10-13-2006, 07:44 AM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2835
|
تاريخ التسجيل : Mar 2006
|
أخر زيارة : 03-23-2017 (11:25 AM)
|
المشاركات :
23,057 [
+
] |
التقييم :
50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
البلاء والمراقبة الإلهية
البلاء والمراقبة الإلهية
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وعلى جميع أنبياء الله والمرسلين، السلام عليكم أيُّها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات ورحمة الله وبركاته.
الامتحان الإلهي للإنسان:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {ولنبلونَّكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصّابرين ونبلوَ أخباركم}(محمّد/31)، ذكرنا في ما سبق أنَّ الابتلاء يمثِّل الاختبار والامتحان الإلهي للإنسان، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وزوّده بالعقل، وأعطاه الإرادة وحمَّله المسؤولية، وأراد منه أن يقوِّي عقله حتى يستقيم له الفكر ليفكِّر تفكيراً مُتّزناً، وأراد له أن يقوّي إرادته ليتمكَّن من إدارة حياته من دون أن تضغط عليه نقاط الضَّعف، وحمّله المسؤولية في إدارة حياته بقدر ما يتَّصل الأمر بحياته الخاصة أو بعلاقته بالنّاس الآخرين وبالحياة العامة.
ولذلك، فإنَّ الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان أن يظهر جوهر شخصيّته؛ هل هو الشخصيّة التي تثبت أمام حالات الاهتزاز، وتعيش القوَّة أمام حالات التحدّي، وتبقى في خطِّ الاستقامة حتى لو تكاثرت عليه الضغوط؟ أم أنّه يبقى مستقيماً ما دامت الحياة سائرةً معه كما يجب، فإذا تعرَّض للضغط انحرف كالكثيرين من النَّاس، لذلك، فإنّ الابتلاء من الله تعالى يمثِّل تحريك بعض الضغوط من خلال الأوضاع والظروف المحيطة بالإنسان، كما ورد في قوله تعالى: {ليبلوني أأشكر أم أكفر}(النّمل/40)، فإنّ الله سبحانه وتعالى يختبر الإنسان، هل يشكر ربه بالسير في الخط المستقيم أم يكفر بنعمته؟
ففي هذه الآية يقول تعالى: {ولنبلونّكم}، نختبركم من خلال المشاكل التي قد تقتحم عليكم حياتكم، أو من خلال الظروف التي تحيط بكم وتضغط عليكم، ليظهر جوهر شخصيتكم، وتظهر قوة التزامكم بمبادئكم وقدرتكم وإصراركم على السّير في خطِّ الالتزام بالصبر والصمود، {ولنبلونَّكم حتى نعلم المجاهدين منكم} عندما تتحرك ساحات الجهاد، في مواجهة تحدّيات الأعداء الذين يريدون إسقاط الأمة وتحدي عزّتها وكرامتها وحريتها واستقلالها، والضغط عليها، ما يفرض على الأمة أن تواجه هذا التحدي الكبير لتحتفظ بعزّتها وكرامتها، لأن الله لا يريد للأمة أن تأخذ بأسباب الذِّلة، بل يريد لها أن تأخذ بأسباب العزَّة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}(المنافقون/8).
المسؤولية الإنسانية ومواقع الجهاد:
وقد قال الإمام جعفر الصّادق(ع): «إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلَّها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً». وهذا أمرٌ يتَّصل بالجانب الفردي كما يتصل بالجانب الجماعي؛ جانب المجتمع وجانب الأمة والجهاد، سواءً كان الجهاد جهاد النفس، عندما تتحرك في داخله النفس الأمارة بالسوء، لتدفعه عن خطِّ الاستقامة إلى خط الانحراف، أو الجهاد السياسي والجهاد الثقافي والجهاد التبليغي، لأنّ لكل موقع من مواقع المسؤولية في الإسلام جهاده.
{والصّابرين}، وهم الذين يواجهون المصائب والعقبات والتحدّيات التي تهزُّ الإنسان في كلِّ مبادئه والتزاماته ومواقفه ومواقعه، حتى يُعرَفَ من الّذي يصبر ومن الذي يسقط أمام التّجربة، لأنَّ الحياة في كلِّ مسيرتها تجربة، والتّجارب ربما تتحدَّى الكثير من حاجات الإنسان ومن رغباته وتطلّعاته وطموحاته، لذلك لا بدَّ للإنسانِ أن يصبر، {واصبر على ما أصابك إنَّ ذلك من عزم الأمور}(لقمان/17). لأنّ الإنسان المؤمن إذا لم يتَّصف بالصبر، فإنّه سوف ينهزم ويسقط أمام الكثير من التحديات، وبذلك ينعكس هذا السقوط على حركة الإيمان في نفوس المؤمنين {ونبلو أخباركم}، أي نختبر أخباركم.
فالله سبحانه وتعالى يراقب الإنسان في كل أوضاعه، فقد يبتلي الإنسان ببعض المشاكل في بيته، لأن مسألة الحياة البيتية قد تختزن أو تحمل الكثير من المشاكل، منها مشاكل الفقر والحرمان، أو المشاكل المزاجية بين الزوج والزوجة، أو بين الأب والأم والأولاد، أو ما أشبه ذلك، أيضاً هناك مشاكل على مستوى الحركة الإنسانية، سواء في النطاق السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الأمني وغيره.
فهذا النّوع من الملاحقة الإلهية للإنسان، عندما يعيش المشاكل في حياته، توحي للإنسان أنّه موضع مراقبة وملاحقة من قبل الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، فينطلق ليراه الله تعالى وهو في موقع المؤمن الصابر القويّ الثابت على المبدأ في كلِّ مجالاته. هذه الآية توحي للإنسان أن كل بلاء يُبتلى به في حياته، سواء كان البلاء ناشئاً مما يقوم به من أعمال، أو مما يحدث له من خلال الظروف المحيطة به، يمثِّل امتحاناً من قبل الله سبحانه وتعالى له، وأنّ عليه أن يعمل على أن ينجح في الامتحان، لأن قضية نجاح الإنسان في الامتحان يمثل طموحاً إنسانياً، ونحن نعمل لننجح في امتحانات الدراسة أو في امتحانات التجارة أو السياسة، لنحصل على كسبٍ هنا أو هناك، ولكن أعلى الامتحانات وأعلى النجاح هو النجاح في امتحان الله سبحانه وتعالى لنا.
فلنعش في امتحان الله لنا النجاح الذي نحصل من خلاله على رضوانه ومحبته ولطفه، {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}(المطفّفين/26).
والحمد لله ربِّ العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقووول
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|