العودة   منتديات بعد حيي > المــــنتديات العــــامه > منتدى نَفُحـــــآتّ إسٌلامٌيهّ
 
 
 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-2012, 11:24 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

مراقب عام

 
الصورة الرمزية امير السعوديه
 

 

 
إحصائية العضو







اخر مواضيعي
 

امير السعوديه غير متصل


منبر الجمعه من بعد حيي

"وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا " 12 / 2 / 1433



الخطبة الأولى "

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصبرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الحَيَاةُ بِلا أَمنٍ مُرَّةٌ وَقَاسِيَةٌ ، وَحِينَ يَنتَشِرُ الخَوفُ في بَلَدٍ مَا ، فَلا طَعمَ لِلشِّبَعِ حِينَئِذٍ وَلا قِيمَةَ لِلأَموَالِ ، وَمِن ثَمَّ فَقَد جَعَلَ اللهُ الخَوفَ في مُقَدِّمَةِ مَا يُبتَلَى بِهِ النَّاسُ في هَذِهِ الحَيَاةِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ "
وَحِينَ يُرزَقُ العِبَادُ مَعَ الأَمنِ في الأَوطَانِ عَافِيَةً في الأَبدَانِ ، فَلا فَرقَ حِينَئِذٍ بَينَ غَنيٍّ وَلا فَقِيرٍ ، إِلاَّ بِحَظِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مِنَ القَنَاعَةِ وَالرِّضَا ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن أَصبَحَ مِنكُم آمِنًا في سِربِهِ مُعَافىً في جَسَدِهِ ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَت لَهُ الدُّنيَا بِحَذَافِيرِهَا " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَغَيرُهُمَا وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
تُرَى مَا الَّذِي يَتَمَنَّاهُ اليَومَ إِخوَانٌ لَنَا في بُلدَانٍ بُلِيَت بِالمُظَاهَرَاتِ وَمَاجَت بها الاضطِرَابَاتُ ؟
لا نَظُنُّهُم قَبلَ أَيِّ شَيءٍ يُرِيدُونَ أَكثَرَ مِن أَن يَزُولَ عَنهُم هَاجِسُ الخَوفِ وَالرُّعبِ الَّذِي بُلُوا بِهِ بَينَ أَهلِيهِم وَفي دِيَارِهِم ، وَأَن يَتَحَقَّقَ لهمُ الأَمنُ النَّفسِيُّ وَطُمَأنِينَةُ القُلُوبِ ، وَأَن يُحِسُّوا بِالسَّكِينَةِ في مَسَاكِنِهِم وَيَشعُرُوا بِالرَّاحَةِ في مَوَاطِنِهِم .

