بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم رحمتك نرجوا ، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك،
وأصلح لنا شأننا كله
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
أما بعد:
الوقفة السادسة مع قسوة القلب
يقول الفاروق رضي الله عنه وأرضاه :
( اعلموا أن تلك القسوة قد أضعفت ،
ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين ، فأما أهل السلامة والدين والقصد
فأنا ألين لهم من بعضهم البعض ، ولست أدع أحداً يظلم أحداً ، أو يعتدي عليه ،
حتى أضع خده وأضع قدمي على الخد الآخر ، حتى يذعن للحق ،
وإني بعد قسوتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف )
قال جلّ شأنه : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )
سورة الفتح آية رقم 29 .
القسوة لا تبرح مكانها ، وماذا عساها أن تنفع ،
بل ليس لها إلا ماقال معاوية رضي الله عنه :
(ما قسوتي على مَنْ أملك وأنا قادر عليه ، وما قسوتي على مَنْ لا أملك ويدي لا تناله ).
لقد طغى طوفان المادة الجافة ، فأغرق جسوم اللين والدعة إلا ما انملص منه،
وقد بدت مفاهيمُ الحياة عند من ابتلوا بذلك : (( إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب ،
وإن لم تجهل يُجهل عليك ، وإن لم تتغدَ بزيد تعشى بك )).
لقد انساق فئام من الناس وراء قسوة القلب ، فقسى الأب على ولده ، حتى لو نطق قلبه
لرشقه بسهام الشتيمة ، ناهيكم عن ضرب اليد وشتم اللسان ، أو مفاضلة بعض الأولاد على بعض،
أوإعطاء هذا ومنع ذاك حتى تضيق الأرض بهم ، أو لم يصبحوا في البر سواء،
دخل الأحنف بن قيس على معاوية رضي الله عنه ، ويزيد بين يديه ،
فقال : يا أبا بحر ماتقول في الولد ؟
فقال: هم عمادُ ظهورنا ، وثمرُ قلوبنا ، وقرةُ أعيننا ، بهم نصول على أعدائنا ،
وهم الخلف لمن بعدنا ، فكن لهم أرضاً ذليلة ، وسماء ظليلة ،
إن سألوك فأعطهم ، وإن استعتبوك فأعتبهم ، لاتمنعهم رفدك فيملوا قربك ،
ويكرهوا حياتك ، ويستبطئوا وفاتك ،
فقال معاوية : لله درك يا أبا بحر ، هم كما وصفتَ!،
وقولوا حفظكم الله ورعاكم قول أبي بحر في حق الزوجين أو الوالدين أو الأقربين.