العودة   منتديات بعد حيي > المــــنتديات العــــامه > منتدى نَفُحـــــآتّ إسٌلامٌيهّ
 
 
 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-21-2009, 11:53 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

مراقب عــام

 
الصورة الرمزية منصور الشمري
 

 

 
إحصائية العضو







اخر مواضيعي
 

منصور الشمري غير متصل


مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحزانه ....دراسه مميزه

[align=center][align=center]
في دراسه جميله للدكتور ...إسمعيل لطفي جقان
إن سبر أعماق أي إنسان صعب جدًّا، فالجوانب الأعماقية ليست سواء عند كل الناس، فالكلامُ عن الحالة النفسية لشخص ما -حتى ولو كان إنسانا عاديًّا- ليس بالأمر اليسير؛ لأن هذا الجانب موضوع ذاتي يختلف من شخص لآخر. فما بالك إذا كان الحديث عن العوالم الداخلية للنبي المصطفى (عليه أكمل التحايا) الذي هو معلّم جميع البشر ومرشدهم؛ لأن عالمه الداخلي صلى الله عله وسلم يتضمن أمثلة عالمية مثالية. فالذين حاولوا أن يقصّوه صلى الله عله وسلم علينا من الناحية الخَلقية والخلُقية يَلفتون أنظارنا إلى كونه ذا وجه طليق دائم الابتسام، وذا مسحة حزن خفيفة تغشى وجهه الكريم، ويركّزون على هذا الوصف. فكون المرء في آن واحد محزونا من ناحية ومتبسما من ناحية أخرى نعتقد أنه خاصّ بالرسول صلى الله عله وسلم. فحزنه عليه السلام حزن محبَّب، كما أنّ ابتسامه ابتسام وقور، وهذا يدل على صعوبة الكلام عن حياته صلى الله عليه وسلم الروحية والمعنوية.
ومن هنا عندما نلقي نظرة على ما أُلّف عن رسول الله صلى الله عله وسلم نجد الكتب التي تتحدث عن عالمه الداخلي هي قلة قليلة جدًّا. ويؤيد قولنا هذا -ولو من جهة أسماء الكتب- كتاب صلاح الدين المنجِّد المسمى بـ"معجم ما أُلّف عن رسول الله صلى الله عله وسلم".(1)
نريد أن نتحدث في مقالنا هذا عن موضوع لم نر في الكتاب المذكور آنفا اسم أي بحث عنه، وهو "حزن النبي صلى الله عله وسلم ". ففي الكتب المشهورة حول سيرته صلى الله عله وسلم من أمثال "الشّفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض، و"زاد المعاد" لابن القيم، و"المواهب اللدنية" للباجوري، لم نعثر على موضوع تحت عنوان "حزن النبي صلى الله عله وسلم". ولكن من البديهي أن المواضيع والأحداث التي تسبّبت في حزنه صلى الله عله وسلم، هي في غاية الأهمية من حيث كونها تنمّ عن حياته الوجدانية والروحية.
العبد الأسوة والنبي الخاتم محمد صلى الله عله وسلم في حزنه وألَمه أيضا هو أسوة لأمته والإنسانية جمعاء. فهو الأنموذج المثالي الذي يمثل القمة العليا في كافة الأعمال الفاضلة التي تناسب طبيعة الإنسان وفطرته التي فطره الله عليها. ومن ثم فهو قدوة في عواطف الحزن والألم كذلك، وهي من الجوانب الفطرية للإنسان. وهل التربية سوى تهذيب العواطف والسلوكيات!..
فحزنه صلى الله عله وسلم من حيث كونه قُدوة للأمّة، ورسولاً للهداية، ومرشداً، ومعلمًا، ومُصلحًا، ورئيسًا للدولة، يختلف تمامًا من حيث العمق والمستوى عن حزنه وتألمه كإنسان، كأب،كصديق،كزوج..إلخ. ولكن من الصعب جدّا تمييز هذه الحالات عن بعضها أثناء كل حادثة؛ ولذلك حاولنا تقديم الموضوع ككلّ ولم ننهج طريقة تقسيم حالاته المذكورة من حيث "كونه بشرا" و"كونه رسولا"، وإن بدا التقسيم الموضوعي أكثر منطقيا. فعلى هذا سنقدم باقة من حياته صلى الله عله وسلم التي تشكّل مثالا ومقياسا في حزن المؤمن وألمه.
بادئ ذي بدء نريد أن نلفت الأنظار إلى قاعدة وهي أن الأنبياء عليهم السلام لا يرفعون آلامهم وأحزانهم إلا إلى الله تعالى. وقد سجل هذا وأعلن على لسان يعقوب صلى الله عله وسلم في القرآن الكريم: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾ (يوسف:86). أما نبيّ الحزن صلى الله عله وسلم فقد شكا حزنه أثناء عودته من الطائف إلى ربه قائلا: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضَب فلا أُبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقتْ له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنـزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك."(2) ورفعُ النبي صلى الله عله وسلم أحزانَه إلى الله تعالى ليست خاصة بحادثة، بل هي عادة جارية في كل أموره.
