العودة   منتديات بعد حيي > المــــنتديات الأدبيـــــــة > منتدى التراث الشعبي والقصص
 
 
 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-01-2007, 10:02 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية JOKAR
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

JOKAR غير متصل


القهوة المرة وجماليات الضيافة العربية ...

بعيداً إلى الجنوب الغربي من دمشق إلى تلال الحجر البازلتي الأسود تقع قرية "تيما" في محافظة السويداء، وهي قرية تقع في أطراف شهبا بنيت أجزاء منها في العهد الروماني، ومازال أهلها محتفظون بعاداتهم وتقاليدهم في إكرام الزائر وحسن ضيافته وخاصة في تقديم القهوة المرة.. عادة الأجلاء.. ارث عبق عبر تاريخنا الممتد بين التراب وتصدعاته التي تكتب دعاء المسنين في استقدام المطر والثلج في الشتاء، وصفحات التلال كتاباً تنطوي فيه صفحات الغابرين ولهذه العادة خصال عديدة فهي واسطة فرح داعية صلح فنجان عزاء عند الموت، وخاتمة للأيام الصعبة التي تحل، ولا تغادر إلا بترك بصمة قاسية في قلب من ألمت به، وتعد عنصراً هاماً في المضافة لما لها من جمالية وهيبة في الضيافة العربية.



والمضافة عبارة عن غرفة خاصة للزائرين والغرباء وتبنى في قالب خاص فيها يجتمع الأحبة من الأقارب والأصدقاء والمتخاصمين من وقع بينهم خصام أو نزاع على ارث أو غيره من المشاكل، ولها دور فاعل في دفع العداوات الشخصية والأحقاد إلى الوفاق والصلح وفيها تروى معاناة كل مسن خلال سنينه الطويلة وتجاربه مع الناس، وفي أسفاره ومع العمل فيروي ما يرويه فيأتي على فرح تارة وعلى حزن تارة أخرى.

والضيف يرحب به بحفاوة وتقدم له ضيافة المكان القهوة المرة وهي أهم من العادات في المحافظات السورية في دمشق عند الفرح والعزاء، واشتهرت بها الدول العربية اليمن السعودية، قطر، والكويت جميع دول الخليج ولهذه الضيافة أصول في صب الفنجان وحركة اليد، وتقديمه للضيف وفي صنعها وغليها، وللقهوة المرة سوالف شعبية تروى عنها بتواصل يصفو فيه الكدر وينبعث منه دفء المكان وبهجته، رداء يكسو الزائر السكينة والطمأنينة ولمعرفة هذه اللغة المتفردة بوقعها الخاص في نفس الزائر.."الراية" التقت الجد "أبو سعيد ـ متعب زيتونة" وحدثنا بحديث تطيب له الأسماع في مضافة منزله الكائن وسط القرية وكان الحوار التالي:

- ما هي أنواع القهوة المرة وأي البلاد تميزت بها دوناً عن غيرها؟

للقهوة أنواع مختلفة الحلوة والمرة، الإفريقية واليمنية وقهوة كواتيمالا والقهوة الكوبية وأفضل هذه الأنواع السيلاني بالنسبة للطعم والمذاق والاستخدام، ومن أكثر البلدان تميزاً بها وبصناعتها اليمن وإفريقيا فلكل شعب عراقة وأصالة متوارثة تتسم به، دخلت القهوة إلى بلاد الشام من خلال المبادلات التجارية بين التجار هنا والتجار العرب الوافدين إلينا منذ ألفي عام واشتهرت بكثرة في السنوات الخمسين الأخيرة.

-كيف تصنع القهوة العربية المرة وما النوع الذي تستخدمه؟

- لصنع القهوة المرة أستخدم القهوة اليمنية سريعة الاستواء ولها نكهة ومذاق مختلف عن بقية الأنواع تحمص القهوة المرة على المحماسة، وتحرك بيد الحماسة هي يد طويلة وفي نهايتها سطح دائري مرقق ومتجانس على شكل ملعقة الطعام، تحمص حتى تصبح شقراء أو سوداء على رغبتك في مذاقها، بعد ذلك تطحن بواسطة الجرن أو مطحنة يدوية فتصبح جاهزة للتحضير نزيد الدلة ماء، وهي غالباً ما تكون مصنوعة من النحاس والقيشاني نضع فيها الخمير الممدد، والمكثف كالطحل، ونضيف إليه الهيل ونقوم بغليه ومن ثم نصب القهوة المطحونة فوقها ونقوم بغليها حتى تمتزج وتصبه جاهزة للتقديم، وهناك طقوس احتفالية تعلق بالقهوة المرة ومنافسة من يستطيع صنع قهوة بنكهة أفضل وذلك يدل على مدى أهمية هذه العادة.

