مجايلة الأجيال في تحقيق الآمال
<H2>مجايلة الأجيال في تحقيق الآمال |
د. فهد بن عبدالعزيز الخليف
لقد اصبح من الضروري بمكان ان تهتم المؤسسات العامة، وعلى رأسها تلك المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتربوية ان تسلك مسلكاً ممنهجاً ومتصلاً بمشاريع قومية عامة، لترسيخ مبدأ مجايلة الاجيال وتحقيق التواصل بين تجارب الجيل السابق والحالي، جيل المستقبل الذي يحتاج منّا ان نورثه عصارة تجارب الماضي حتى يقوم بتطويرها على اسس القيم والمبادئ التي تخلق من المجتمع ذا لحمة ذات نسيج متماسك؛ حتى لا تضيع الاجيال القادمة في مغبة الاستلاب الحضاري الممنهج من لدن الآخرين، وهذا لا يعني بالضرورة الانفصال عما حولنا من قيم وتجارب انسانية نمت وتطورت لدى اولئك الآخرين، ومن هنا لا بدّ من الأخذ بصحيح الفهم لمسألة المجايلة بين الماضي والحاضر من اجل المستقبل ايضاً، ومن ثمّ نقل تلك التجارب من دون ان يحدث عزل او انعزال عما يجري من حولنا في بقية ارجاء الدنيا لدى الانسان اينما وجد، ذلك انّ حياة البشر اصبحت بالضرورة مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً لا انفكاك لأحد من أحد بحكم المصالح المتبادلة، والتي اصبحت هي المعيار لضبط موازين العلاقات بين الدول والمجتمعات والافراد، ومن المؤسف له انّ منطق المصلحة عند الكثيرين من الذين قيض لهم ان يكونوا في موضع المتنفذ والمؤثر على سير دولاب الدولة والمجتمع، لم يزالوا ينظرون للمصلحة نظرة قاصرة، وينسون ان من خلفهم ومن امامهم الكثير من المياه الجارية بعذبها ومرها أجاجها وعجاجها، وينسون ان انسان اليوم لا يرضى ان يتوقف عند مصالح آنية، وهو لم يزل يتطلع الى طموحات عظيمة تخرج به من الآن الى الغد المشرق، ومن هنا تأتي اهمية حسن اختيار ممن يقومون بأمر وشأن الدولة والمجتمع، ممن لهم من الوعي والوجدان السليم الذي يمكنهم من حسن تقدير الامور، ومن ثم توجيه الخطط نحو آفاق المستقبل، بما يمكن من خلق مشروع متكامل يفضي بنا وبابنائنا ومن يأتي من بعدهم الى حياة مليئة بالرفاء والامن والسلام المستدام في وحدة وانسجام. ولا ننسى اهمية التجارب الفنية والادبية بكافة اشكالها وضروبها، من اجل تحقيق مبدأ وفكرة المجايلة بين الاجيال، ونقل تجاربها ذات القيم العليا من جيل الى جيل في طابعها الأصيل من دون ان تفقد القدرة على المواكبة، ولا بد في هذا من الاستفادة من الطاقات الكبيرة لدى المبدعين من الرواد والشباب على حد السواء، ومتى ما وجد هؤلاء المبدعون الاهتمام والرعاية من المؤسسات ذات الصلة، نجدهم قدموا الاعمال الكبيرة من اجل مجتمعهم. والحق يُقال ان المبدعين اليوم لا يجدون الدعم والمساندة المطلوبة حتى يتمكنوا ان تقديم الجيد الجديد المبدع، بما يمكنهم من ان يلعبوا دوراً متكاملاً بما يحقق التواصل بين الأجيال ومن ثم تتحقق وحدة المجتمع، بما يجعل منه مجتمعاً متماسكاً ومحصناً من كافة مخاطر المتلاعبين بمصيره ومصير انسانه. ولا تتأتى هذه المساندة الا بالدعم المادي والمعنوي وفتح مسارات واسعة وتوفير كافة السبل من اجل وصول اعمال المبدع الى الانسان العادي، حتى يتشرب الجيل الجديد من مناهل الفن والادب الجاد، ومن ثمّ تزول الحواجز ما بين الماضي والحاضر فيحدث التواصل في ثقة وتواثق تامين بينهما، وهذا لا يتأتى ما لم تحدث مصالحة حقيقية بين جيل الامس واليوم، وان يضع كلاهما اهمية العمل من اجل اليوم والغد والزمن الآتي في تناغم وانسجام تامين.
|
</H2>
|