العودة   منتديات بعد حيي > المــــنتديات العــــامه > منتدى نَفُحـــــآتّ إسٌلامٌيهّ
 
 
 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-29-2010, 06:25 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

مشرفة

 
الصورة الرمزية Anfas
 

 

 
إحصائية العضو







اخر مواضيعي
 

Anfas غير متصل


التفاوت والتفاضل في الرزق

"والله فضل بعضكم على بعض في الرزق"
أخبر سبحانه في هذه الآية* وفي غيرها من الآيات* عن سُنَّة أقام الله عليها الحياة* وفطرةٍ فطر الناس عليها؛ سُنَّة ماضية بمضاء الحياة* لا تتبدل ولا تتغير؛ إنها سُنَّة التفاضل والتفاوت في الرزق* وأسباب الحياة الأخرى المادية والمعنوية . وإذا كانت آيات أُخر قد أخبرت وأثبتت أن الرزق بيد الله سبحانه ومن الله* فإن هذه الآية قد جاءت لتقرر أمرًا آخر* إنه أمر التفاوت والتفاضل بين العباد* لأمر يريده الله*
قد يكو ن ابتلاء واختبارًا وقد يكون غير ذلك؛ فقد تجد أعقل الناس وأجودهم رأيًا وحكمة مقتَّرًا عليه في الرزق* وبالمقابل تجد أجهل الناس وأقلهم تدبيرًا موسعًا عليه في الرزق؛ وكلا الرجلين قد حصل له ما حصل قهرًا عليه* فالمقتَّر عليه لا يدري أسباب التقتير في رزقه* والموسَّع عليه لا يدري أسباب التيسير*
ذلك لأن الأسباب كثيرة ومترابطة ومتوغِّلة في الخفاء* حتى يُظن أن أسباب الأمرين مفقودة وما هي كذلك* ولكنها غير محاط بها . كتب عمر رضي الله عنه رسالة إلى أبي موسى الأشعري * يقول له فيها: واقنع برزقك من الدنيا* فإن الرحمن فضَّل بعض عباده على بعض في الرزق* بلاء يبتلي به كلاً* فيبتلي من بسط له* كيف شكره لله وأداؤه الحق الذي افترض عليه فيما رزقه وخوله* رواه ابن أبي حاتم . قال الشوكاني عند تفسير هذه الآية: " فجعلكم متفاوتين فيه - أي الرزق - فوسَّع على بعض عباده* حتى جعل له من الرزق ما يكفي ألوفًا مؤلَّفة من بني آدم* وضيَّقه على بعض عباده حتى صار لا يجد القوت إلا بسؤال الناس والتكفف لهم* وذلك لحكمة بالغة تقصر عقول العباد عن تعقلها والاطلاع على حقيقة أسبابها؛ وكما جعل التفاوت بين عباده في المال* جعله بينهم في العقل والعلم والفهم* وقوة البدن وضعفه* والحسن والقبح* والصحة والسقم* وغير ذلك من الأحوال" . وعلى هذا فمعنى الآية: أن الله سبحانه - لا غيره - بيده رزق عباده* وإليه يرجع الأمر في تفضيل بعض العباد على بعض* ولا يسع العبد إلا الإقرار بذلك* والتسليم لما قدره الله لعباده* من غير أن يعني ذلك عدم السعي وطلب الرزق والأخذ بالأسباب* فهذا غير مراد من الآية ولا يُفهم منها* ناهيك عن أن هذا الفهم يصادم نصوصًا أُخر تدعوا العباد إلى طلب أسباب الرزق* وتحثهم على السعي في تحصيله*
قال تعالى: { فإذا قُضيتِ الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } (الجمعة:10) وفي الحديث: ( اعملوا فكل ميسر لما خُلق له ) متفق عليه* والنصوص في هذا المعنى كثيرة . على أنه من المفيد هنا التنبيه إلى أن التفاضل الذي أقامه سبحانه بين عباده ليس محصورًا ومقصورًا على التفاضل المادي* من مال ومنافع فحسب* بل هو أشمل من ذلك وأعم* إذ يدخل فيه التفاضل في العلم والعقل* والقوة والضعف* وغير ذلك مما هو مشاهد في حياة الناس؛ وإذا كان الأمر كذلك* فإن الموقف الرشيد والسديد من هذه السُّنَّة الكونية القناعة بما قسم الله ورزق* مع الأخذ بالأسباب لتحصيل كل ما هو مطلوب ومباح شرعًا* فالأمر منظور إليه من طرفين* طرف الرضى والقبول والاستسلام لأمر الله وقضائه* وطرف العمل والسعي المطلوب شرعًا؛ أما الاستسلام السلبي الذي يشل حركة الإنسان* ويدفع به إلى القعود والتراكن والخنوع* فليس هو الموقف الصحيح والرشيد* بل هو موقف قاصر وناظر إلى طرف واحد من أطراف المعادلة* غافل عن نظر آخر لا بد من اعتباره والسعي على وَفْقِه* فشتان بين الموقفين .ثم إن هذه الآية على صلة وارتباط بآية أخرى في سورة النساء* وهي قوله تعالى: { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض } (النساء:32) وسبب نزول هذه الآية - فيما رويَ - أن أم سلمة رضي الله عنها* قالت: يا رسول الله* تغزو الرجال ولا نغزو* وإنما لنا نصف الميراث! فنزلت: { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض } رواه الترمذي .قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: نهى الله سبحانه أن يتمنى الرجل مال فلان وأهله* وأَمَر عباده المؤمنين أن يسألوه من فضله .وقال الطبري في معنى الآية: ولا تتمنوا - أيها الرجال والنساء - الذي فضل الله به بعضكم على بعض من منازل الفضل ودرجات الخير* وليرضَ أحدكم بما قسم الله له من نصيب* ولكن سلوا الله من فضله . واعلم - أيها القارئ الكريم - أنه بسبب جهل بعض الناس بهذه السُّنَّة الكونية* دخل عليهم من الحسد والبلاء ما لا يحيط به قول ولا وصف* ولو قَنَع الناس بهذه السُّنَّة واستحضروها في تعاملهم ومعاملاتهم لكان أمر الحياة أمرًا آخر؛ أمَا وقد أعرض البعض عن فطرة خالقهم* ولم يسلموا ويستسلموا لِمَا أقامهم عليه* فقد عاشوا معيشة ضنكًا* وخسروا الدنيا قبل الآخرة. نسأل الله الكريم أن يرزقنا القناعة والرشاد والسداد في الأمر كله* والحمد لله رب العالمين .
منقول للفائدة...






التوقيع

~ وكأن كل ذلك الوجع ماكان 😍 ~
رد مع اقتباس
 
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:41 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir