العودة   منتديات بعد حيي > المــــنتديات العــــامه > منتدى ضفاف حره
 
 
 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-02-2006, 06:40 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

مشرفة سابقه

 
الصورة الرمزية اسرار
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

اسرار غير متصل


ام سليمان والزمن !!

أم سليمان) ذهب الزمن بغيرها وتوقف عندها




الرياض

كانت أيام لا تنسى تلك التي جمعت أهالي حي البديعة القديمة، خصوصاً ( أيام ) المطر , و (موسم) التمر, و ( دائماً ) مباريات كرة القدم التي تجرى دورياً فيها.
(البديعة القديمة) الأقرب لجنوب وغرب الرياض منه إلى وسطه أصبحت بفعل (كل شيء) غريبةً عن كل من خرج منها وعاد زائراً بعد سنين لا تتجاوز العشرين.
ترى البديعة كلها انقسمت إلى نصفين ولكن هذه المرة لم تكن القسمة على أساس شمال وجنوب, بل فوق وتحت، ربما لأن إحداهما تطل على الأخرى فهي الأحدث والأرقى. كانت التسمية مناسبة رغم جورها الظاهر، البعض يلطف التسمية فيقول ظهرة البديعة ويقصد الـ (فوق) !!.
غادر أهل البديعة القديمة كلهم أو جلهم إلى أحياء أخرى، وكان أكثرهم توجهوا إلى ظهرة البديعة بينما أتى من خلفهم وسكنوها ولكنهم لا يعيشون كما عاش أسلافهم, فكل شيء اختلف ماعدا كرة القدم في الملعب القديم.
وبين هؤلاء وأولئك تعيش (الثمانينية) أم سليمان ورفيقة حزنها التي لاتتكلم أبداً, على مفترق الطرق لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك. هي هكذا منذ ثلاث سنوات تصعد بين (البديعتين) على كرسيها المتحرك تنتظر فائض الجيوب. فلا عيشها في الـ (تحت) أغناها, وتكتمل المعادلة إذاً أنها لا تستطيع (من باب أولى) العيش (فوق), فاختارت المنتصف.
ترى مكانها القصي فتعلم أن مفارقات الزمن لا تأتي عبثاً ولا (هكذا)، هي تجلس بعيدا مقابل طريق تربط البديعتين, لكن هذه الطريق المقسومة إلى نصفين أيضاً للرائحين والغادين, لا ترى فيها سوى الرائحين الذين يمرونها باتجاه (ظهرة البديعة) بينما لا تراهم يعودون!!. فالطريق اختارت (فلسفة) زمن البديعة تماماً "ما ذهب لا يعود", أبداً .

غابت يتيمة الأبوين منذ صباها أم سليمان أربعة أيام فكأن الطريق سكتت. فهي إحدى علاماتها, تماماً كالحاجز الصخري القصير الذي يسورها من جهة واحدة.كانت مريضة!!، أكثر!!،لقد أقعدها المرض في بيت أختها التي تكفلت بـ (فراشها) فقط. بينما باقي وقتها تقضيه في وجوه الرائحين، وسقط متاع الموسورين.
تراها صيفاً وشتاءً إنما نسيها الربيع, تلتحف عباءة بالية لكنها ساترة تماماً فلا يكاد يرى منها شيئاً رغم أنها لا تتورع أن تكشف عن آثار الروماتيزم على ركبتيها.
أم سليمان بعد أن يحل الظلام ويستر ما انتهكه النهار, تنتظر ابن أختها ليأتي ويحملها هي وكرسيها المتحرك إلى البيت لتنام. قبل أن يعيدها صباحاً لمكانها المعتاد, لتفتح أفواه حزنها ليبصق فيه زمن الفقر بما يجود به.
تتذكر أم سليمان كل يوم مضى فتقول إن كل أيامي منذ وفاة زوجي قبل خمسة وعشرين عاماً متشابهة حد الحزن, فلا فرق بين أي منها إلا يوم مات ابني الأكبر قبل ثلاث سنوات في حادث مرور, كان الحزن أشد. لم يبق لي سوى ابن معاق منذ أن ولد. والمعاق لا يلعب الكرة ولا يجوب الأزقة, ولا يزوره أحد.
إذاً, فزمن البديعة طبق المعادلة بحق الابن أيضاً, فهو لا يعرف البديعة القديمة ولن يستطيع بلوغ الـ (فوق)!!.
ذهبت الأيام يا بني ولم تأخذني معها. تنهيدتها الأخيرة. لكنها لا تلوم أحداً على ما هي فيه, فهي تقول دائماً أنا عند الله, والله معي ولن يأتي جديدٌ أسوأ من ما مضى. كان هذا آخر ما تفوه به لسان حالها.


حايليه







التوقيع

 
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:39 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir