اقدم لكم قصه عدوان الهربيد مع ابن اخيه

سـالفـة شــــاعر من شــــمر )))

--------------------------------------------------------------------------------

أقدم لكم سالفة شاعر شمر مع ابن اخيه.
قبل السالفة أود الايضاح عن منهو شاعر شمر؟
كأن كبار وعوارف شمر قد اجتمعوا بقصر برزان في مجلس ابن رشيد وتسألوا عن منهو شاعر شمر فقد أجمع المجلس على خمسة شعراء من شمر هم من يمثلون القبيلة وهم:
مبيريك التبيناوي الشريهي وعدوان الهربيد السويدي وخضير الصعيليك الأسلمي وخلف أبو زويد ابن رخيص الزميلي وعجلان الرمالي.
وقد قال ابن رشيد نريد شاعر من هؤلاء الخمسة فقالوا:
عدوان الهربيد السويدي من شمل الزامل من بطن سنجارة من قبيلة شمر الطائية هو سيل يغطي الشعراء الخمسة كلهم.
من الذي قرر شاعر شمر هم زعماء ورؤساء القبيلة, وهم مجموعة رجال لهم مكانتهم وليس رجل من خارج القبيلة يقرر ويطلق لقب شاعر شمر, والذين قرروا قد قالوا شاعر شمر ولم يقولوا شاعر الشمرين بالرغم من نفس الظروف الحالية لوجود شمر بالشمال وبنجد واللقب لم يطلقه الشاعر على نفسه بل أعيان قبيلته تطلقه عليه وشمر أعرف بمن هو كفو يمثلهم ولا فينا نقص علشان نستعين بأشخاص من خارج القبيلة يطلقون اللقب على أحد الأشخاص الذين يعبرون عن أنفسهم وليس عن قبيلتهم كما قال المتنبي:

وهل يصح في الأذهان شيء
***** إذا احتاج النهار إلى دليلٌ
انتهى.

الســـالفـــــــــة

كان لعدوان الهربيد ثلاث اخوان وهو زعيم اخوته الثلاثة بسبب كونه شاعر وصقار وصاحب رأي وكان عدوان لم يتزوج بعد ومعه أخوته معهم عوائلهم وكانوا بدو يقطنون النفود الكبير الواقعه بين منطقة حائل ومنطقة الجوف وعدوان بكونه صقار كان يخرج صباح كل يوم وقت الفجر على راحلته (ذلوله) ومعه طيره يقنص من صيد الأرض ويعود الى اخوته مع غروب الشمس محمل بالصيد سوى كانت من ظبي أو حبارى أو أرنب وكان لأحد أخوته ابن يدعى جريس وكان هذا الطفل مولع بعمه عدوان وكان يحبه ومتعلق فيه وكان الطفل ابن السنتين او الثلاث سنوات من عمره وفي أحدى الايام اخذ عدوان الهربيد ابن أخيه جريس في رحلة الصيد المعتادة ووضعه على خرج الذلول (أي جيوب من القماش توضع على سنام الراحله من اجل وضع الزاد والأشياء الضرورية) وفي أثناء سيره على راحلته رأى صيد فكشف عن طيره وهدّه على الصيد وأبعد الطير مسافات بعيده فنزل عدوان من على راحلته وأخذ يجري ليرى طيره فلّما تبيّن له رآه قد نزل بفرش أو خبّ (أي أرض من الطين ذات مساحة كبيره هابطه عن مستوى النفود وتحدها الرمال من الأربع جهات) قد امتلاء هذا الفرش من الجراد والمعروف عند أهل الخبرة بالطيور والصقارين أن الطير أذا وجد الجراد لا يمكن ان يعود لصاحبه لأنه يمشي ويأكل فلا يستطيع صاحبه اللحاق به ولا يوجد مثل الآن ريشة وأجهزة تحدد مكان الطير أيّن كان فقال عدوان الهربيد الله يخلف علينا بالطير ورجع يريد الراحله وابن اخيه جريس فلما اقبل عليها فأخذت تتحرك وترفع وتخبط فأراد عدوان تهدءتها فأنقطع القياد أو الرسن الذي تربط فيه الراحله من اجل ان لا تذهب وفرت هاربة وكان جريس على ظهرها وأخذ يتبع الراحله طوال ذالك اليوم الى أن غابت الشمس ودخل الليل ولم يستطع اللحاق بها وضاعت في الظلام ومعها جريس فتوقف عدوان وقال ان لله وان إليه راجعون (أنا وش جاني) وعاد مشيا على الأقدام إلى منزله ومنزل اخوته واهاليهم فلما اقبل على المكان فلم يجد لا بيت ولا حلال ورأى شي فأقبل عليه فأذا بنساء اخوته فسلّم عليهم وقالن النساء : من عدوان؟
قال: نعم عسى ما شر!!!!! وين البيت والرجال والحلال ؟
قالن النساء: هجم علينا غزو أثناء غيابك فذبحوا أخوتك وأخذوا الحلال ولم يضعوا لنا سوى هذا الجمل وبعض الأكل والبقى برأسك يا عدوان ولا لنا حيله ولا لنا الا الله ثم انت ففزعت أم جريس تسأل عن جريس اين جريس؟
فقال: عدوان انا اليوم جرى علي كذا وكذا وضاع البعير وجريس بالليل فعزوا بعضهم وصارت ليلة مصايب وصياح وقال عدوان نبيت الليلة بهذا واذا جاء الصبح يصير خير وفي وقت الفجر من بكرى اذا بصوت قريب من مبيت عدوان والنساء ففزعوا من المنام فأذا براحلة عدوان التي عليها جريس قد رجعت للمراح (مكان الأبل) فسمعوا صياح جريس عليها فتباشروا وأخذوا الطفل وأخذ عدوان النساء والطفل ورحل بهم الى قرية قناء وهي من قرى الرمال من شمر الواقعة شمال حائل وتبعد حوالي 40 كيلومتر على طريق جبة وأخذ فترة بالقرية وبعدها رحل بهم الى أهاليهم ورجع عدوان بعد عام من هذه السالفة للنفود وحيد وبينما هو يجوب النفود وفي الشتاء والأمطار قد ملت الارض مرّ على مكان منزله هو وأخوته فلم يرى سوى مكان النار والهوادي الثلاثة الهوادي (ثلاثة من الأحجار توضع عليها قدور الطبخ) والأراضي خالية لا سكان ولا حلال فتحركت قريحة عدوان بسبب هذا المنظر الذي أعاد له الذكرى الماضية والحنين على أهله كما قال ابن خلدون عبقرية المكان فأخذ يشدو عدوان الهربيد من هذا المنظر هذه الأبيات الحزينة يقول:

عمار يا دار نزلنا بك العام
***** بين الحجر يا دار وأشراف ضاحي

يا دار ما بك من هلك جرة أقدام
***** والمال ماله جرّتن بالمراحي

بس الثلاث اللي تقل روس خدام
***** وأرضن تصفقّ به نشيط الرياحي

يا جريس واخانت ملابيد الأيام
***** خانت ملابيد الليال اللقاحي

أوقد قبلي قدّهم للزرق الخام
***** أو قدّ غربن مع شفى البير طاحي

راحوا كما حلمن يحزاه حلاّم
***** أو برق صيفن بأول الليل لاحي

سقاك من غرن تهشّم له أرزام
***** غرن سقى يا دار خالي أمراحي

ورجع عدوان الى ديرة خوال جريس وطلبهم جريس وقال: أريد ابن أخي معي فأعطته أم جريس جريس وأخذه وكان عمره حوالى الخامسة أو السادسة تقريباً وذهب به الى النفود ومروا على مكان منزلهم قبل سنتين فقال عدوان لجريس ان هذا المكان مكاننا أنا وأبوك وعمامك قبل عامين فأنشد عدوان الهربيد قالاً:

راكبن من فوق مسطورة العين
***** قطّاعة الدو الخلاوي بالهذال

مثل القطاة اللي تظم الجناحين
***** كدريّتن جابه قطوع اشهب اللال

عملت انا يا جريس لي وقم بيتين
***** أوي بيطارن للأشعار عمّال

شغلتهن شغل الفرنك الملاعين
***** وخليتهن يمشن مع الدرب جودال

قطمن كما النيرات بالقالم الزين
***** ما قيل بيتن عن سنع دربهن عال

يا جريس يا مشكاي بالله تشاكين
***** أفهم وصاة اللي على نظم وارسال

دارن لأهلنا ما بها من يحاكين
***** بس الثلاث السود والمرح الأسمال

راحو كما غيمن نشى بأول الحين
***** تقفته غربية العصر وانجال

عقب المروبع والنشاما الحبيبين
***** اليوم لا طربة ولا حلو منزال

راح الطرب والكيف والمقعد الزين
***** وعقب الجواده رصّن الله على الجال

دليت انوح من الجروح الكوانين
***** عدي خلوجن طاوله خلج الاعوال

وواصلوا مسيرهم في وقت شتاء ووقت ضرير لكن ذهبوا من اجل العيش والبحث عن الصيد واستمروا بالسير الى أن وصلوا الى منطقة الطويل أو جبل الطويل وهو يقع جنوب غرب دومة الجندل وكانت الأرض ملئيه بأشجار الغضى وملئيه بالسباع ومنطقة تكثر فيها الذئاب فأخذ يصطاد عدوان الهربيد من النفود ظباء ومن الجبل بدون وكان معه سلاح من الأسلحة القديمة وكانت تسمى الفتيل فتيل ثلاثي ورباعي وخاف عدوان على جريس من أن تأكله السباع أو الذئاب فوضع جريس فوق شجرة غضى كبيرة ومرتفعة بحيث لا يستطيع أي حيوان أن يصل اليه وأصبح جريس له مثل عش الطيور فوق شجرة الغضى وكان عدوان يجلي الحيوانات التي يصطادها والجلاء هو أن يعزل جلد الصيد عن جسمه ثم يضعه في الشمس ثم يجمع هذه الجلود واذا نتهى رصاص السلاح وأطلاقه وضع لحم لجريس في هذه الشجرة وذهب الى مدينة الجوف وأخذ يبيع هذه الجلود ويشتري بثمنها رصاص وعاد الى مكانه الذي يسمى الطويل الى ابن اخيه جريس وتستغرق رحلته هذي اسبوع تقريبا وكان حريص على جريس وعلى إعاشته وأحيان يبكي الطفل في نصف الليل ويأخذ عدوان من اللحم ويطعم جريس وكان الوقت شتاء وبرد واستمروا فترة وبعدها عادوا الى مدينة حائل ورجع عدوان الى ام جريس وخطبها من أجل جريس وتزوجها وأعاد الله لهم الجمع وألتم الشمل واستقروا بالحاضرة ومضت الأيام والسنين وكبر جريس وأصبح شاب وأخذ يستئهزي ويسخر من عمه وكان عاق له واخذ عدوان يلاطفه لعله ينتهي عن هذي الطبائع ولكن جريس تمادى في العقوق وعدم التقدير فأخذ عدوان يخاطب نفسه ويعيد الماضي وما قام به تجاه هذا الطفل الذي اعتناء به أفضل عناية وكان له بمثابة ابيه أو راعية ومن يهتم فيه فأنشد يقول ويذكر جريس بما فعل به لعله ينتهي فقال:

