ذوبها.. كفتافيت السكر
كما يشاء كان يقلبها بيديه مستمتعا بذوبانها، ينظر اليها، وكأنه يستعجل انتهاء أمرها، فبرودة الجو من حوله جعلته غير قادر على الصبر أكثر من شرب كوب الشاي الذي وضع فيه فتافيت السكر، حسبما أراد.
اما هي.. فحدثت نفسها متسائلة عن ذلك الذي طالما كان متسلطا في معاملته لها، وهي مازالت تحلم بعيدها الأكبر، فتركته في المقهى لتتجول في المحلات القريبة منه.
شدها ذلك الثوب الأبيض ببريقه وجمال حباته اللامعة، دخلت وطلبت المقاس المناسب لها. اجتمعت الفتيات حولها يبتسمن ويدعون لها بحياة سعيدة ومستقبل جميل، فردت لهن الابتسامة وفي قلبها لوعة.
لبست الثوب واعتلى رأسها التاج الذي زين خصلاتها السمراء، فدمعت عيناها، وما ان انتبهت اليها صاحبة المحل حتى توجهت نحوها وهي باسمة لتطمئنها بأن الحياة ستكون أجمل، وان كل الفتيات في هذه المرحلة يشعرن بمشاعر الخوف والقلق نفسيهما ممتزجة بالفرح الخجل، وأخذت تقنعها بشراء الثوب الذي يناسبها ويجعل طلتها كطلة الأميرة الحسناء.
استدارت لتعود الى غرفة الملابس لتنزع الثوب، ومع كل ربطة خيط حلتها كان الحزن يغزوها غارة تلو غارة حتى شعرت بقلبها ينتزع منها مع خلع الثوب.
خرجت بعد ان وعدت بأن تعود لشرائه مع بطاقة الدعوة.
توجهت الى المقهى ووقفت أمامه وأمسكت بقطع السكر التي فتفتتها بيدها بعد ان بلغ انتظارها له عدد الأصابع الخمس، ورغم ألمها وحزنها وسنوات عمرها التي تبخرت عادت الى الشارع نفسه والى المحل نفسه بعد غياب، وجدت ثوبا آخر أجمل من الذي رأته في المرة الأولى، فدخلت مع امها واشترته، وعند خروجها رأته يجلس في المكان ذاته وفي المقعد ذاته يذوب فتافيت السكر، لكن رؤيته لم تؤثر فيها هذه المرة ولم تحدث في نفسها شيئا، ومضت قدما في طريقها باتجاه شروق الشمس.
العرض الشجري