-ما الأسلوب الذي تقدمون به القهوة المرة للضيف؟

- بعد وضع القهوة في الإناء الخاص به "الترمز" تبقى ساخنة وذلك يشعر الضيف بالرضا عن مذاقها، والاهتمام به ويملأ الفنجان حتى ربعه أو اقل من المنتصف بقليل يقدم باليمين أو باليسار، أما في بقية الدول العربية فيقدم باليمين وعند دخول الضيف يقدم له فنجانين وعند مغادرته يقدم له فنجان أو اثنين على حسب رغبة صاحب البيت فيهنأ الشارب ويثني بقوله وهو يهز الفنجان ويعيده إلى من قدمها له ويقول "قهوة عامرة هانئة مباركة أيها الكريم". فيجيب صاحب الضيافة "هنيئاً منياً مدموجة بالعافية بجنة الفردوس تلتقي أمثالك".

فالقهوة عادة عربية تراثية أصيلة وهي فخر الضيافة على مر السنين ولا زالت إلى اليوم تراث باق في صلب الحضارة العربية ولم يتأثر بشيء.

-عدم شرب الفنجان بعد صبه ووضعه على الأرض قد يكون نذير شر أو خير فما رأيك؟

- عندما يدخل المضافة وفداً أو حشداً وتقوم بواجبهم فتصب للكبير فيهم فنجان قهوة مرة فيمسكه وينظر إليه نظرة صارمة فيضع الفنجان أرضاً ولا يشربه، يكون له حاجة وعليك أن تلبيها له وغالباً ما تكون الحاجة عقد راية أو صلح أزواج ويكون ذلك نذير شر إذا رفض الطلب، وقد تقع عاقبة سيئة خلف الرفض ويكون نذير خير ومحبة إذا قبل وانتهى بشرب الفنجان وفي دمشق سرت هذه العادة في زمان مضى، فمن يرفض طلبه ويغادر دون أن يشرب فنجانه يكون قد أوقع عاراً على نفسه فيعتكف منزله دون خروج حتى يقبل طلبه أو يعاد بالاعتذار.

- ما الذي يفسد القهوة؟

- تفسد القهوة إذا دخل فيها عيب يدل على عدم حذر من يصنعها لذلك وجب قبل تقديم فنجان القهوة للضيف أن يتناول صانعها فنجاناً يتذوق فيه قهوته فيعرف بذكائه ما هي جودتها، وإلا أوقع نفسه في حرج الإهمال وذلك ينقص من قدر الضيف، تصبح القهوة عاد على صانعها إذا دخل فيها عنصر شاذ غريب فأفسد طعمها لأنها حساسة لأي تغيير قد يحدث بها.

- قيل الشعر في القهوة العربية أتستطيع أن تروي لي بعضه؟
- قيل في القهوة:


يا صانع القهوة في الصباح مرّها
ريح هيل ورياض منمنـم
فان مضى بك الزمان ومضـى
أنت الحكيم وعذبك جودُ يكتسب
فأعن شاربـها برد الجميـل فالصنيع وفاءً وللفنجان عزُّ وتكريم

فأنا اصنع القهوة المرة منذ ثلاثين عاماً ولا زلت اكتشف أموراً جديدة تضفي عليها نكهة طيبة، قد لا املك شيء وإنما لي هذا الإرث اصنعه صبيحة كل يوم،والآن باتت القهوة بشقيها الحلوة والمرة تصنع في جميع أنحاء العالم وتحتل مكانتها بين السلع الاقتصادية اعتادها الناس في الصباح والمساء، أثناء العمل وبعده في الأسفار والأفراح فأصبحت من ضروريات الحياة ...

تقرير من الجزيرة

JOKAR







التوقيع

رد مع اقتباس
 
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:14 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir