[align=center]
انـتــظـــــار::..
مللت الانتظار وسط العالم المتحرك ... كل ما حولي في حالة حركة دائمة ... إلا أنا ......
هناك الجديد دائما ... هناك فرح وحزن ... صحة وألم ... شروق وغروب .... وبالنسبة لي يوجد فقط الحزن والألم والغروب ... حزن أحياه وحدي ، أتألم فيه وحدي ، أعاني منه وحدي .... لا يراني أحد ولا يشعر بي شخص .......
انتابتني حالة غريبة من التعجب عندما قرأت عن الثقوب السوداء في الكون لأنني لم أستطع وضع يدي على ماهيتها ، ولكنني الآن أشعر بأنني نفسي أصبحت ثقبا أسودا في هذه الحياة ... نعم أصبحت من الجَوارِ الكُنّس ... أنظف البيئة حولي من شوائبها وأحزانها وآلامها ، فأختزنها بداخلي ، ينعدم عندي الزمان ويصبح المكان بلا معنى ....
هل أصبحت منبوذة إلى هذا الحد ؟!!!
هل أصبحت غير مرئية للجميع ؟!!!
هل أمـــوت وحدي ؟!!
عندها فقط سيراني الناس ... ولكن بعد أن أصبحت طعاما لدود الأرض ، رزق ساقه الله لدابة لا ترى النور ... مهمتها في الحياة انتهاك حقوق الميت وإذلاله برغم ضعفها ....
عند موتي فقط سيراني الناس وربما يطلبون لي الرحمة والمغفرة ... عندها فقط سيقولون أن زمني قد توقف بتوقف قلبي عن النبض ، ولكنهم سيكونون مخطئين .... فقد توقف زمني منذ أمد بعيد ... وتوقف قلبي عن الحياة وأنا على قيد الحياة ... فما نبضاته إلا شحنات كهربائية لا تعني لي شيء ... وما شهيقي وزفيري إلا هواء لا طعم له ولا لون ولا رائحة ... كعمري تماما ..... مر سريعا دون أن يترك أثرا حتى بداخلي أنا ، لم يترك سوى الخواء وانعدام الذات والانكسار ....
نولد نبكي ونعيش نبكي ... ويبكي من أجلنا الناس عند الممات ... فهل سيكون لي عيون باكية بعد رحيلي ؟ أم سيكتفون بالتساؤل عما تركت ؟!!!
أتساءل الآن .... كيف هو الحال بعد موت الجسد ؟!!!
أما عن موت الروح فقد عرفت حاله وحضرت مأتمه ... لم يكن به سواي ... كنت أنا الميت وأنا صاحب العزاء ... وأنا من قدم العزاء ... ولكنني لم أستطع دفن نفسي ، فتركتها تتحلل أمامي ...
تألمت قليلا في البداية ولكنني اعتدتُ الألم ، وأصبحت عظام نفسي جزءا من حياتي ومشهدا يجب المرور به يوميا ... أصبحت أيامي كلها ترتدي السواد وتمارس العزاء بشكل تلقائي ....
زمن متوقف ... ومكان منعدم ... وروح ميتة ... وأحزان متراكمة ...
هذه أنا .... فهل تطلبون لي الرحمة بموت جسدي ؟!!!
سطور من صفحات قديمه...
[/align]