بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر / ابن شهاب الزهري عن / عبد الله بن وهب بن زمعة عن / أم سلمة أن / أبا بكر، رضي الله عنه خرج تاجرا إلى بصرى, ومعه / نعيمان و / سويبط بن حرملة، وكان / سويبط على الزاد, فجاءه / نعيمان فقال : أطعمني, قال : لا، حتى يأتي / أبو بكر، وكان / نعيمان رجلا مضحاكا مزاحا، فقال : لأغيظنك, فذهب إلى أناس جلبوا ظهرا ( الإبل تعد للركوب وحمل الأثقال ) فقال : ابتاعوا ( اشتروا ) مني غلاما عربيا فارها، وهو رعّاد ولسّان، ولعله يقول : أنا حر .
فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لي، لا تفسدوا علي غلامي، فقالوا : بل نبتاعه منك بعشرة قلائص ( والقلوص هي الناقة الشابة القوية )، فأقبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال : دونكم هذا، فجاء القوم فقالوا : قد اشتريناك فقال / سويبط : هو كاذب، أنا رجل حر, فقالوا : قد أخبرنا خبرك، فطرحوا الحبل في عنقه وأخذوه، فذهبوا به، فجاء / أبو بكر، فذهب هو وأصحاب له، فرد القلائص وأخذوه، فلما أخبر النبي بالقصة ضحك, وظل يضحك وأصحابه كلما تذكر تلك الواقعة حولا كاملا (1)
وذكر / هشام بن عروة عن أبيه قال : أقبل أعرابي على ناقة له, فدخل المسجد, وأناخ ناقته بفنائه, ودخل على نبي الله, و / حمزة بن عبد المطلب جالس في نفر من المهاجرين والأنصار، فيهم / النعيمان، فقالوا لــ / النعيمان : ويحك ! إن ناقته ناوية ( يعني سمينة ) فلو نحرتها, فإنا قد قرمنا ( اشتد شوقنا ) إلى اللحم، ولو قد فعلت غرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكلنا لحما، فقال : إنى إن فعلت ذلك وأخبرتموه بما صنعت وجد ( غضب ) علي صلى الله عليه وسلم .
قالوا : لا نفعل، فقام فضرب في لبتها ( موضع الذبح )، ثم انطلق، فمر بــ / المقداد بن عمرو وقد حفر حفرة، وقد استخرج منها طينا، فقال : يا / مقداد, غيبني في هذه الحفرة، وأطبق علي شيئا، ولا تدل علي أحدا، فإني قد أحدثت حدثا، ففعل, وجعل عليه الجريد والسعف, فلما خرج الأعرابي رأى ناقته قد نحرت, فصرخ وصاح : واعقراه يا / محمد ! .
فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال : من فعل هذا ؟ قالوا : نعيمان، قال : وأين توجه ؟ فتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه / حمزة وأصحابه حتى أتى على / المقداد, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لــ / المقداد : هل رأيت لي / نعيمان ؟ فصمت، فقال : لتخبرني أين هو ؟ فقال : مالي به علم ؟ وأشار بيده إلى مكانه، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه, فوجد وجهه قد تغير بالسعف الذي سقط عليه, فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟! قال : الذين دلوك علي يا رسول الله هم الذين أمروني وقالوا : كيت وكيت .
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عن وجهه ويضحك, ثم غرم صلى الله عليه وسلم ثمن الناقة, وأرضى الأعرابي من ناقته، وقال : شأنكم بها فأكلوها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر صنيعه ضحك حتى تبدو نواجذه (2) فصلوات الله وسلامه عليه, فنعم المربي كان !!
حدث / مصعب بن عبد الله عن جده / عبد الله بن مصعب قال : كان / مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري شيخاً كبيراً بالمدينة أعمى, وكان قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة, فقام في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس : المسجد ! المسجد ! فأخذ / نعيمان بن عمرو بيده, وتنحى به ثم أجلسه في ناحية أخرى, فقال له : بل هاهنا . فلما هم أن يقضي حاجته, وهو يحسب أنه قد خرج من المسجد صاح به الناس . فقال : ويحكم !! فمن أتى به إلى هذا الموضع ؟ قالوا : نعيمان. قال : أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت, فمكث ما شاء الله حتى نسي ذلك / مخرمة .
ثم أتاه يوماً و / عثمان قائم يصلي في ناحية المسجد, وكان / عثمان إذا صلى لم يلتفت فقال له : هل لك في / نعيمان قال : نعم أين هو ؟ دلني عليه .
فأتى به حتى أوقفه على / عثمان, فقال : دونك ! هذا هو, فجمع / مخرمة يديه بعصاه, فضرب / عثمان فشجه, فقيل له : إنما ضربت أمير المؤمنين / عثمان, فسمعت بذلك بنو زهرة, فاجتمعوا في ذلك, فقال / عثمان : دعوا / نعيمان ... فقد شهد بدراً (3)
وحدث / محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال : كان بالمدينة رجل يقال له / نعيمان, وكان لا يدخل في المدينة رسل ولا طرفة إلا اشترى منها, ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله, هذا هدية لك .
فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه من / نعيمان جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أعط هذا ثمن هذا, فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو لم تهده لي ". فيقول يا رسول الله لم يكن عندي ثمنه, وأحببت أن تأكله, فيضحك النبي صلى الله عليه وسلم, ويأمر لصاحبه بثمنه (4)