إِنَّ الأَمنَ وَالهُدُوءَ وَالاطمِئنَانَ مَطلَبٌ دَائِمٌ لِبَني الإِنسَانِ ، طَلَبُوهُ مُنذُ كَانُوا وَسَعُوا إِلَيهِ مُنذُ وُجِدُوا ، وَبِهِ امتَنَّ اللهُ عَلَى قُرَيشٍ قَبلَ بِعثَةِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ ، حَيثُ نَصَرَهُم ـ تَعَالى ـ عَلَى النَّصَارَى في حَادِثَةِ الفِيلِ مِنَّةً مِنهُ وَتَفَضُّلاً ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " أَلم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحَابِ الفِيلِ . أَلم يَجعَلْ كَيدَهُم في تَضلِيلٍ . وَأَرسَلَ عَلَيهِم طَيرًا أَبَابِيلَ . تَرمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِن سِجِّيلٍ . فَجَعَلَهُم كَعَصفٍ مَأكُولٍ " وَقَد عَاشَت قُرَيشٌ بَعدَ هَذَا النَّصرِ الإِلهِيِّ آمِنَةً مُطمَئِنَّةً هَادِئَةً وَادِعَةً ، لا يَنَالُهَا أَحَدٌ بِسُوءٍ ، وَلا يَمَسُّهَا عَدُوٌّ بِشَرٍّ ، بَل لَقَد كَانَ النَّاسُ مِن حَولِهَا يُتَخَطَّفُونَ بِالحَربِ وَالضَّربِ وَالنَّهبِ ، بَينَمَا كَانَت قَوَافِلُهَا التِّجَارِيَّةُ في رِحلَتَيِ الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ ، تَسِيرُ في أَمنٍ لا يَعتَرِضُهَا أَحَدٌ بِسُوءٍ ؛ لأَنَّهَا تِجَارَةُ أَهلِ البَلَدِ الأَمِينِ . قَالَ ـ تَعَالى ـ : " أَوَلم يَرَوا أَنَّا جَعَلنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِن حَولِهِم "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " لإِيلافِ قُرَيشٍ . إِيلافِهِم رِحلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيفِ . فَلْيَعبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيتِ . الَّذِي أَطعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ "
لَقَد كَانَ هَذَا الأَمنُ الَّذِي نَعِمَت بِهِ قُرَيشٌ في مَكَّةَ وَخَارِجَهَا ، وَذَاكَ التَّقدِيرُ الَّذِي كَانَ لهم في قُلُوبِ النَّاسِ قَرِيبًا وَبَعِيدًا ، وَقَبلَهُ النَّصرُ الَّذِي وَهَبَهُمُ اللهُ إِيَّاهُ عَلَى النَّصَارَى ، لَقَد كَانَ كُلُّ ذَلِكَ عَطَاءً مِنَ اللهِ خَالِصًا ، لا بِقُوَّةٍ مِنهُم وَضَعفٍ مِن غَيرِهِم ، وَلا لِفَضلٍ لهم عَلَى مَن سِوَاهُم ، وَلَكِنَّهَا مَكَانَةُ البَيتِ الَّذِي بَينَ أَيدِيهِم ، وَكَرَامَةُ النَّبيِّ الَّذِي سَيُبعَثُ مِنهُم ، فَهَل شَكَرُوهُ ـ سُبحَانَهُ ـ وَحَمِدُوهُ ؟
هَل حَافَظُوا عَلَى هَذَا المُكتَسَبِ العَظِيمِ وَتَمَسَّكُوا بِهِ ؟
لم يَكُنْ منهم ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُم نَزَعُوا إِلى الشِّركِ بِاللهِ وَاختَارُوا الكُفرَ ، وَأَحَاطُوا بَيتَهُ المُحَرَّمَ بِأَصنَامٍ وَطَوَاغِيتَ عَبَدُوهَا وَدَعَوهَا مِن دُونِهِ ، فَلَمَّا بُعِثَ فِيهِمُ الهَادِي البَشِيرُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَدَعَاهُم إِلى النُّورِ الَّذِي جَاءَهُم بِهِ ، وَأَمَرَهُم بِالتَّوحِيدِ وَتَركِ عِبَادَةِ الأَصنَامِ وَالأَوثَانِ ، لم يَكتَفُوا بِكُفرَانِهِم نِعمَةَ رَبِّهِم بِالأَمنِ وَالأَمَانِ ، حَتى أَضَافُوا إِلى ذَلِكَ رَفضَ عِبَادَتِهِ ـ تَعَالى ـ وَالإِبَاءَ عَلَى رَسُولِهِ ، بَل لم يَكتَفُوا بِذَلِكَ حَتى حَادُّوهُ ـ تَعَالى ـ وَحَادُّوا رَسُولَهُ ، وَجَعَلُوا يُحَارِبُونَ عِبَادَهُ المُؤمِنِينَ ، فَعَذَّبُوا مِنَ السَّابِقِينَ إِلى الإِسلامِ مَن عَذَّبُوا ، وَقَتَلُوا مَن قَتَلُوا وَأَخرَجُوا مَن أَخرَجُوا ، وَحَوَّلُوا بَلَدَ الأَمنِ وَالأَمَانِ إِلى رُعبٍ وَخَوفٍ ، بَلَ حَتى الصَّادِقُ الأَمِينُ وَرَسُولُ رَبِّ العَالمِينَ ، جَعَلُوا يَمكُرُونَ بِه لِيَحبِسُوهُ أَو يَقتُلُوهُ أَو يُخرِجُوهُ .
أَفَتَدرُونَ لأَيِّ شَيءٍ فَعَلُوا ذَلِكَ وَبِمَ كَانُوا يَحتَجُّونَ ؟
أَتَعلَمُونَ بِأَيِّ جَوَابٍ أَجَابُوا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لَمَّا دَعَاهُم إِلى الهُدَى وَالإِيمَانِ بِاللهِ وَالكُفرِ بِالطَّاغُوتِ ؟
اِسمَعُوا مَا قَالُوا وَتَأَمَّلُوا ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَنهُم : " وَقَالُوا إِن نَتَّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِن أَرضِنَا "
فَيَا لَهُ مِن مَنطِقٍ مَعكُوسٍ وَرَأيٍ مَنكُوسٍ !!
قَومٌ مَعَ كُفرِهِم وَشِركِهِم بِاللهِ ، يَعِيشُونَ في ظِلِّ بَيتِهِ الآمِنِ وَحَرَمِهِ المُعَظِّمِ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ ، ثم يَخشَونَ إِن هُمُ اتَّبَعُوا مَا جَاءَ مِن عِندِهِ مِنَ الهُدَى وَأَسلَمُوا لَهُ أَن يُتَخَطَّفُوا وَيَتَبَدَّلَ أَمنُهُم خَوفًا ، سُبحَانَ اللهِ ! أَيُّ تَبدِيلٍ لِلحَقَائِقِ كِمِثلِ هَذَا التَّبدِيلِ ؟!
وَأَيُّ مُغَالَطَةٍ أَكبَرُ مِن هَذِهِ المُغَالَطَةِ ؟!
وَأَيُّ مُخَادَعَةٍ لِلنُّفُوسِ أَحقَرُ مِن هَذِهِ المُخَادَعَةِ ؟!
وَمَا هَذَا الخَوفُ الَّذِي يَتَحَدَّثُونَ عَنهُ بِسَبَبِ الإِيمَانِ ؟!
تَبًّا لهم مَا أَشَدَّ جَهَالَتَهُم وَأَظهَرَ حُمقَهُم !
أَيَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَهُمُ النَّاسُ لَوِ اتَّبَعُوا هُدَى اللهِ ، وَاللهُ هُوَ الَّذِي مَكَّنَ لهم هَذَا الحَرَمَ الآمِنَ مُنذُ أَيَّامِ أَبِيهِم إِبرَاهِيمَ إِمَامِ الحُنَفَاءِ المُوَحِّدِينَ ؟!
أَفَمَن أَمَّنَهُم وَهُم عُصَاةٌ بَل وَمُشرِكُونَ يَدَعُ النَّاسَ يَتَخَطَّفُونَهُم وَهُم تُقَاةٌ مُؤمِنُونَ ؟!
لا وَاللهِ لا يَكُونَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُم لا يَعلَمُونَ وَلا يَفقَهُونَ ، وَمِن ثَمَّ فَقَد جَاءَ الجَوَابُ عَلَى دَعَوَاهُمُ البَاطِلَةِ سَرِيعًا وَاضِحًا ، يَرَاهُ غَيرُهُم كَمَا يَرَونَهُ ، وَلا يَستَطِيعُ أَحَدٌ أَن يُنكِرَهُ أَو يَجحَدَهُ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " أَوَلم نُمَكِّنْ لَهُم حَرَمًا آمِنًا يُجبى إِلَيهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيءٍ رِزقًا مِن لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمُونَ "
نَعَم ، لَقَد كَانُوا لا يَعلَمُونَ بِمَ يَكُونُ الأَمنُ وَلِمَن يَكُونُ الخَوفُ ؟
وَلَو تَأَمَّلُوا وَتَعَقَّلُوا لَعَلِمُوا أَنَّ الأَمرَ كُلَّهُ للهِ ، وَأَنَّ زَوَالَ الأَمنِ وَحُلُولَ الخَوفِ لا يَكُونُ إِلاَّ بِالكُفرِ بِهِ وَجُحُودِ نِعَمِهِ ، وَلَذَا قَالَ ـ تَعَالى ـ بَعدَ الآيَةِ السَّابِقَةِ : " وَكَم أَهلَكنَا مِن قَريَةٍ بَطِرَت مَعِيشَتَهَا فَتِلكَ مَسَاكِنُهُم لم تُسكَنْ مِن بَعدِهِم إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحنُ الوَارِثِينَ "

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أُمَّةَ الإِسلامِ ـ وَالزَمُوا عِبَادَتَهُ وَاعمَلُوا بِطَاعَتِهِ شُكرًا لِنَعمَتِهِ ، وَاحذَرُوا مِنَ الإِعرَاضِ عَن شَرِيعَتِهِ ، فَإِنَّنَا في زَمَنٍ عَادَ فِيهِ ذَاكَ المَنطِقُ القُرَشِيُّ المَنكُوسُ وَالقَولُ الجَاهِلِيُّ المَعكُوسُ ، وَصِرنَا نَسمَعُ في بِلادِنَا وَمِن بَني جِلدَتِنَا مَن يُرَدِّدُهُ وَيَتَشَدَّقُ بِهِ بِأَسَالِيبَ مُختَلِفَةٍ ، وَيَزعُمُ أَنَّ بَقَاءَنَا عَلَى مَا نَحنُ عَلَيهِ مِن تَطبِيقٍ لِلشَّرِيعَةِ وَإِظهَارٍ لِشَرَائِعِ الإِسلامِ ، وَتَرْكَنَا الدُّعَاةَ يَدعُونَ إِلى اللهِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ، سَيَجعَلُنَا مَنبُوذِينَ بَينَ العَالمِ ، وَسَيُخرِجُنَا ممَّا سَمَّوهُ بِالشَّرعِيَّةِ الدَّولِيَّةِ ، وَسَيَجعَلُ الدُّوَلَ تُحَارِبُنَا وَتُعَادِينَا عَن بَكرَةِ أَبِيهَا ، وَسَيُفقِدُنَا صَدَاقَتَهَا وَوُدَّهَا وَدَعمَهَا ، وَسَنَبقَى بهذا مُتَخَلِّفِينَ مُتَحَجِّرِينَ نَمَطِيِّينَ ، غَيرَ مُتَقَدِّمِينَ وَلا مُتَحَضِّرِينَ ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أُمَّةَ الإِسلامِ ـ وَلْنَلزَمِ العُروَةَ الوُثقَى وَالإِيمَانَ ، وَلْنَحذَرْ سُوءَ الظَّنِّ بِهِ ـ سُبحَانَهُ ـ فَإِنَّهُ لم يَكُنِ الكُفرُ يَومًا وَلا النِّفَاقُ وَلا مُدَاهَنَةُ أَعدَاءِ اللهِ وَمُوَالاتُهُم سَبَبًا في النَّصرِ ، وَلا جَالِبًا لِلأَمنِ وَالرَّخَاءِ وَوُدَّ النَّاسِ ، وَلَكِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ ظَنُّ مَرضَى القُلُوبِ وَالمَائِلِينَ إِلى سُبُلِ المُلحِدِينَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَتَرَى الَّذِينَ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَة "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحدَهُ اشمَأَزَّت قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُم يَستَبشِرُونَ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ فَإِن أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَنَّ بِهِ وَإِن أَصَابَتهُ فِتنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجهِهِ خَسِرَ الدُّنيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِينُ "
وَإِنَّما يَنصُرُ اللهُ مَن نَصَرَهُ بِاتِّبَاعِ الهُدَى الَّذِي جَاءَ مِن عِندِهِ " وَمَا النَّصرُ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ "
" وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ "


الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ تُقَاتِهِ ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ ، اِتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ ، وَاركَبُوا في سَفِينَةِ النَّجَاةِ وَلا تَكُونُوا مَعَ الكَافِرِينَ " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمَنُ وُدًّا "

إِنَّهُ لِيُؤسِفُ كُلَّ مُؤمِنٍ عَاقِلٍ ، أَن يُوجَدَ في دَولَةِ التَّوحِيدِ وَمَهدِ الإِسلامِ وَالهُدَى ، مَن إِذَا دُعُوا إِلى الإِيمَانِ وَالاستِقَامَةِ عَلَى الإِسلامِ في جَمِيعِ جَوَانِبِ الحَيَاةِ ، وَذُكِّرُوا بما حَقَّقَتهُ هَذِهِ البِلادُ مِن مُنجَزَاتٍ بِفَضلِ التَّمَسُّكِ بِالإِسلامِ وِالدَّعوَةِ إِلى اللهِ وَالسَّيرِ عَلَى مَنهَجِ السَّلَفِ ، عَادُوا لِذَاكَ المَنطِقِ الجَاهِلِيِّ وَقَالُوا لِدَاعِي الهُدَى : " إِن نَتَّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِن أَرضِنَا "
فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ! وَسُبحَانَ اللهِ ! كَأَنَّ التَّأرِيخَ لا يُقرَأُ وَلا يُعتَبَرُ بِأَحدَاثِهِ ! وَكَأَنَّ هَؤُلاءِ المَنكُوسِينَ لا يَعرِفُونَ السُّنَنَ وَلا يَستَلهِمُونَ العِبَرَ ؟!
إِنَّ ممَّا يَعرِفُهُ صِغَارُ الطُّلاَّبِ وَالمُبتَدِئُونَ في العِلمِ ، أَنَّ قُرَيشًا لَمَّا أَبَت عَلَى النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَعَت في الخَوفِ حَقًّا ، وَسَلَّطَ اللهُ عَلَيهَا نَبِيَّهُ وَأَصحَابَهُ ، ثم لَمَّا استَجَابُوا فِيمَا بَعدُ وَدَخَلُوا في دِينِ اللهِ أَفوَاجًا مَعَ غَيرِهِم رَجَعَ إِلَيهِم أَمنُهُم أَقوَى ممَّا كَانَ ، وَبَعدَ أَن كَانُوا مَحصُورِينَ في جَزِيرَتِهِم بَينَ شَامِهِم وَيَمَنِهِم ، خَرَجُوا في الآفَاقِ مُجَاهِدِينَ فَاتِحِينَ ، وَسَيطَرُوا عَلَى مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا ، وَغَدَوا مُلُوكًا لِلعَالمِ في رُبعِ قَرنٍ أَو أَقَلَّ . وَصَدَقَ اللهُ ـ تَعَالى ـ حِينَ قَالَ : " فَأَيُّ الفَرِيقَينِ أَحَقُّ بِالأَمنِ إِن كُنتُم تَعلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ "

أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ أَهلُ هَذِهِ البِلادِ ، وَلْيَحذَرُوا مَن أَن يَكُونُوا كَمَن قَالَ اللهُ فِيهِم : " لَقَد كَانَ لِسَبَإٍ في مَسكَنِهِم آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِزقِ رَبِّكُم وَاشكُرُوا لَهُ بَلدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعرَضُوا فَأَرسَلنَا عَلَيهِم سَيلَ العَرِمِ وَبَدَّلنَاهُم بِجَنَّتَيهِم جَنَّتَينِ ذَوَاتي أُكُلٍ خَمطٍ وَأَثلٍ وَشَيءٍ مِن سِدرٍ قَلِيلٍ . ذَلِكَ جَزَينَاهُم بما كَفَرُوا وَهَل نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ "

اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ ، بَسَطتَ رِزقَنَا ، وَأَظهَرتَ أَمنَنَا ، وَأَحسَنتَ مُعَافَاتَنَا ، وَمِن كُلِّ مَا سَأَلنَاكَ أَعطَيتَنَا ، فَلَكَ الحَمدُ بِالإِسلامِ ، وَلَكَ الحَمدُ بِالأَهلِ وَالمَالِ ، وَلَكَ الحَمدُ بِاليَقِينِ وَالعَافِيَةِ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ ، أَنتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَن فِيهِنَّ ، وَلَكَ الحَمدُ أَنتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَن فِيهِنَّ ، وَلَكَ الحَمدُ أَنتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَن فِيهِنَّ ، أَنتَ الحَقُّ وَقَولُكَ الحَقُّ وَوَعدُكَ الحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ . اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ كَلُّهُ ، لا قَابِضَ لما بَسَطتَ ، وَلا مُقَرِّبَ لما بَاعَدتَ ، وَلا مُبَاعِدَ لما قَرَّبتَ ، وَلا مُعطِيَ لما مَنَعتَ ، وَلا مَانِعَ لما أَعطَيتَ . اللَّهُمَّ ابسُطْ عَلَينَا مِن بَرَكَاتِكَ وَرَحمَتِكَ وَفَضلِكَ وَرِزقِكَ ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ النَّعِيمَ يَومَ العَيلَةِ ، وَالأَمنَ يَومَ الحَربِ ، اللَّهُمَّ وَآمِنَّا في الأَوطَانِ وَالدِّيارِ ، وَوَلِّ عَلَينَا خِيَارَنَا وَاكفِنَا شَرَّ الأَشرَارِ ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَينَا بِذُنُوبِنَا مَن لا يَخَافُكَ فِينَا وَلا يَرحَمُنَا ، اللَّهُمَّ قَرِّبْ إِلى وُلاتِنَا كل بِطَانَةٍ صَالحَةٍ نَاصِحَةٍ صَادِقَةٍ ، وَحَبِّبْ إِلَيهِم كُلَّ يَدٍ أَمِينَةٍ نَزِيهَةٍ ، اللَّهُمَّ وَجَنِّبْهُم بِطَانَةَ الفَسَادِ وَالفِتنَةِ وَالسُّوءِ وَالخِيَانَةِ . اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤتي المُلكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ ممَّن تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، اللَّهُمَّ انصُرْ مَن نَصَرَ الدِّينَ ، وَاخذُلْ مَن خَذَلَ عِبَادَكَ المُؤمِنِينَ ، اللَّهُمَّ مُنزِلَ الكِتَابِ وَمُجرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحزَابِ ، اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِمَن عَادَوا عِبَادَكَ وَعَاثُوا فَسَادًا في أَرضِكَ ، اللَّهُمَّ شَتِّتْ شَملَهُم ، وَفَرِّقْ جَمعَهُم ، وَزَلزِلِ الأَرضَ مِن تَحتِ أَقدَامِهِم ، اللَّهُمَّ أَحصِهِم عَدَدًا ، وَاقتُلهُم بَدَدًا ، وَلا تُغَادِرْ مِنهُم أَحَدًا ، اللَّهُمَّ لا تَرفَعْ لهم رَايَةً ، وَلا تُبَلِّغْهُم غَايَةً ، وَاجعَلْهُم لمن خَلفَهُم عِبرَةً وَآيَةً ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَجعَلُكَ في نُحُورِهِم ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن شُرُورِهِم ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ ، وَاجعَلْ عَلَيهِم رِجزَكَ وَعَذَابَكَ . اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، يَا مَن لَهُ الأَسمَاءُ الحُسنى وَالصِّفَاتُ العُلُى ، يَا كَاسِرَ الأَكَاسِرَةِ وَيَا قَاصِمَ القَيَاصِرَةِ وَيَا مُذِلَّ الجَبَابِرَةِ ، اللَّهُمَّ أَذِلَّ الطُّغَاةَ المُتَسَلِّطِينَ وَاكسِرْ شَوكَتَهُم ،،، إِلَهَنَا ، مَن لِليَتَامَى المَقهُورِينَ ، إِلَهَنَا ، مَن لِلشُّيُوخِ المُشَرَّدِينَ ، إِلَهَنَا ، مَن لِلمُسلِمِينَ المُوَحِّدِينَ المُستَضعَفِينَ ، إِلَهَنَا ، إِنَّ في عَالَمِنَا الإِسلامِيِّ أَرَاضِيَ مَنكُوبَةً وَأَعرَاضًا مَغصُوبَةً ، وَأَشلاءَ مَمَزَّقَةً وَكُبُودًا مُحَرَّقَةً ، اللَّهُمَّ فَانصُرْ إِخوَانَنَا مِن أَهلِ السُّنَّةِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى والرَّافِضَةِ المُجرِمِينَ ، اللَّهُمَّ كُنْ لإِخوَانِنَا مُؤَيِّدًا وَنَصِيرًا ، وَمُعِينًا وَظَهِيرًا ، اللَّهُمَّ استُرْ عَورَاتِهِم ، وَآمِنْ رَوعَاتِهِم ، اللَّهُمَّ احفَظْهُم مِن بَينِ أَيدِيهِم وَمِن خَلفِهِم ، وَعَن أَيمَانِهِم وَعَن شَمَائِلِهِم ، وَمِن فَوقِهِم ، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِن أَن يُغتَالُوا مِن تَحتِهِم ، اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّهُم وَاكشِفْ كَربَهُم ، اللَّهُمَّ تَوَلَّ أَمرَهُم ، اللَّهُمَّ اشفِ مَرِيضَهُم ، وَفُكَّ أَسِيرَهُم ، اللَّهُمَّ وَثَبِّتَ أَقدَامَ مُجَاهِدِيهِم وَقَوِّ إِيمَانَهُم وَاربِطْ عَلَى قُلُوبِهِم ، اللَّهُمَّ وَانصُرْهُم نَصرًا مُؤَزَّرًا .






التوقيع

رد مع اقتباس
 
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:21 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir