[align=center]
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم وفقنا لكل خير ، واجعل عواقب أمورنا إلى خير
أما بعد:
الإصلاحُ
استكمالاً لما بدأناه فإنه يجدر بنا الإشارةَ إلى بعض الخطوطِ الكبرَى
في سبيلِ الإصلاحِ كما يرسمُها بعضُ أولي العلمِ والرأي.
إنَّ أوّلَ ما يجب التوجُّه إليه
وتأكيدُ ثباته
وضرورة الاستمساك به
ورسوخه وترسيخه
بيانُ غايةِ الإنسان في هذه الحياةِ وحقيقة وجوده،
ونحن أهلَ الإسلام الصورةُ عندنا في ذلك واضحةٌ،
لا لبسَ فيها ولا مساوَمَةَ عليها،
وهي واضحةٌ في هذه الآيات الكريمات، قولِ الله عز وجل:
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )
سورة الذاريات آية رقم 56
وقول الله عز وجل:
( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )
سورة الملك آية رقم 2
وقول الله عز وجل:
( هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا )
سورة هود آية رقم 61
أي: طلب منكم عِمارَتها،
وقول الله عز وجل:
( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لا شَرِيكَ لَهُ )
سورة الأنعام آية رقم 161، 162
ولننزل للواقع رعاكم الله وننظر بعين بصيرة ونحكم ونقول:
الناسُ هم الناس،
والدّيار هي الدِّيار في كلِّ أصقاع الدنيا،
ولكنّ سبيلَ الإصلاح والحضارة وطريق النّورِ والبناء هو وحيُ الله عزّ وجلّ،
( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ
وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )
سورة الشورى آية رقم 52
إنّ أمّةَ الإسلام بماضيها وحاضِرها ومستقبَلها
وسلَفِها وخلفها وكلِّ أجيالها
قائمةٌ على الدِّين،
فإذا استُبعِدَ من الإصلاحِ فلن يبقى لها شيء ولن تقوم لها قائمة،
( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )
سورة الزخرف آية رقم 44
( لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ )
سورة الأنبياء آية رقم 10
كما أنّ مِن خطوطِ الإصلاح الكبرى
النظرُ في الدّيار والأوطان وحبّها والانتماء إليها والدِّفاع عنها،
وهذا أمرٌ مقرَّر في ديننا بصورةٍ لا لبسَ فيها ولا غموض،
وتأمّلوا ـ رحمكم الله ـ هذه الآياتِ في كتاب الله:
( وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا )
سورة البقرة آية رقم 246
فالقِتالُ من أجلِ الدّيار هو قتالٌ في سبيل الله،
وقولَه سبحانه:
( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوْ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ )
سورة النساء آية رقم 66
فانظر كيفَ جعَل الإخراجَ من الديار قرينَ قتلِ النفوس،
بل إنّ العلاقةَ بين المسلمين وغيرِهم مرتَبِطةٌ بهذين الأمرين الأساسِيَين: الدّينِ والدّيار ،
فهما محوَر تحديدِ العَلاقة سلبًا وإيجابًا،
اقرؤوا ـ رحمكم الله ـ هاتين الآيَتَين وتأمّلوها:
الأولى في جانب العلاقَةِ الإيجابية:
( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )
سورة الممتحنة آية رقم 8
والآية الثانية في جانب العلاقة السَّلبية والمفاصَلة:
( إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ )
سورة الممتحنة آية رقم 9
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى[/align]