أنزلوا القرآن منزلته؛ فأعلى الله تعالى منزلتهم.. فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته } [رواه أحمد والنسائي].
رفعوا القرآن قدره، فرفع الله قدرهم، وجعل من إجلاله إكرامهم..
فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنّ من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه.. } الحديث [رواه أبو داود].
ففضلهم ليس كفضل أحد، وعزهم ليس كعز أحد..
فهم أطيب الناس كلاماً، وأحسنهم مجلساً ومقاماً.. تغشى مجالسهم الرحمة، وتتنزل عليهم السكينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده } [رواه مسلم].
وهم أولى الناس بالإمامة والإمارة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله تعالى } [رواه مسلم].
ولما جاءت الواهبة نفسها للنبي فجلست، قام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها، وفيه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ماذا معك من القرآن؟ } قال: معي سورة كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تقرأهن عن ظهر قلبك؟ } قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذهب فقد ملكتها لما معك من القرآن } [متفق عليه].
بل وحتى عند الدفن فلصاحب القرآن فيه شأن.. فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: { أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ } فإذا أشير الى أحدهما قدّمه في اللحد.. [رواه البخاري].
وهم مع ذلك في حرز من الشيطان وكيده.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة } [رواه مسلم].
وهم كذلك في مأمن من الدجال وفتنته.. فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال } [رواه مسلم].
هذا شيء من منزلتهم في دار الفناء، أما في دار البقاء فهم من أعظم الناس كرامة وأرفعهم درجة وأعلاهم مكانة.
فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها } [رواه أبو داود والترمذي].
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويُكسى والديه حُلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كُسينا؟، فيقال بأخذ ولدكما القرآن } [صححه الحاكم ووافقه الذهبي].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلّهِ، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حُلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال: اقرأ وارق، ويزداد بكل آية حسنة } [رواه الترمذي].
وهم مع هذا في موقف القيامة آمنين إذا فزع الناس، مطمئنين إذا خاف الناس، شفيعهم - بعد رحمة الله تعالى - القرآن، وقائدهم هنالك سوره الكرام..
فعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه } [رواه مسلم]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما } [رواه مسلم].
فهل يا ترى يضيرهم بعد ذلك شيء..؟!