يا جريس يا مشكاي شاكن وأشاكيك
***** أشوفها من يم الأقراب ضاقه

يا جريس أخذت أمك علشان تاليك
***** وجبناه مع عرق الرحامه عشاقة

يا جريس خليتن وانا ما أقوى أخليك
***** تنكس كما تنكس على الولد ناقه

يا جريس عفتن يوم عرضن علابيك
***** وجمعت مع خبث الطبايع نزاقه

ياما بعدلات المناظر نعشّيك
***** وأعطيك من غير الخزيزة لحاقه

بثلاثي يا ثار حسه يشويّك
***** في ليلةٍ يوم العشاء به شفاقه

ياما على متني تعاقبن أياديك
***** قمت أنقلك يا جريس مثل العلاقه

يا جريس مالي بالأداني وأقاصيك
***** يا صار دوني محزمن من دقاقه

يا صار بالدنيا صديقك يخلّيك
***** ما من ورى عوج النصايب رفاقه

اللي نبت بلحي ربعك نبت بيك
***** مار ان تنفيل اللحي بافتراقه

تيسن يحطه وال الأقدار بيديك
***** أحلى من الشرشوح عند الرفاقه

ولم ينتصح جريس وركب رأسه واستمر في الهزو والغلط وعقوق عمه وقال عدوان أنا كبر سني ولا طاقتي لي بمجادلة جريس ولكن سوف أعطيه من النصح وأبيات الشعر وتذكيره بما قدمت له بالحياة لعله ان يسمع او يتأثر بكلامي فقال:

يا جريس عسى ماهو جريس اليماني
***** والأ جرس وضحى تموح الجنابه

جريسن اللي بالمدامث رماني
***** رميت حصاتن بي هدايم خرابه

يا جريس ما قطعّت عنك الحساني
***** ولو وليتي قشرى تدور القضى به

أطلعت راسك يوم ربي هداني
***** امن الشوحة اللي يستدير الرشى به

بأيام ياكلن الضرى كل واني
***** وأيام طرد الضيف لو به عتابه

يا جريس مدلوك التسيعي كواني
***** حزة طلوع الشمس والا غيابه

ياما نلوذ بكل خضراء مثاني
***** يومن به الشعراء ترفع ثيابه

وأعطى سفودن من كرام اليماني
***** اقفي كما الكساب لو قال مابه

عن قولة الهربيد يا جريس جاني
***** أو قولة الطلاّب لا لا سعى به

ياما نفعك امن الضنى كل داني
***** يا جريس مابه عيال الأخوان ثابه

يا جريس هذا الصيف زين الصخاني
***** وأظهر قناديل الشجر كل مابه

ويقصد عدوان بقناديل الشجر أي نبت شعر وجهك وأصبحت رجال وقال في قصيدة ثانيةمن باب التذكير:

يا صرت من عمسين الأشوار تختار
***** من شمر تاخذ جريس على الراس

عيّن عوج ما فيه وردن ومصدار
***** بير العيى لو قيس ما بيه قرياس

انت الذي تجزى عميلك بالأنكار
***** وأنا بعد مثل الذي يطبخ الفاس

يبي المرق من له مابين قدرن وفوّار
***** بالسوق فاس طول الأيام يبّاس

وأخذ عدوان الهربيد يعطي ابن اخيه من النصايح والأبيات التي تذكره بما قدم له عمه من خير ومعروف إلى انه قيل أن جريس أعتدل ورجع الى صوابه وأبتعد عن الهزو بعمه والسخرية منه وعقوقه.