بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
أخبار حـــــائل الاثنين 8/4/1426هـ
الجزيرة
الحبر الأخضر
منتدى الحوار التربوي الأول للفتاة في منطقة حائل التعليمية
د. عثمان بن صالح العامر
كثيرا ما يطرق مسامعنا ان اليوم خلاف الأمس.. وان فتاة الحاضر تختلف عن بنت الماضي هماً ومطلباً وتطلعاً وسلوكاً و...، ولا عجب إذ إن محيط فتاتنا الاجتماعي والنفسي والثقافي اختلف عن ذي قبل.. فبعد أن كانت فيما مضى محصورة في بيت أهلها لا تتعداه غالباً إلا لحاجة ماسة أو لتقوم بدور المشارك الفعلي في رعي الغنم أو جلب الماء أو حصاد الزرع وجني الثمار وجد النخيل، كما ينطق التاريخ وترويه حكاية شفهية الأمهات والجدات.. فبعد أن كانت كذلك صارت اليوم تتصل وتتواصل مع العالم بأجمعه حتى ولو كانت في غرفتها الخاصة.. سواء أكان ذلك عن طريق القنوات الفضائية أو الإنترنت أو حتى بجوالها الخاص وإن كان فيها شعور يردعها لجأت إلى التستر باسم مستعار غالباً ما يكون عصرياً ورناناً يميل إلى الضبابية ولفت الأنظار تبدع في سكه وتحاول أن تتلبس فيه وتتقمصه حين حديثها أو حال كتابتها.. ولذا اتسعت آفاقها وتغيرت أخلاقها وتباينت منهجية تفكيرها وتشعبت حاجاتها وزادت بذلك همومها وشجونها وتعقدت حياتها في الغالب الأعم.. وهذا يوجب في نظري الإنصات الصادق لصوتها ومنحها فرصة كافية للتعريف بنفسها والحديث عن همومها وتطلعاتها وطرح حاجاتها التي أضحت أكثر تعقيداً وأعمق أثراً.. وانطلاقاً من هذا الأساس جاء التفكير الجاد من الإشراف التربوي في الإدارة العامة لتعليم البنات في منطقة حائل لعقد (منتدى الحوار التربوي الأول للفتاة).. ومنذ السبت الماضي وحتى نهاية يوم غدٍ وورش العمل والحوارات الهادئة والهادفة تدور رحاها في مركز النشاط اللامنهجي هناك.. والهدف الأول والأخير من هذا المنتدى الاستماع إلى صوت الطالبة ومعرفة واقعها ودراسة مشكلاتها والحوار معها حول همومها وآمالها ومن ثم رسم الهدف - الذي من أجله تحيا - أمامها بوضوح، والتخطيط الجاد لمستقبلها المرتقب بكل أمانة وإخلاص.. إن الحوار الهادئ ومنح الطالبة حقها في حرية التعبير عن نفسها بعيداً عن جو المدرسة المشحون بهموم الواجب والمبني غالباً على أساس علاقة متباينة (معلمة وطالبة والدور المتبادل الأخذ والعطاء وفي حدود المنهج المحدد لفظاً ومعنى وتحت ضغط اليوم الدراسي).. أقول إن الحوار وتلبية حاجة الفتاة للتعبير عن نفسها وبهذه الصورة التي نظم لها وبهذا الوقت بالذات ونحن نضع أقدامنا على نهاية خط العام الدراسي لنستقبل إجازة نهاية العام.. أعتقد أنها خطوة رائعة في سباق الألف ميل.. وأن نبدأ اليوم ولو بخطوة واحدة بسيطة خير من أن ننتظر طويلاً حتى تضيع الخطى.. إن عدم تلبية حاجة الطالب أو الطالبة التعبير عن الرأي أعتقد أنه هو من يقف خلف تلك التصرفات الطائشة لكثير من الشباب ذكوراً كانوا أو إناثاً من كتابات عابثة على الجدران أو الكراسي والطاولات وداخل دورات المياه أعزكم الله كما ان ذلك يعتبر من أبرز أسباب المحاكاة والتقليد للموضة التي قد تكون مقززة وهو بذاته من أهم أسباب شدة العناد في هذه السن بالذات وغير ذلك من المظاهر السلبية التي تنم عن كبت الآراء واستبعادها من قِبل الأهل أولاً والمجتمع المدرسي خاصة والمحلي المحيط بالشاب عامة ثانياً وثالثاً ورابعاً.. أجل انه تعبير عن النفس ولفت الأنظار بشكلٍ عشوائي قد يصل إلى درجة العدائية أحياناً.. ولذا فإن حاجة الفتاة للتعبير عن نفسها حاجة أساسية في تركيبتها النفسية التي خلقها الله عليها ولذا كان لابد من عقد مثل هذه المنتديات وتدريب فتاتنا لتتعرف على نفسها ومن ثم تعبر عن ذاتها تعبيراً صادراً عن تفكير واعٍ وبصيغة الأنا لا بلغة الوصاية والحديث بضمير الغائب.. وإنني إذ أشكر الأخوات المنظمات لهذا العمل التربوي والوطني المتميز وأثمن هذا الجهد المبارك لأدعو الله عز وجل بأن يكلل الجهود وينير الدرب ويسدد الخطى ويرزقنا جميعاً التوفيق والسداد في الأمر كله إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو المستعان.
العرض الشجري
