسيتس جنرال هوسبيتال». وفي مثل هذه الحالة شجع الشخص المصاب على الاستمرار في التنفس والسعال بقوة وهذا أفضل اسلوب لزحزحة الاجسام التي تسد مجرى التنفس. وابق معه حتى يتعافى، أو حتى وصول المسعف الطبي المدرب على مثل هذه الحالات. أما إذا كان الشخص يتقيأ، أو شعرت أنه بات يفقد وعيه، عليك أن تضجعه على أحد جنبيه محاذرا الوضع القائم، لانه خطر، ولأن الجسم الغريب الذي يسد المجرى التنفسي قد يدخل بعيدا مغلقا المجرى تماما، كما يقول الدكتور ناغورني. أما إذا كان الشخص لا يستطيع الكلام عليك أن تحاول القيام بمناورة «هيمليش» في الوقت الذي يكون شخص آخر يتصل على رقم الطوارئ طلبا للمساعدة.

» خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد

JOKAR