لَمَّا كَبِرَ قَالَ لأمِّهِ :
لِمَ لَمْ تُنْجِبِي لِي أخاً أتَّكِىءُ عَليهِ حِينَ أتعَب
قَالتْ لَه : لَقَدْ حَانَ الوَقْتُ لأُخْبِرْكَ مَا فَعَلَ قَابِيل !
قَالتْ لَه _ وَهِيَ تَهُمُّ بالرَّحِيلِ _ : أَوْصِنِي
قَالَ : تَقْوَى الله ، وأَنْ لا تَمْشِي تَحْتَ المَطَرِ فَالسُّكَرُ يَذُوبُ فِي المَاء !
.
فِي دَائِرَةِ الهِجْرَةِ سَأَلُونِي
أَأَنْتَ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْ جَوَازِ سَفَرٍ
قُلتُ لَهُم : لا ، أَنَا الَّذِي أبْحَثُ عَن وَطَن !
عَلِّمُوا أوْلادَكُم التَّارِيخَ
وَلكِن احذَرُوا أنْ تَجْعَلُوهُم يَعِيشُونَ فِيهِ
لا أَحَدَ يَرغَبُ أنْ يَعِيشَ فِي متحَفٍ مَهْمَا كَانَ جَمِيلاً !
الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ أنْ يَتَخَلَّصُوا من أَرَقِهِم بِشِرَاءِ وَسَائِدَ جَدِيدَة
سَيَكْتَشِفُونَ صَبَاحاً أنَّ الوَسَائِدَ لا تَكْفِي لإبْرَامِ صَفْقَةِ نَوم !
.
.
أَحْيَاناً أَحسدُ أُمِي
فَهِيَ تَنْشُرُ غَسِيلَهَا دُونَ أنْ تَخْشَى شُرطَةَ جَرَائِمِ المَطْبُوعَات !
حِينَ يُعْلِنُ الوَطَنُ زِيَادَةً فِي مُوَازَنَتِهِ
ثُمَّ لا تَجِدُ أنَّ رَغِيفَكَ صَارَ أَكْبَر
وحِينَ يُعلِنُ سِيَاسَةً تَقَشُّفِيَّة
فَتُقَرِرَ أن تَتَنَفَّسَ بِرِئَةٍ وَاحِدَةٍ كَنَوْعٍ مِن التَّضَامُن
فاعلَم أنَّكَ مُوَاطِنٌ صَالِح !
حَدَّثَنِي صَايِعٌ قَالَ :
للمَدِينَةِ أَرْصِفَةٌ
وللأرْصِفَةِ حَكَايَا تَكْتُبهَا أَحذِيةُ المَارَّة
ولكِنَّكَ لستَ صِايِعا بِمَا يَكفِي لتَقرَأَ
قُلتُ لَه : وَبِمَ تَنْصَحُ يَا رفِيق ؟
قَالَ : بألّا تَجعَل أوجَاعَكَ مَشَاعاً
قُلتُ : ومَا السَّبِيل
قَالَ : أنْ تَمشِيَ بِلا حِذَاءٍ !
التي وَلَدَتْ تَوْأَمَينِ مُتَّصِلَين
كَانَتْ تَعْرِفُ أكثَرَ مِن غَيرِهَا أنَّ الدُّنيَا تُفَرِّقُ بينَ الأَخِ وأَخِيهِ
.
.
انثُرُوا أوجَاعَكُم عَلَى رُؤُوسِ الجِبَالِ
وقُولُوا للطَّيرِ : بَحْ ، لَمْ يَعُدْ عِنْدَنَا قَمْحٌ
فَالخَلِيفَةُ السَّادِسِ تَأَخَّرَ كَثِيراً فِي المَجِيءِ
والإسْلامُ مُنْذُ زَمَنٍ لا يَحْكُمُ بِلادَ المُسْلمِين !
حِينَ قَطَّبَ الأَبُ حَاجِبَيهِ
قَالَ لَه الصَّغِيرُ : أَطَالَ اللهُ بِعُمرِكَ يَا أَبَي
إنّ اليَتِيمَ مَنْ لا أُمَّ لَه
فِي اليوم الوَطَنِيّ انقَسَمَ النَّاسُ إلى قِسْمَينِ
قِسْمٌ لَمْ يَعرِفْ مَا هُو الوَطَن
وآَخَر لم يَعْرِفْ مَا هُو اليوم الوطني
ولكِنَّهُم جَمِيعاً رَقَصُوا !
كَانَ جَدِّي كُلّ ليْلَةٍ يَقُولُ لِي :
كُنْ صَالِحاً يُكَافِئكَ اللهُ بِعُمَرَ بن خَطَّابٍ جَدِيد
ولأَنِّي خُنتُ الوَصِيَّةَ
عِشْتُ فِي زَمَنٍ يَحْكمهُ ألفُ حَجَّاجٍ
كُلُّ شَيْءٍ عَارٍ إلَّا الحَقَائِق !
كَانَ مِنَ الطَّبِيعِيّ أن نَقِفَ عَلى عَتَبَاتِ التَّارِيخِ كَالأيتَامِ
فَقد خَسِرْنَا مَعرَكَةَ الجُغرَافيَا بِفَدَاحَةٍ !
الشَّامُ تُصَافِحُ اليَمَنَ وتَقُول :
نَحنُ فِي المَذبَحَةِ أُختَان
هَكَذَا هُم النَّاسُ فِي هَذا العَصْرِ يَجمَعُهُم الظُّلمُ والقَهْرُ والمَوتُ
وَتُفَرِّقُهُم أَمرِيكَا !
يَومَ أُصِبْتُ بالحُمَّى عَرفْتُ أنَّ لكُلِّ شَيءٍ لُغَة
قَالت المِرآةُ : تَباً ، إنَّه الوَجهُ النَّحِسُ من جَدِيدٍ
قَالَ الصَّابُونُ : مَا أنتَنَ البَشَر
وقَالَ المَاءُ : كَفَّاكَ نَظِيفََان يَا أحمَق ، اغْسِلْ قَلبَكَ !
" تَعَلَّم الصِّينِيَّةَ فِي أُسبُوعٍ "
" تَخَلَّصْ من اكتِئَابِكَ فِي ثَلاثَةِ أيَّامٍ "
عَنَاوينُ كُتُبٍ لم أشْتَرِهَا لضِيقِ الوَقْتِ !
لَقَد اشتَريتُ
" سِتُّونَ خُطوَةً لتُحِبَّ زَوجَتَكَ "
تَبَيَّنَ بَعدَهَا أَنَّ المُؤَلِّفَ له تَجْرِبَتَي طَلاق
" دَعِ اليَأسَ وابْدَأ الحَياةَ "
مُؤَلِّفُ شَنَقَ نَفْسَه بَعدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَط عَلى أَوَّلِ طَبْعَة !