ونلاحظ الصّادق المَصدوق صلى الله عله وسلم يعبر عن مدى اطمئنان قلبه أثناء الهجرة في غار ثور عندما يهدّئ رَوع صاحبه أبي بكر ويخفف من وطأة حزنه قائلا: ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ (التوبة:40). فكونه في منتهى الثقة والاطمئنان في تلك اللحظة المرعبة وطمأنته لصديقه الصدّيق ما هي إلا ترجمة فعلية منه صلى الله عله وسلم بلسان القال والحال لقول الله تعالى ﴿وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ (المائدة:67). إن حزنه وقلقه في ذلك الموقف العصيب لم يكن بسبب ما يمكن أن يتعرض له من أذى أبدا، إن حزنه كان أوسع وأضخم من ذلك بكثير، إنه حزن عظيم يحتضن أمته والناس أجمعين. وقول الله صلى الله عله وسلم ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ (التوبة:128) يدل على صحة هذا المعنى.
أما شفقته وحنانه ورأفته، ورغبته وحرصه على اهتداء الناس إلى الطريق القويم كان يقض مضجعه ولا يدعه يتذوق حلاوة النوم، وقَول الله تعالى ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (الشعراء:3) أفضل ما يعبر عن هذا المعنى. فذات مرة جاء المشركون إلى سيد الأنام صلى الله عله وسلم وسألوه عن بعض الأمور، فقال لهم رسول الله صلى الله عله وسلم: "أُخبرُكم بما سألتم عنه غدا"، ولم يستثن، فانصرفوا عنه. فمكث صلى الله عله وسلم -فيما يذكرون- خمس عشرة ليلة لا ينـزل الله إليه في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل. فحزن سيد الأوّابين صلى الله عله وسلم لانقطاع الوحي عنه، وشقّ عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل من الله صلى الله عله وسلم بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطوّاف، والروح.(3) وقوله تعالى ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (الكهف:6) يدل على حالته صلى الله عله وسلم الروحية أثناء هذه الأحداث. فهذه الآيات تدل على مدى استشعاره -كرسول الهداية- بالآلام، وضخامة حزنه من أجل إنقاذ البشرية. ونعتقد أن "حزن النبي صلى الله عله وسلم " هو متمركز في هذه النقطة؛ وأن محور حزنه صلى الله عله وسلم هو الإيمان، ومركزه الهداية: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (لقمان:23)... فهذه الآية دليل قرآني على هذه الحقيقة، فحزنه صلى الله عله وسلم كان ساميا وفريدا من نوعه.
ومن ناحية أخرى لم يكن سيد الأنام صلى الله عله وسلم ملاكًا، فمِن الطبيعي أن تَظهر عليه بعضُ الحالات المتوقّعة من البشر. ولكنه عاش حياة نموذجية ومثالية للغاية على مستوى عالميٍّ بدَت معالمها وانعكاساتها على عواطفه وأحاسيسه بنفس المستوى وبمنتهى الاتزان.
إن دعوة لم تتغذ بالأحزان ولم تتقلب بالهم والآلام لن تثمر أبدا. إن الدعوة إذا فشلت في مخاطبة عواطف الإنسان السامية وإثارة مكامن الحزن المقدس، فلن تكون دعوة الإنسانية جمعاء، ولن يكون أصحابها دعاة حقيقيين.
يروي لنا القاضي عياض (544هـ/1149م) رحمه الله في كتابه "الشفا" عن علي صلى الله عله وسلم، أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عله وسلم عن سنّته، فقال: "المعرفة رأسمالي، والعقل أصل ديني، والحب أساسي، والشوق مركبي، وذكر الله أنيسي، والثقة كنـزي، والحزن رفيقي".(4)
والذين يصفونه صلى الله عله وسلم يركّزون على حزنه المتواصل وديمومة فكرته، قال ابن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عله وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة...(5) ذكر هؤلاء "الحزنَ" و"الفكرة" معًا يعني أنه صلى الله عله وسلم قد جمع بين المشاعر السامية والتفكر. فسَيّد البشَر صلى الله عله وسلم كان يُظهر فرحه بابتسامة؛ أما إظهار حُزنه أحيانا فكان بإهراقه الدموع الساخنة، وأحيانا بتكراره عبارة أكثر من مرة، وأحيانًا -ولو بنَدرة- بالدعاء على مَن أحزنوه؛ لأن الدموع إن كانت نوعا من إظهار الحزن، فالدعاء على المتسبّبين للحزن هو طريق آخر لإظهار الحزن.
1 -كونه صلى الله عله وسلم صَديقا وقريبا
من ناحية أخرى ما حزن رسول الله صلى الله عله وسلم حزنا يسئمه من الحياة، ولكن فقدان أحبائه قد أحزنه مثلما يحزن أي إنسان. فالعام الذي توفيت فيه زوجته خديجة رضي الله عنها، وعمه وحاميه أبو طالب كان "عام الحزن" لجميع المسلمين وعلى رأسهم النبي صلى الله عله وسلم.
ويوم استشهد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ذهب النبي صلى الله عله وسلم إلى بيت جعفر وضمّ أولاده إلى صدره، ومسح رأسهم بشفقة وبكي. فعَن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عله وسلم، أنها قالت: "لمّا أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عله وسلم الحزن."(6)
ولما أصيب زيد بن حارثة في معركة "مؤتة"، أتاهم النبي صلى الله عله وسلم، فجهشت بنت زيد، أي تحركت وهمّت بالبكاء في وجه رسول الله صلى الله عله وسلم فبكى رسول الله صلى الله عله وسلم حتى انتحب. فقال له سعد بن عبادة: يا رسول الله ما هذا! قال: "هذا شوق الحبيب إلى حبيبه"(7)
2 -كونه صلى الله عليه وسلم مهاجرًا
فقد اضطر مَفخرة الإنسانية صلى الله عله وسلم إلى الهجرة من مكة تحت ضغط المشركين. وفي أثناء الهجرة اتجه نحو مكة واقفا على الحزورة، فقال: "ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك".(8)
إذا كانت مشاعر الحزن المؤلمة تغمر جوانح الإنسان –لا محالة- لدى فراقه لمنزله أو قريته أو مدينته بإرادته، فما بالك إذا كان هذا الفراق بسبب الاضطهاد والإبعاد، وإذا كان هذا الشخص رسول الله صلى الله عله وسلم. فهو بكلماته المؤثرة عبر عن أحاسيسه نحو كعبة التوحيد في إطار بشري طبيعي مشيرا إلى مصدر حزنه صلى الله عله وسلم الحقيقي.
3 -كونه صلى الله عليه وسلم أبًا
النبي صلى الله عله وسلم قد حزن على ولده إبراهيم وحفيده من زَينب أثناء وفاتهما، وعبّر عن مدى حزنه بسكب عبراته الشريفة. فلنتابع معًا الرواية في هذا الصدد:
عن أنس بن مالك صلى الله عله وسلم قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عله وسلم على أبي سيف القين، وكان ظئرا لإبراهيم صلى الله عله وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عله وسلم إبراهيم فقبّله وشمّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفَسه، فجَعلت عينا رسول الله صلى الله عله وسلم تَذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال: "يا ابن عوف، إنها رحمة". ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عله وسلم: "إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون"(9) وبقوله الشريف هذا عبّر عن عمق تأثر مشاعره بموت ولده.
فشَرَف نوع الإنسان صلى الله عله وسلم -بلا شك- كان يفصح عن أسمى وأمجد أحاسيس حزنه نحو ابنه. وقد أظهر لنا كيفية تصرف المسلم المثالي حيال تلك الظروف، وأثبت صلى الله عله وسلم أن البكاء ودمع العين وحزن القلب لا يخالف شأن الرجولة، وأن الصراخ وتمزيق الملابس وشق الجيب وراء الميت ليس من شأن المسلم ولا يليق به.
4 -كونه صلى الله عليه وسلم زوجًا أو ربَّ أسرة
النبي صلى الله عله وسلم كزوج عاش أحزانا كثيرة... عاش حزنا بفقدان أُمّنا خديجة رضي الله عنها وذكرياتها حيّة في ذهنه دائما.. وعانق الحزن بافتراء المنافقين على أُمّنا عائشة الطاهرة رضي الله عنها في حادثة "الإفك".. وتجرّع الحزن بالابتعاد عن أزواجه تسعة وعشرين يوما في حادثة "الإيلاء". وفي جميع هذه الحالات عانى الرسول كزوج وربّ أسرة من أحزان عميقة بأبعادها المختلفة، حتى إن الحزن الذي كابده أدّى به أحيانا إلى المقاطعة والتَّرك.





[/align]
يتبع في التالي
7
7[/align]







التوقيع


تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها


رد مع اقتباس
 
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:22 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir